حذّر مختصون من خطورة مصادقة الكنيست الإسرائيلية على قانون 'التغذية القسرية للأسرى'، الذي سيتم النظر فيه اليوم الأربعاء، لأبعاده الخطيرة على صحة الأسرى المضربين عن الطعام.

وعقب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع على الموضوع، بقوله 'يعتبر هذا القانون بمثابة تشريع بالقتل بحق الأسرى، بطريقة غير مباشرة'، لافتا إلى أن اتحاد الأطباء العالمي الدولي استنكر القانون، واعتبره 'محظورا، وغير قانوني'.

وأوضح أن هناك سلسلة قرارات إجرامية بحق الأسرى الفلسطينيين، من ضمنها: رفع الأحكام على راشقي الحجارة، وعدم توثيق التحقيق بالصوت والصورة، وقانون إعدام الأسرى، واعادة اعتقال الأسرى المحررين، وحرمانهم من الزيارة، مؤكدا 'أننا كفلسطينيين لا نعترف بالقوانين التي تشرعها 'الكنسيت' الإسرائيلية.

وقال: 'بعض الأطباء الإسرائيليين يرفضون التعامل مع القانون خوفا من الملاحقة الجنائية، لأنهم على علم أنهم معرضون للمحاسبة الدولية، لأن هذا القانون يعد جريمة حرب ضد الإنسانية'.

من جانبه، أجمّل رئيس قسم الجهاز الهضمي والكلى في مجمع فلسطين الطبي حسام النادي المخاطر التي تنجم عن تغذية الأسرى قسريا، بقوله: يحظر على أي طبيب في العالم إطعام المريض أو إجباره على إجراء عملية دون موافقته، فالتغذية القسرية توثر على جسم المريض من نواحي عدة، لأنه رافض للغذاء، وهذا يجعل الطبيب يعطيه الطعام بطريقة غير تقليدية'.

وأوضح أن من ضمن هذه الطرق: الحقن عن طريق الجهاز الهضمي بمضخات كبيرة، وتمرير المحلول عبرها، وهذا يؤدي إلى حدوث التهابات في الرئتين، لأن الطعام يمكن ان يدخل إلى مجرى التنفس، بدلا من الجهاز الهضمي.

وأضاف إن التغذية القسرية من الممكن أن تتم عبر إدخال أنابيب عن طريق الأنف لتصل إلى المعدة، وهذا يؤدي إلى حدوث تمزق في جدار المعدة، موضحا إلى أن هذا الأمر يعاقب عليه القانون.

ولفت النادي إلى أن الطبيب قد يلجأ إلى التخدير في حال استمر المريض في رفض الطعام، وإذا كان يعاني من مشاكل في الدم، أو التنفس، وتم تخديره، فهناك احتمالية أن يحدث عدم انتظام في دقات القلب، وهبوط حاد في الضغط.

وأشار إلى أنه  من المضاعفات التي تحدث في التغذية القسرية ما يسمى 'تميه المعدة' أي زيادة السوائل فيها عن الحاجة المطلوبة، نتيجة إعطائه المحاليل 'الكلوكوز' بكثرة، ما يحدث خللا في عمل الكلى، والقلب، والتنفس.

وقال: 'التغذية القسرية عن طريق إعطاء المريض سوائل في الوريد، يؤدي إلى خلل في توازن الأملاح في الدم، خاصة البوتاسيوم والصوديوم، ما يؤدي إلى مضاعفات، وخطر مباشر على حياة المريض'، موضحا أن التغذية عن طريق الحقن قد تؤدي إلى إصابة المريض بفيروسات معدية، والتهابات تنتقل من مريض لآخر'.

وحذر النادي من امكانية تعرض المريض للوفاة، نتيجة التغذية القسرية، خاصة إذا كان جسمه ضعيفا ولديه مشاكل في القلب أو مصاب بمرض السكري، قائلا إن للقضية بعدا صحيا وأخلاقيا.

من ناحيته، عبر نقيب الأطباء الفلسطينيين نظام نجيب عن موقف النقابة الرافض لتغذية الأسرى قسريا، مشيرا إلى 'أن هذا القانون يتعارض مع المواثيق الدولية، على اعتبار أنه يسلب الأسرى حقهم المشروع في الإضراب'.

وأوضح أن النقابة ستخاطب اتحاد الأطباء العرب والأطباء الدوليين، حتى يتم اتخاذ موقف جدي تجاه الأطباء الإسرائيليين المشاركين في تغذية الأسرى قسريا، مؤكدا أنهم سيعملون على إيصال رسالة الأسرى وحقوقهم إلى العالم.

محامي نادي الأسير جواد بولس أكد بدوره على  خطورة هذا القانون، مشيرا إلى أن العديد من دول العالم أعلنت موقفها الواضح والرافض للتغذية القسرية، على اعتبار أن للأسير الحق في الإضراب، إذا كان دون إكراه، ويعي نتائجه من الناحية الصحية.

وأشار بولس إلى أن الفكرة هي احترام إرادة الأسير ووسيلة احتجاجه، وهذا القرار ملزم للدول التي اجتمعت على رفض التغذية القسرية، مؤكدا أن إسرائيل لا تلتزم بالعديد من القرارات الدولية المتعلقة بالاعتقال الإداري واعتقال القاصرين وحقوق الأسرى.

وأكد أن وزيرة القضاء الإسرائيلية 'ايليت شاكيد' تمثل حزبا يمينيا متطرفا، وتشرع القرارات التي تنتهك حقوق العرب والأسرى بشكل خاص، حيث بدأت هذه القوانين تتصاعد مع توليها حقيبة وزارة 'العدل'، معتبرا أن صعود اليمين المتطرف وتوليه مناصب حساسة في منظومة الحكم الإسرائيلية أمر مقلق.

وتابع: عملية التشريع في إسرائيل فقدت أبعادها الديمقراطية الشعبية، بحيث أصبحت عملية أوتوماتيكية، دون الرجوع للمؤسسة القانونية والقضائية في إسرائيل، ومشاركتها في إعداد هذه القوانين.

من جانبه، أكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، أن إقرار هذا القانون مشروع لقتل الأسرى وإعدامهم، مؤكدا على 'أنه إذا تجرأ أي طبيب إسرائيلي على تغذية الأسرى قسريا، فسنعمل على مقاطعة الأطباء، ومحاصرتهم، وسيتم تصعيد حركة المقاطعة الدولية ضدهم'.

ولفت إلى أن المقاطعة لن تشمل الأطباء فحسب، بل والممرضين أيضا، مشيرا إلى أن بعض الأطباء الإسرائيليين سيرفضون هذا القانون، لأنهم يخشون على مهنتهم، لذا فسيتم العمل على محاسبة وملاحقة من يشارك منهم في هذه الجريمة.

يشار إلى أنه في عام 1980، شهد سجن 'نفحة' إضرابا مفتوحا عن الطعام، استمر 33 يوما، ارتكبت خلاله إسرائيل جريمة بحق الأسرى، عندما أجبرتهم على تناول الطعام عبر إدخال أنابيب من الأنف إلى المعدة بالقوة وبالقمع، ما أدى إلى اختناقهم، وارتقاء كل من علي الجعفري، واسحق مراوغة، وراسم حلاوة شهداء.