كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، النقاب عن اعتراض الحكومة المصرية على مساعي المصالحة بين "إسرائيل" وتركيا التي تتركز في أحد بنودها على فك الحصار الإسرائيلي عن غزة ومنح تركيا موطئ قدم فيها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخشية من تضرر العلاقات الإسرائيلية المصرية، على خلفية الموقف من المطالب التركية تجاه غزة، تشكل عائقا أمام توصل تل أبيب إلى اتفاق مصالحة مع أنقرة.

وأشار المراسل السياسي لـ«هآرتس» باراك رابيد إلى أن مصر توجهت مؤخراً إلى إسرائيل مطالبة بالحصول على توضيحات بشأن التقدم في محادثات المصالحة مع تركيا.

ونقل المراسل عن مسؤولين «كبار» في تل أبيب قولهم لصحيفته إن الحكومة المصرية أعربت عن تحفظات إزاء منح تركيا أي دور في قطاع غزة، وطلبت معرفة إن كانت إسرائيل تعهدت للأتراك بأي تسهيلات في الحصار المفروض على القطاع.

وبحسب «مسؤول إسرائيلي كبير» فإن معارضة مصر باتت تشكل أحد العوامل التي تجعل من المتعذر حالياً التوصل لاتفاق مصالحة نهائي بين إسرائيل وتركيا.

 وذكرت «هآرتس» إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يخشى من أن يقود كل تنازل يقدمه للأتراك بشأن غزة، من أجل التوصل إلى اتفاق، إلى إحداث ضرر في العلاقات الإستراتيجية مع مصر.

وأضاف المسؤول أن قادة إسرائيليين حاولوا عبثا التوسط بين مصر وتركيا بهدف خفض لهب التوتر بين الدولتين، وبالتالي تلطيف المعارضة المصرية لأي تدخل تركي في قطاع غزة.

وأوضحت «هآرتس» أن المسؤولين الإسرائيليين الكبار، الذين طلبوا الإبقاء على سرية أسمائهم بسبب الحساسية السياسية للمسألة، أشاروا إلى أن ما يثير مشاعر عدم الارتياح في القاهرة هو ما نشر من تقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية، قبل بضعة أسابيع، عن حدوث اختراق في محادثات المصالحة مع أنقرة، والتقارير في الصحافة التركية عن أن إسرائيل وافقت على إدخال تسهيلات جوهرية على الحصار البحري المفروض على القطاع.

وفي اللقاءات التي جرت بين المستويات الديبلوماسية الإسرائيلية والمصرية، أعربت القاهرة عن معارضتها لأي تنازل إسرائيلي تجاه تركيا بشأن غزة.

وقد التقى مسؤولون كبار في وزارة الخارجية المصرية مع السفير الإسرائيلي في القاهرة حاييم كورن وطلبوا سماع تقارير صحيحة، ومعرفة ما إذا كانت تركيا وإسرائيل قريبتين من التوصل لاتفاق مصالحة أم لا. وقام القائم بأعمال السفير المصري في تل أبيب بتسليم رسائل مشابهة، في لقاء عقده مؤخراً مع مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية.

وأوضح المسؤولون الكبار أن بين نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحكومة رجب طيب أردوغان في تركيا تحتدم في العامين الأخيرين أزمة عميقة.

ومعروف أن خلفية الأزمة في العلاقات بين الدولتين هي دعم الحكومة التركية و«حزب العدالة والتنمية» الحاكم للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين».

وكان أردوغان، بعد إطاحة مرسي، قد هاجم بشدة ما اعتبره انقلاباً عسكرياً، وهو يرفض حتى اليوم الاعتراف بالسيسي رئيساً شرعياً لمصر. وجراء تصريحات أردوغان ضد السيسي تم في تشرين الثاني العام 2013 طرد السفير التركي من القاهرة، وخفض مستوى العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين.

وتشكل العلاقات الحميمة القائمة بين الحكومة التركية وسلطة «حماس» في قطاع غزة عاملاً إضافياً لمزيد من التوتر بين أنقرة والقاهرة، فالحكومة المصرية، التي تفرض حصاراً شبه تام على قطاع غزة من جهة سيناء، معنية بالحفاظ على أقصى درجة من الضغط على حكم «حماس». لذلك، فإنها تتحفظ على إجراء إسرائيل تسهيلات في حصارها، خصوصاً إذا ارتبطت هذه التسهيلات بمزيد من التدخل التركي في القطاع.

وكان أردوغان تحدث، الأسبوع الماضي، عن أنه في إطار المفاوضات مع إسرائيل حول اتفاق المصالحة، تبدي تركيا اهتمامها بإرسال سفينة تصل إلى غزة مباشرة، بهدف تزويدها بالكهرباء ومواد البناء.

 وقال إن إسرائيل قالت لتركيا إنها ستزيل الحصار على القطاع إذا مرت المساعدات المرسلة للقطاع عن طريق تركيا.

وكانت صحيفة «حرييت» التركية نشرت أن أنقرة طلبت من تل أبيب في محادثات المصالحة تمكينها من «ايصال غير محدود» للمساعدات التركية للقطاع.

 وحسب التقرير فإن مسؤولين أتراكا قالوا إنه إذا سمحت إسرائيل بذلك، فإن أنقرة سترى في ذلك تجسيداً للشرط الذي وضعته بإزالة الحصار المفروض على قطاع غزة.

وحسب «هآرتس» فإن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية عمانويل نحشون أكد أن مصر طلبت توضيحات من إسرائيل بشأن تقدم مباحثات المصالحة مع تركيا. وقال نحشون إنه «في إطار الحوار مع المصريين ثمة جانب مخصص أيضاً للموضوع التركي. والمصريون طلبوا معرفة أين وصلت الأمور».