أهم ما يمكن استنتاجه خلال اسبوعين من الضجيج الذي أثير بعد الإعلان عن انعقاد جلسة عادية للمجلس الوطني يومي الرابع عشر والخامس عشر من هذا الشهر، ثم تأجيل هذه الدورة إلى ثلاثة أشهر أخرى، ان الاصوات الكثيرة التي ساهمت في الحوار والضجيج سواء كان سلبيا أو ايجابيا، لم تقدم جديدا، ولا رؤية للمستقبل، ولا حتى قراءة عميقة للواقع السياسي من حولنا، فقد كان الاشتباك الكلامي مسفا في معظم الاحيان الا من رحم ربي. ولكن الصوت الاصدق والاعمق كان هو صوت الشرعية الفلسطينية، التي عبرت عن متابعة للقضية من كل جوانبها،وعبرت عن الثقة بالذات الوطنية الفلسطينية، وان هذه الشرعية الفلسطينية ليست معزولة رغم ضجيج الإرهاب اليهودي الاسرائيلي، ورغم الاوضاع الطارئة التي تسيطر على المنطقة بحيث لا يستبين الافق الا لمن يعملون بجد للوصول الى هذا الافق، وخرجنا من مرحلة الضجيج الى التعامل مع إشارات جديدة، حيث الرباعية تنعقد بمشاركة عربية ملحوظة ومطلوبة من المجتمع الدولي،وحيث الاتحاد الاوروبي يبلور حثيثا رؤية سياسية للمرحلة المقبلة رغم انشغاله العميق بأزمة المهاجرين واللاجئين وهي ازمة يتواجد فيها الفلسطينيون في سوريا والعراق ولبنان بحضور ليس بالقليل، وأن رئيس شرعيتنا بالاضافة الى اطلالته المرتقبة من فوق منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد يلتقي الرئيس الأميركي باراك اوباما، وبالتالي فان تأجيل المجلس الوطني كان يستند الى ضرورة موضوعية وليس الى الاصوات الصارخة التي استحضرت كل لغة الانقسام في اكثر من ثمان سنوات.

اهمية الشرعية الفلسطينية والوقوف معها عالميا، ناتج اصلا عن قدرة الشرعية الفلسطينية على الحضور وتعاقدها مع المستقبل، وتحالفها الموضوعي مع كل رؤوس الجسور الإيجابية في المنطقة وفي مقدمتها الشقيقة مصر التي أطاحت بالخطط المعادية، وتقدمها في استعادة المبادرة لنفسها ولأمتها العربية، والتي تؤكد دائما ان فلسطين قضية واستقلالا ناجزا ودولة على ارضها هي الجزء الرئيس الاصيل في حالة النهوض العربي الجديد.