بيان صادر عن قيادة حركة فتح – إقليم لبنان

في ذكرى ميلادك أبا عمار في الرابع من شهر آب لا يسعنا إلا أن ندعو الله مخلصين له الدعاء بأن يتغمدك برحمته ،وان يدخلك فسيح جناته. ونسجل إمتنانا لرب العزة الذي أرسل لنا رجلاً من جلدتنا، حمل همّنا، وعَّبد طريقنا، ورسم ملامح مستقبلنا وأعاد لنا هويتنا، وصنع لنا كياننا، وجعل من ضعفنا وتشردنا رقما صعبا، ومن مخيماتنا قواعد إنطلاق نحو الثورة، وصناعة الدولة.

لم يكن ياسر عرفات في حياة شعبنا رجلاً عابراً، وانما كان خميرة التثوير، وصانع الأساطير، ومغيّر المعادلات، وراسم الاستراتيجيات وهو الذي يحوّل الحصارات إلى انتصارات.

الرمز ياسر عرفات كان الملاذ الآمن عندما يشتد الخناق، وهو الجبل الذي لا تهزه الرياح عندما تعصف الأحداث، وهو ينبوع الأمل والتفاؤل عندما ينفجر بركان اليأس والاحباط.

ولأنه كذلك كان الجميع ينام مطمئناً مهما كانت الخيارات، وكنا نستيقظ اكثر تصميماً، وأصلب إرادة،   لا يجد اليأس والاحباط طريقاً الى قلوبنا.

لا شك أن شخصية الرمز الشهيد ياسر عرفات لعبت دوراً جذرياً في الواقع الفلسطيني، وذلك منذ البدايات، بدايات التأسيس، وصياغة اللوائح الداخلية، والنظام الداخلي، والهيكليات التنظيمية، وايضا منذ الطلقة الأولى والثانية، ومعركة الكرامة، والامساك بزمام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، والصعود بها الى الامم المتحدة ليعترف بها العالم ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وما زالت رغم المؤامرات التي تحيط بشعبنا وثورته.

لا نسطتيع التحدث عن الثورة او المنظمة، او حركة فتح إلاّ إذا استندنا الى سيرة الرمز ياسر عرفات، فهو الذي امسك بكل الخيوط دون منازع، وهو مهندس القرارات، ومفكك الازمات، ومنظِّم المؤتمرات، وباني العلاقات لا يستطيع أحد تجاوزه ، تأدباً، والتزاماً واحتراماً.

أعطى ياسر عرفات القائدُ حياته للقضة، وثورته، وشعبه، ولذلك كانت الثورة عظيمة وعملاقة، وكان الشعب شعب الجبارين لا يستسلم ولا يلين.

كانت شخصية محيّرة، وكان قائداً صادماً لأعدائه عندما يحاولون اجتياز الخطوط الحمر. في احلك الازمات، وأشد الاختناقات، في الشمال ،وبيروت، والبقاع ،وفي المقاطعة داخل رام الله ،كان الاجرأ على اخد القرارات، وقلب الموازين، والخروج من عنق الزجاجة لتعود الثورة الى الحياة اشد قوة، وياسر عرفات المحاصر لا يتراجع، ولا يتنازل، ويفضل الموت على حياة المذلة، لأنه لا يبحث عن حياته وسلامته وانما على كرامة شعبه.

وبعد رحيل الشهيد الرمز ياسر عرفات، انطلاقاً من سيرته العطرة، ومآثره الطيبة، لا يسعنا الا ان نؤكد الحقائق الجوهرية التالية من أجل الحفاظ على أمجاد وأحلام ياسر عرفات.

أولاً: أن مقياس الاحترام لياسر عرفات والشيخ احمد ياسين وابو علي مصطفى وفتحي الشقاقي وابو جهاد وكل قوافل الشهداء من القادة العظماء ومن ابناء شعبنا، هو إنهاء كل تداعيات الانقلاب من عام 2007، وخاصة الانقسام البغيض الذي اعاق مسيرة شعبنا الثورية وقسَّم الارض والشعب والقضية.

ثانياً: إن ياسر عرفات عندما جاء الى قطاع غزة عام 1994، وقال له الاسرائيليون خذ قطاع غزة واجعل منه دولة ،رفض ذلك، وقال: غزة اريحا اولاً اي ان أراضي الدولة هي الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.

ثالثاً: لا مهرب من المصالحة والوحدة الوطنية حتى نستطيع مواجهة الاحتلال الغاصب، وتعطيل المصالحة والوحدة الوطنية يخدم العدو الصهيوني، ويعرقل وضع استراتيجة موحدة لمقاومة الاحتلال، ويعطي فرصة للعدوى الاسرائيلي لتنفيذ مشاريعه الاجرامية والاستيطانية. ويجب الاشارة الى ان المطلوب من حماس تنفيذ ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات من قبل كافة الفصائل، وخاصة الالتزام بحكومة التوافق الوطني، والاجماع الفلسطيني.

رابعاً: الهجمة الشرسة على الساحة الفلسطينية من قبل العدو الاسرائيلي والولايات المتحدة، والتي تركّزت على شخصية الرئيس محمود عباس القيادية الذي حقق إنجازات سياسية وقانونية ودبلوماسية أقضَّت مضاجع الأعداء وجعلتهم يكنون الحقد والضغينة، والتهديد علناً بقتله جسدياً، وأحياناً قتله سياسياً من خلال الاعلان بأنه لم يعد شريكاً في عملية السلام، ثم محاصرته اقتصادياً ومالياً، وافشال المشاريع المتعلقة بالوضع الفلسطيني في مجلس الأمن، لإضعافه أمام شعبه، ويترافق ذلك مع الاستيطان اليومي، والاعتداءات على المسجد الأقصى، وارتكاب جرائم القتل، والحرق حتى الموت، والتضييق على شعبنا في الضفة حتى يكون ذلك مادة دسمة لتصعيد الهجمة على الرئيس أبو مازن بدلاً من أن تكون الهجمة على الاحتلال الاسرائيلي، أليس الأمر ملفتاً للإنتباه؟!!.

خامساً: أليس ملفتاً للإنتباه أن الذي يعطّل المصالحة، ويمنع الوحدة الوطنية التي بدونها لا يمكن أن تكون هناك مقاومة فاعلة وناجحة، لأن كل طرف عندها سيقاوم على طريقته، وهذا ما سيؤدي إلى زعزعة الوضع الاجتماعي والأمني والاقتصادي في الضفة الغربية والقدس، وهو ما سيصبُّ في صالح المخطط الاسرائيلي، إن هذا الطرف نفسه هو الذي يجنّد قياداته، وكوادره، وعناصره، ورجال إعلامه، ورسَّامي الكاراكتير مثل (بهاء ياسين) وابداعاته القذرة والسافلة وتطاوله على كرامة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس، كل هذا الجهد المبذول على المواقع للإساءة إلى شخصية الرئيس محمود عباس أبو مازن، والتشكيك بأمانته وحرصه على شعبه، ولا شك أنّ هذه الابداعات القذرة والمشبوهة تشكّل دعماً وسنداً للقرار الاميركي الإسرائيلي الذي يريد التخلّص من الرئيس الفلسطيني أبو مازن، كما تخلّصوا سابقاً من الرمز ياسر عرفات، عندما كان أبو عمار رحمه الله يتعرض للشتائم والتخوين والتحريض من أطراف فلسطينية عديدة. وللأسف أن هذه الأطراف بعد أن تخلّصت من ياسر عرفات وأصبح تحت التراب بدأت تترحّم عليه، ولكن ليس في الوقت المناسب إنه السيناريو نفسه يتكرر.

سادساً: في ذكرى ميلاد ياسر عرفات ومن باب الوفاء له ولمدرسته على كوادر وقواعد حركة فتح أن لا ينجروا خلف المؤامرات الاعلامية والسياسية التي تُحاك ضد حركة فتح وقائدها محمود عباس أبو مازن، وأن لا تنطلي عليهم الأكاذيب والأضاليل، وعليهم أن يلتفوا حول قيادتهم التاريخية في هذه المرحلة الخطيرة حفاظاً على حركة فتح ،وعلى كرامة قوافل الشهداء، لأن استهداف قيادة حركة فتح هو استهدف المشروع الوطني.

أخيراً نقول: إن الرمز ياسر عرفات هو مدرسة وليس شخصاً، والرئيس أبو مازن وأبو الأديب، وأبو اللطف، وأبو ماهر غنيم هم من القيادات التاريخية في هذه المدرسة، وكل القيادات التي مازالت على رأس عملها تتحمل مسؤولية حماية المشروع الوطني الفلسطيني، والمؤامرة على المشروع الوطني الذي تقوده حركة فتح تشارك فيها أطراف دولية واقليمية ومحلية، والرابح هو العدو الصهيوني.

وإنها لثورة حتى النصر
 

حركة فتح إقليم لبنان 4\8\2015