حوار ناصر شحادة

حفاظاً على أمن المخيمات واستقرارها، ارتأت قيادة الساحة اللبنانية لحركة "فتح" تفعيل دور القوة الأمنية الفلسطينية الموجودة على الأرض. ومن هنا فقد تمَّ اختيار أمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في صور توفيق عبد الله "أبو عبد الله" ليكون قائداً للأمن الوطني في منطقة صور. للاطلاع منه على مفاعيل تسلُّمه لهذه المهمة والخطوات التي يعتزم القيام بها، إلى جانب تعقيبه على ذكرى مرور 65 عاماً على نكبة فلسطين، وذكرى مرور 13 عاماً على تحرير الجنوب، كان لنا هذا اللقاء معه.

 

رغم أنك لست من جيل النكبة الأولى حيثُ أنك ولدت في لبنان، ولكنك ذقت مرارة اللجوء. فكيف سمعت عن أحداث النكبة، وماذا تعرف عن قريتك بلدة فارة خصوصاً في الأيام الأخيرة قبل خروج الأجداد؟

 

أوجِّه بداية تحية إجلال وإكبار لأرواح شهداء ثورتنا الفلسطينية وفي مقدمهم الشهيد الرمز أبو عمار. لقد سمعت وقرأت الكثير عن النكبة وما قبل النكبة منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين، فكانت هناك مؤامرة تستهدف شعبنا الفلسطيني منذ وعد بلفور عام 1917، وتقسيم فلسطين إلى دولتين دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية وقد تآمر البريطانيون وأعوانهم الغرب على فلسطين وشعبها لإقامة دولة إسرائيلية بديلة لدولة فلسطين، وأُعلِنت هذه الدولة ليلة 15أيار 1948 وقد استفاد الصهاينة من وجود الاحتلال البريطاني لفلسطين فأقاموا المستوطنات ولكن أهلنا وثوارنا خاضوا معارك شرسة ضد العدو الصهيوني والاحتلال البريطاني في كل الوطن وخصوصاً في منطقة الجليل والساحل وفي القدس، وكبَّدوا العدو خسائر فادحة، وطلبوا وقفاً لإطلاق النار مرات عديدة وقد تدخل يومها مجلس الأمن الدولي وطالب الثوار بوقف إطلاق النار وتحت الضغط الغربي والعربي أوقف ثوارنا إطلاق النار على أمل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وطلبوا مهلة أربعة أسابيع للانسحاب من الأراضي المحتلة، وهذا الاتفاق جرى مع الحاج أمين الحسيني والقيادة العربية ولكن بريطانيا والغرب خلال هذه الأسابيع جهزوا جيوشاً تمتلك الطائرات والمدافع والأسلحة الثقيلة والزوارق الحربية لدعم العصابات الصهيونية  وتمكَّنوا من احتلال معظم أراضي 1948.

أمَّا بالنسبة لبلدة فارة فهي كسائر البلدات والمدن الفلسطينية التي تصدَّت للعدو الصهيوني، ويعتاش معظم أهالي البلدة من الزراعة وخصوصاً زراعة الدخان.

 

 انطلقت حركة "فتح" والثورة الفلسطينية بعد معاناة النكبة، فكيف تلقيت نبأ انطلاقة الثورة الفلسطينية؟

عندما انطلقت حركة "فتح" كنت تلميذاً في المدرسة وكنا نتعلَّم تاريخ وجغرافية فلسطين وكانت تعتبر هذه المادة من أهم المواد التي نتعلمها بعكس اليوم، وهذا كله نتيجة التآمر على القضية الفلسطينية، وحتى ينسى شعبنا المشروع الوطني الفلسطيني، وهو مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف. وأذكر حرب عام 1967 عندما سقطت طائرة حربية سورية على شاطئ مخيم الرشيدية وكان لنا الفخر والاعتزاز بانضمامنا إلى معسكرات الأشبال التي أقامتها الثورة الفلسطينية، هذه الثورة التي وجدت لتبقى ولتنتصر.

 

ما التغيَّر الذي أحدثته هذه الانطلاقة خصوصاً على الصعيد المعنوي لشعبنا بعد أن كانوا لاجئين ينتظرون المعونات؟

كان الشهيد الرمز أبو عمار والشهيد أبو جهاد الوزير، والشهيد أبو إياد يجهزون لهذه الانطلاقة منذ العام .1958 وفي 1/1/1965 انطلقت الثورة الفلسطينية المسلحة بقيادة حركة "فتح" وقد كان الشعب الفلسطيني بأكمله ينتظر هذه اللحظة وقد تعوَّد هذا الشعب على الثورات لأنه تحمَّل المأساة تلو المأساة منذ الانتداب البريطاني، وستبقى حركة "فتح" تدافع وتحمي المشروع الوطني الفلسطيني حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحق العودة.

 

تحرير الجنوب اللبناني في العام 2000 يعتبر نقطة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فكيف تنظرون إلى هذه الحدث؟ وهل منحكم مزيداً من الثقة بإمكانية تحرير فلسطين؟

نوجِّه بداية تحية إجلالٍ وإكبار لكل شهداء المقاومة اللبنانية الوطنية والإسلامية، ونؤكِّد أن اندحار العدو الصهيوني عن الجنوب اللبناني عام 2000 كان بفعل ضربات المقاومة، وأول هزيمة تلقاها العدو الصهيوني كانت معركة الكرامة، حيثُ أسقطت الثورة الفلسطينية مقولة جيش إسرائيل الذي لا يقهر. لذا فنصر المقاومة في لبنان هو نصر لكل العرب عموماً ولشعب فلسطين خصوصاً.

 

 إلى جانب مهمتك كأمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في منطقة صور، تم تكليفك منذ أيام بمهمة قيادة قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صور. فما هي الخطوات التي تنوي القيام بها في سبيل ترتيب أوضاع الأمن الوطني والاجتماعي داخل المخيمات؟

لقد كان لي الشرف أن يتم تكليفي من قيادة الساحة اللبنانية لحركة "فتح" قائداً لقوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صور، واعتز وأفتخر بهذه الثقة وإن شاء الله لن تكون هناك عقبات كبيرة. فالمطلوب هو ترتيب البيت الفتحاوي والفلسطيني، وسنقوم بواجبنا لخدمة قضيتنا وأهلنا في المخيمات من أجل الحفاظ على الأمن الوطني والاجتماعي والحفاظ على الهوية الوطنية والالتزام بتوجيهات القيادة الفلسطينية.

 

هل هناك لقاءات تنسيق مع الدولة والجيش والقوى والفعاليات اللبنانية من أجل أخذ غطاء لبناني رسمي لضبط الأمور الأمنية في المخيمات؟

نحن نعمل جاهدين للقاء الأخوة في الجيش اللبناني والقوى الأمنية، ونحن بحاجة لغطاء سياسي فلسطيني ولبناني للقوة الأمنية الفلسطينية الموكلة بحفظ الأمن داخل المخيمات لتفويت الفرصة على كل المتربصين بأمن مخيماتنا وعلاقتنا مع الجميع ممتازة ونعتز ونفتخر بعلاقتنا مع كل الأخوة اللبنانيين.

وبالنسبة للتنسيق مع القوى والفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية فكيف يتم؟ وإلى أين وصل؟

نحن على اتصال وتنسيق دائم مع كل الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية ونأمل من الجميع التعاطي الايجابي وثقتنا كبيرة بأننا قادرون معاً وسوياً على تجاوز كل العقبات. وهنا انتهز الفرصة لأوجِّه الشكر إلى قيادة الساحة والإقليم لحركة "فتح" ولكل الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية، الذين أبدوا كل الاستعداد للعمل من أجل ضمان أمن وسلامة مخيماتنا، والتحية أيضاً للبنان جيشاً وحكومةً وشعباً ومقاومةً.

 

حوار ناصر شحادة