صوتت الجمعية العامة للامم المتحدة فجر الجمعة، الموافق الحادي عشر من سبتمبر 2015 لصالح مشروع قرار رفع العلم الفلسطيني امام منبر الهيئة الدولية الاولى، وكل المنابر الاممية حيثما كانت. 119 دولة، صوتت بنعم، و8 دول صوتت بلا، و45 دولة امتنعت.

القرار (67/19) من جدول اعمال الدورة ال69 للجمعية العامة، الذي جاء تحت البند 120، بات حقيقة، انتصرت له غالبية دول العالم، بما في ذلك الدول، التي امتنعت لاسباب خاصة بها، وليس رفضا لمبدأ وقرار رفع العلم الفلسطيني، لانها داعمة ومؤيدة لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وكونها مع خيار السلام وحقوق الشعب الفلسطيني.

تأخر رفع العلم الفلسطيني قرابة سبعة عقود، لا سيما وان قرار التقسيم الاممي 181، الصادر في ال29 نوفمبر 1947، الذي مهد الطريق للاعتراف بدولة إسرائيل الكولونيالية على حساب نكبة الشعب العربي الفلسطيني، وسمح برفع العلم الاسرائيلي في العام 1948، كان يفرض على العالم والامم المتحدة، وبغض النظر عن موقف القيادات الفلسطينية والعربية، العمل على رفع العلم الفلسطيني. لان قرار التقسيم ينص صراحة على اقامة دولتين، دولة فلسطينية عربية ودولة إسرائيلية عبرية. اضف الى ان موافقة العالم على خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967 قبل وبعد التوقيع على اتفاقيات اوسلو، كان يفترض ان تقوم هيئة رئاسة الامم المتحدة برفع العلم الفلسطيني، وان لا تنتظر قيام ممثل دولة فلسطين والدول العربية الشقيقة ومعها 52 دولة من الدورة السابقة للجمعية العامة بتقديم مشروع قرار، يطالب برفع العلم الفلسطيني، لا سيما وان مكانة فلسطين ارتقت، إلى دولة مراقب في 29 نوفمبر 2012.

مع ذلك، انتصر العالم لفلسطين، وصوت لرفع العلم امام مقر الامم المتحدة، شامخا وعاليا أسوة باعلام الدول الاعضاء في الامم المتحدة. ولم تكن رسالة السفير الصهيوني، التي اعترض فيها على رفع العلم، إلا عنوانا جديدا من عناوين التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية، وإدارة الظهر للقرارات والقوانين والمواثيق الدولية، وتأكيدا على خيار الاستيطان الاستيطاني، ورفضا للسلام، وإصرارا على مواصلة حروب الابادة والتطهير العرقي العنصرية الاسرائيلية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني.

رفع العلم الفلسطيني امام مقرات ومنظمات الامم المتحدة في نيويورك ودول العالم كافة، شكل تقدما نسبيا للامام تجاه الحقوق الوطنية. ومجيء القرار عشية افتتاح الدورة السبعين للجمعية العامة للامم المتحدة خلال الايام القليلة المقبلة، يعطي الرئيس محمود عباس، الذي سيحضر شخصيا مراسم رفع العلم الفلسطيني، دعما وقوة إضافية في إشهار سيف الموقف الفلسطيني، المنادي العالم اجمع دون استثناء وخاصة الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل الاستراتيجية، للكف عن سياسة الكيل بمكيالين، والالتزام بالمواثيق والقرارات الاممية، لا سيما وانها الراعية الاولى لعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية، وفي ذات الوقت، مطالبة الامم المتحدة بتحمل مسؤولياتها في عقد مؤتمر دولي يضع حدا قاطعا للاحتلال الاسرائيلي، الاحتلال الاخير في العالم خلال فترة انتقالية لا تزيد عن العام 2017، وفتح الافق لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، ووضع حد للاساليب الشكلية البالية، التي باتت مفضوحة، ولم تعد تذر الرماد في عيون الفلسطينيين، بل اعمتهم.

ترافق القرار الاممي الجديد برفع علم فلسطين مع قرار البرلمان الاوروبي، الذي صوت لصالح تعديل قرار اوروبي سابق، كان يتعامل مع المؤسسة التشريعية، بصفتها البرلمانية، واصبح التعامل مع فلسطين الدولة والشعب باغلبية كبيرة تجاوزت ال365 عضوا. خطوات صغيرة، لكنها مهمة في طريق التحرر الوطني الكلي من الاحتلال الاسرائيلي.