رحل تيسير قبعة ، نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ، أحد قيادات التشكيل الاول للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وأحد أبرز المساهمين في ولادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين ونواتها الاولى كمؤسسة شعبية وحدت عمل طلاب فلسطين وجهودهم من أجل الهوية والتمثيل والنضال ضد المشروع الاستعماري الاسرائيلي ، وأحد رموز حركة القوميين العرب الشابة في الخمسينيات وستينيات القرن الماضي .
رحل تيسر قبعة ، رفيق جورج حبش ، وياسر عرفات ، وأبو علي مصطفى ، ونايف حواتمة ، أي أحد قيادات الشعب العربي الفلسطيني الاولى ، ابن النكبة على الرغم من أنه من قلقيليا ، وابن الثورة الوطنية التي شكلت الارضية التي أنجزت ثلاث خطوات جوهرية في تاريخ الشعب الفلسطيني هي :
1- استعادة الهوية الوطنية الفلسطينية الممزقة بعد تبديدها وبعثرتها بين دول وكيانات وأحزاب مختلفة بل ومتناقضة ، فتم استعادتها بفعل النضال باشكاله المتعددة .
2- توحيد قوى وحركات وأحزاب وشخصيات فلسطين في مؤسسة تمثيلية واحدة هي منظمة التحرير ، وحدت الفصائل والاتحادات وممثلي الجاليات والشخصيات في اطار جبهوي موحد تحّول ليكون الممثل الشرعي الوحيد والناطق بلسان الشعب الفلسطيني والمعبر عن هويته الوطنية ، وشخصيته الفلسطينية الجامعة ، والمحافظة على حقوقه الوطنية ، والعمل على استعادتها .
3- عودة الملف الفلسطيني وموضوعه وقضاياه من المنفى الى الوطن بعد الانتفاضة الاولى عام 1987 ، باستثناء قضية اللاجئين ، وتحول الصراع من المنفى عبر الحدود ، ليكون على أرض الوطن بين الشعب الفلسطيني الصامد على أرض وطنه الذي لا وطن له سواه ، وبين عدوه الذي لا عدو غيره الذي يحتل أرض الفلسطينيين ، ويصادر حقوقهم ، ويعتدي على كرامتهم .
وعلى أرضية هذه العوامل الثلاثة حقق الشعب والمنظمة حالة الاعتراف الدولي بحقوق الفلسطينيين والاقرار بها ، وقد كان لتيسير قبعة اسهامين مباشرين في النضال الطويل الامد للشعب الفلسطيني الاول عبر الاتحاد العام لطلبة فلسطين كقاعدة جماهيرية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، والثاني عبر المجلس الوطني الفلسطيني ، فقد قاد تيسير قبعة شخصياً وفود المجلس الوطني لمؤتمرات الاتحاد البرلماني الدولي ، وبقي طلب المجلس الوطني معلقاً لأكثر من خمسة عشر عاماً وهو يعمل لقبول المجلس الوطني كبرلمان للشعب الفلسطيني حتى تم الاقرار بذلك وقبوله ، ومنذ أن اكتسب المجلس الوطني الفلسطيني عضوية البرلمان الدولي ، عمل تيسير قبعة من أجل الهدف الاخر وهو طرد البرلمان الاسرئيلي من عضوية البرلمان الدولي لما اقترفه الكنيست الاسرائيلي من خروقات للقرارات الدولية الخاصة بالشعب الفلسطيني ، والمعارضة لحقوق الانسان بما فيها قرارات ذات طابع عنصري ، ولكن تيسير قبعة رحل قبل أن يحقق مراده في أن يجعل برلمان المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي يقع تحت طائلة المسؤولية ، ويدفع ثمن الجرائم الاستعمارية والعنصرية التي يقترفها ، وتجد لها التشريع من قبل البرلمان الاسرائيلي مما يستوجب معاقبة القائمين على المشروع الاحتلالي وعلى برلمانه المنتخب الذي يشكل غطاء لسياساته واجراءاته التوسعية العنصرية ، انعكاساً لحالة الغالبية من الاسرائيليين كمستوطنين أجانب مستعمرين لأرض الفلسطينيين ووطنهم .
رحل تيسير قبعة تعبير عن نهاية جيل ومرحلة ، وكمحطة انتقالية لجيل ومرحلة أخرى في حالة مخاض ننتظر ولادتها من قيادات الداخل ، من أبناء 67 وأبناء 48 ونضالهم الوحدوي الجبهوي المشترك ضد العدو الوطني والقومي الواحد ، مسنوداً هذا النضال من أبناء الفلسطينيين في بلاد الشتات والمنافي عبر المؤسسة الواحدة التي تجمعهم منظمة التحرير ومجلسها الوطني والمركزي وتقودها لجنة تنفيذية معبرة عن مكونات الفلسطينيين الثلاثة : أبناء مناطق 48 وأبناء مناطق 67 وأبناء المخيمات والمنافي والشتات في نضالهم واحد مشترك لاستعادة حقوق شعبنا العربي الفلسطيني الثلاثة : المساواة والاستقلال والعودة .