بقـلم: حمد النداف

لا شك ان ملفات متعددة ستكون على طاولة البحث التي سيتناقشان حولها الرئيس الروسي بوتين والامريكي اوباما. ومن هذه الملفات بطبيعة الحال قضايا دولية واقليمية متعددة ومقلقة للطرفين وللعالم.

وفي خضم هذه الملفات يأتي اجتماع القمة القادم بين العملاقين مضافاً اليه هذه المرة الملف السوري الخطير والمتشعب والذي سيترك وبغض النظر عن نهايته تداعيات قد تمتد الى عشرات السنين القادمة نظراً للأهمية الجغرافية والسياسية والاقتصادية لموقع سوريا.

ففي حين تعتبر روسيا ان سوريا حاليا تشكل لها آخر موطئ قدم لها على مسرح الشرق الاوسط بشكله المباشر فيما تعتبر الولايات المتحدة الامريكية وجود سوريا بالشكل الحالي يشكل عقبة كأداء في وجه مخططاتها ومصالحها وطموحاتها في منطقة الشرق الاوسط.

وقد ازداد الاهتمام بالوضع السوري اكثر فأكثر مع بداية مابات يعرف بثورة "الربيع العربي" الذي طاول العديد من الدول العربية واكتشاف ان محطته السورية تختلف عن كل المحطات

ونظراً لصعوبة الملف السوري وتشعبه دفعت كلا من روسيا والولايات المتحدة الامريكية الى رمي ثقلهما لانجاح مؤتمر جنيف القادم فيما يختص بالجانب السوري على اعتبار انه يشكل ابرز عنوان للخلاف حالياً بين العملاقين.

وبالتالي سيحاولان انجاح هذا المؤتمر لحل هذا الملف الشائك او على الأقل رسم الخطوط المؤدية الى مثل هذا الحل ومن تباشير هذا الامل ما تم تداوله عن اطلاق صفقة كانت حتى الامس القريب "خاملة" منذ اطلاقها في شهر حزيران من العام الماضي والتي انتظرت على ما يبدو عاماً كاملاً.

وهذه الصفقة تتلخص باقامة حكومة انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة وبموافقة متبادلة وهي صيغة كانت بالمناسبة العقبة الرئيسة امام "خمول" الصفقة سابقاً وهي التي جمدتها وقتها باعتبارها حملت تعبيراً غامضاً حول مصير الرئيس السوري بشار الاسد وقضية بقائه في السلطة حتى العام 2014 موعد الانتخابات الرئاسية مع ضمان ترشحه من جديد الى جانب مرشحين آخرين.

ويبدو أنها طُوّرت حالياً لتتضمن اتفاقاً يتنحى الرئيس السوري عن السلطة طواعية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العالم الحالي وان يتسلم السلطة لمرحلة انتقالية الإئتلاف الذي اعترفت فيه حوالي 100 دولة ومؤسسة ومنظمة وهذا يعتبر تراجعاً من قبل الموقف الروسي في حال تم الاتفاق على هذه الصيغة الجديدة. والذي يبدو ان الموقف الروسي أصبح أكثر تطوراً واستعداداً لمناقشة مثل هذا الاحتمال شريطة اطلاق عملية حوار ما بين جميع الاطراف وعلى رأسها السلطة والنظام الذي يقول عنه الروس بانه جاهز للحوار في اي لحظة وان هذه العملية متوقفة نتيجة رفض المعارضة السورية او على الاقل بفضل صعوبتها كون هذه المعارضة ليست موحدة ولا تملك برنامجاً مستقبلياً لهذا الحوار بالاضافة الى رؤية الحلول الممكنة للخروج من عنق زجاجة الازمة السورية وحربها الطاحنة.. التي تحاول قيادة الدولتين التوصل اليه خصوصاً بعدما اتفقا على توسع مجموعة العمل الدولية حول سوريا باضافة كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعتبر الحليف الاكبر والاساسي للنظام السوري. على اعتبار ان لايران رؤية مستقبلية وبرنامجاً محدداً وطموحاً كبيراً لمد سلطانها حتى الحوض الشرقي للبحر الابيض المتوسط.

وقد تزداد المخاطر في حال فشل الرئيسان بوتين  - اوباما للتوصل الى اتفاق ينهي الوضع المأساوي الحالي في سوريا. خصوصاً وان مخاطر هذه النهاية المرعبة والسوداء بدأ البعض يتلمسها من خلال سير العمليات العسكرية الدائرة حالياً والتي تتركز في المنطقة الوسطى (حمص – حماة – ريف دمشق) بشكل أساسي والتي ترسم حدود وملامح مشاريع ستؤدي في نهاية المطاف الى تقسيم سوريا الى دويلات على اسس عرقية وطائفية ومذهبية وزوال سوريا الموحدة التي عرفها العالم عبر السنوات الماضية والتي كان الكثير يشعر بانها عصية على مثل هذا الامر بل من المستحيل حصوله على أرض الواقع.

الا ان هذه المخاوف اصبحت حالياً أكثر من جدية وممكنة. وهو شعور يعززه الاحساس بعدم امكانية التوافق الامريكي – الروسي على الملف السوري في مؤتمر جنيف القادم. وذلك بسبب عدم امكانية الوصول الى تفاهمات او تنازلات متبادلة عليه وحوله انطلاقاً من تصلب كلا الطرفين على الرغم من الاستعداد للتنازلات في الملفات الأخرى الأكثر خطورة وسخونة في العالم.