مرة اخرى تعود قضية الاعدامات في محافظات الجنوب للواجهة، بعدما اعلن ما يسمى قضاء انقلاب حركة حماس احكاماً باعدام ثلاثة عشر مواطنا فلسطينيا بذرائع مشكوك بها من حيث المبدأ. ولتجاوز عقدة مصادقة الرئيس محمود عباس، عقد اعضاء كتلة التغيير والاصلاح التشريعية في قطاع غزة مع صور أقرانهم في الضفة والسجون، وأخذوا قرارا، بان صلاحية الموافقة للاعدام لهم وليست للرئيس ابو مازن، وهو ما يعني مخالفة فاضحة ثانية للقانون الاساسي.

تعلم قيادة حركة حماس، انها فاقدة للاهلية والشرعية، مع تنفيذها قرار الانقلاب على الشرعية في اواسط حزيران 2007. ولم يعد اعضاء كتلتها المنتخبون مطلع 2006 المقيمون في قطاع غزة او الضفة بما في ذلك القدس، الذين ساندوا الانقلاب يملكون اية شرعية دستورية. لأن من يقبل التعامل مع قيادة الانقلاب الاسود على الشرعية، يكون بالضرورة نقيضا وخارجا عليها، الامر الذي يعني انتفاء وإسقاط صفة الشرعية عنهم ككتلة وبشكل فردي. أضف الى أن ما تم التأكيد عليه في هذه الزاوية مرارا وتكرارا، بأن اجتماعاتهم لا تمت للشرعية بصلة. وكل ما اعلنوا عنه من قرارات مخالف جملة وتفصيلا للشرعية ونظامها الاساسي ومتناقض مع مصالح الشعب.

كما ان ادعاءها تمثيل الشرعية وامتلاكها الصلاحية للمصادقة على الاعدام مناف ومخالف للواقع والنظام الاساسي الناظم للعقد الاجتماعي الفلسطيني بين الحاكم والمحكوم. والاهم فإن إصرارها على المضي قدما في خيارها الانقلابي بفرض قوانين متناقضة مع آليات عمل النظام السياسي الفلسطيني، يعني رفضها كليا خيار المصالحة الوطنية، وتأبيد خيار الامارة المعادي لمصالح الشعب الفلسطيني العليا.

أضف الى ان العالم والدول المعنية بتطبيق المعايير المدنية أخذت في العقود الاخيرة تتجه نحو إلغاء عقوبة الاعدام من دساتيرها وقضائها، واستبدلتها بعقوبات أخرى، لأن مبدأ الاعدام بات مرفوضا. وباستخدام المعايير الانسانية الجديدة، تمكنت الدول من تحقيق العدالة. وبالتالي فان مضي حركة الانقلاب الحمساوية في احكامها ومحاكمتها غير الشرعية انما هي محاولة لارجاع المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة الى القرون الوسطى الظلامية، التي لا تستجيب لروح العصر وتطور المدنية البشرية.

ووفق بعض المعلومات، التي نشرها مختصون، فإن احكام الاعدام، التي اصدرتها محاكم التفتيش الحمساوية غير الشرعية، تفوق في حجمها اكثر دول العالم تبنيا لهذه العقوبة. الامر الذي يشير إلى ان قيادة حماس الانقلابية، تريد إخضاع ابناء الشعب الفلسطيني في غزة بالحديد والنار والاعدامات. وهذا مرفوض من قبل الشعب والقيادة والقوى السياسية والمجتمع المدني.

وإن كانت حركة حماس معنية ولو بالحد الادنى بخيار المصالحة، فإن الضرورة تملي عليها إعادة نظر في قرار الاعدامات، وإسقاط دعاوى كتلة التغيير، التي تحتاج الى تغيير. وفتح افق امام خيار المصالحة، وتوسيع دائرة الامل والايجابيات امام الشعب. لكن ان بقيت مصممة على مواصلة اخذ القانون باليد، وادارة الظهر للنظام الاساسي وخيار المصالحة الوطنية، فإن القوى السياسية وقطاعات ومكونات الشعب مطالبة بالتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، ولجم نزعات حماس الظلامية والعمل على تفكيك مركبات الانقلاب بالانتفاضة عليه. لم يعد مقبولا مواصلتها (حماس) ارتكاب الحماقات والانتهاكات الخطيرة، التي هددت وتهدد مصير ومستقبل الشعب والقضية والنظام السياسي الفلسطيني.