الاحتكاكات العنيفة والدموية أحيانا في ساحات المسجد الاقصى, في الجامع القبلي, وفي قبة الصخرة, وفي المناطق اللصيقة, هي احتكاكات يومية وان تصاعدت بشكل غير مسبوق في الايام الثلاثة الاخيرة, بمناسبة الاعياد اليهودية, وهذا التصعيد تقوم به الحكومة الاسرائيلية بشكل مبرمج ومتدرج حتى وان ادعى نتيناهو انه سيعمل على بقاء الوضع في القدس على حال دون تغيير, ولكن الاستفزاز والتصعيد تقوم به الحكومة, وعندما يكون على راس هذا التصعيد وزراء رئيسيون في حكومة نتنياهو الرابعة, فان هؤلاء لا يمكن وصفهم بالمتطرفين او المتعصبين وبقاء هويتهم تحت بند المجهول, هذا خطأ متعمد تكرره اسرائيل ونقع فيه احيانا, فليس هناك وزير إسرائيلي في الحكومة الثالثة والرابعة لنتنياهو الا وجاء عليه الدور ليكون على رأس هذه الاقتحامات والاستفزازات المبرمجة, حتى نتنياهو نفسه, ووزير جيشه يعلون, ووزير الامن الداخلي, بالاضافة الى وزير الزراعة ووزراء آخرين كانوا على رأس هذا التصعيد, اذا هو فعل حكومة بشكل رئيس وليس مجرد مستوطنين متعصبين او متدينين متطرفين انه فعل حكومة اسرائيل بشكل رسمي, ولذلك وجدنا رد الفعل الاردني, دقيقا للغاية حين قال ان هذا الفعل الاسرائيلي ضد الاقصى يؤثر سلبا على العلاقة بين الدولتين!

وشكرا لجامعة الدول العربية التي عقدت دورتها المئة واربعة واربعين حول الهجمات التي يتعرض لها المسجد الاقصى, وشكرا لتكرار التأكيد على شبكة الامان المالية العربية بمئة مليون دولار شهريا، ولكن موضوع القدس والاقصى وصل الى حافة اكثر خطورة، اي ان اسرائيل المستفيدة من احداث الارتباك العربي الجاري منذ خمس سنوات، واللاعب الرئيسي في تأجيل تلك الاحداث والمنسق الرئيسي مع مجموعات الاسلام السياسي المنخرطة في تلك الاحداث، ترى انها يجب ان تقبض الثمن اسوة بغيرها، فهناك قوى دولية واقليمية متورطة من اجل مصالحها فلماذا اسرائيل لا تشارك وتقبض الثمن، وهو ثمن كبير وفادح انه المسجد الاقصى والقدس التي هي عنوان القفزة الصهيونية الثالثة، وربما لا تحظى اسرائيل بظروف افضل من الوضع الحالي, فالاميركيون يغضون النظر عنها من اجل ان تسكت عن الاتفاق مع ايران، والعرب ما زالوا في قلب النفق المظلم وان كان هناك ضوء سواء باستعادة مصر زمام المبادرة ضد الارهاب وكذلك التحالف العربي الذي تقوده السعودية التي تقوم به الاردن، ولكن الوضع العربي اجمالا ما زال مرتبكا، والأولوبات غير متفق عليها، والوضع الفلسطيني غارق في هروبياته، انه يصرخ بلا موقف وبلا موضوعية، دائما الصراخ لذات الصراخ، وهذا ما سمعناه حين صدر قرار بعقد جلسة عادية للمجلس الوطني التي تم تأجيلها، ثم الصراخ الجديد حول التأكيد على ان المجلس يجب ان يعقد في ارض الوطن، فحماس تصرخ لانها لا تستطيع ولا ترغب ان تكون جزءا من الموقف الفلسطيني، وكل ما يقال عكس ذلك هو ابشع انواع النفاق، وتصوروا بالله عليكم نحن الذين اخذنا قرارات شجاعة باجراء انتخابات بلدية عام 1976 داخل فلسطين المحتلة واقمنا سلطة وطنية عام 1994 تحت الاحتلال واجرينا جلسة للمجلس الوطني عام 1996 وانتخابات تشريعية أولى وثانية وشكلنا عددا من الحكومات بوجود الاحتلال نعود اليوم لنتصارخ ونتكاذب: هل يجوز ان نعقد دورة المجلس في رام الله؟ انه الهروب تحت اجنحة النفاق، شعبنا كله وارضنا كلها من جنوب قطاع غزة الى شمال جنين تحت الاحتلال وشعبنا صامد فوق هذه الارض ولكن المنافقون يتعالون على شعبهم، فلعنة الله على المنافقين.