لم يمت الزعيم جمال عبد الناصر رغم مرور 44 عاما على رحيله، زرع الفكرة في ارض الكنانة فأثمرت في الوطن العربي، وستبقى رغم محاولات اجتثاثها.

جمال عبد الناصر حسين (15 يناير 1918 - 28 سبتمبر 1970). ثاني رؤساء مصر، تولى السلطة من سنة 1956، إلى وفاته سنة 1970. وهو أحد قادة ثورة 23 يوليو 1952، التي أطاحت بالملك فاروق آخر حاكم من أسرة محمد علي.

وصل جمال عبد الناصر إلى الحكم عن طريق وضع محمد نجيب الرئيس حينها تحت الإقامة الجبرية، وذلك بعد تنامي الخلافات بين نجيب وبين مجلس قيادة الثورة، وتولى رئاسة الوزراء ثم رئاسة الجمهورية باستفتاء شعبي يوم 24 يونيو 1956.

أدت سياسات عبد الناصر المحايدة خلال الحرب الباردة إلى توتر العلاقات مع القوى الغربية، التي سحبت تمويلها للسد العالي، الذي كان عبد الناصر يخطط لبنائه ،ورد عبد الناصر على ذلك بتأميم شركة قناة السويس سنة 1956، ولاقى ذلك استحساتا داخل مصر والوطن العربي. وبالتالي، قامت بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل باحتلال سيناء، لكنهم انسحبوا وسط ضغوط دولية، وقد عزز ذلك مكانة عبد الناصر السياسية بشكل ملحوظ.

ومنذ ذلك الحين، نمت شعبية عبد الناصر في المنطقة بشكل كبير، وتزايدت الدعوات إلى الوحدة العربية تحت قيادته، وتحقق ذلك بتشكيل الجمهورية العربية المتحدة مع سوريا 1958 - 1961.

في سنة 1962، بدأ عبد الناصر سلسلة من القرارات الاشتراكية والإصلاحات التحديثية في مصر. وعلى الرغم من النكسات التي تعرضت لها قضيته القومية العربية، بحلول سنة 1963، وصل أنصار عبد الناصر للسلطة في عدة دول عربية. وقد شارك في الحرب الأهلية اليمنية في هذا الوقت. قدم ناصر دستورا جديدا في سنة 1964، وهو العام نفسه الذي أصبح فيه رئيسا لحركة عدم الانحياز الدولية. بدأ ناصر ولايته الرئاسية الثانية في مارس 1965 بعد انتخابه بدون معارضة. وتبع ذلك هزيمة مصر من إسرائيل في حرب الأيام الستة سنة 1967.

واستقال عبد الناصر من جميع مناصبه السياسية بسبب هذه الهزيمة، ولكنه تراجع عن استقالته بعد مظاهرات حاشدة طالبت بعودته إلى الرئاسة. بين سنتي 1967 و1968 عين عبد الناصر نفسه رئيسا للوزراء بالإضافة إلى منصبه كرئيس للجمهورية. وشن حرب الاستنزاف لاستعادة الأراضي المفقودة في حرب 1967، وبدأ عملية عدم تسييس الجيش وأصدر مجموعة من الإصلاحات الليبرالية السياسية.

بعد اختتام قمة جامعة الدول العربية سنة 1970، تعرض عبد الناصر لنوبة قلبية وتوفي. وشيع جنازته في القاهرة أكثر من خمسة ملايين شخص. يعتبره مؤيدوه في الوقت الحاضر رمزا للكرامة والوحدة العربية والجهود المناهضة للإمبريالية.

لم يمت عبد الناصر، فبعد 44 عاما على رحيله هاهي الاجيال التي لم تعاصره تنتمي الى وطنه الذي رأه وامن به، وتحمل صوره في الميادين والشوارع العربية، وفي كل مرة يذكر فيها اسمه تأتي فلسطين بالمقدمة.

لم يمت الزعيمالذي قاد ثورة يوليو التى بفضلها تم اعدام الملكية في مصر بعد عقود طويلة من الاقطاع والاستئثار بمقدرات الدولة واستغلال الثروات لفئات قليلة من المهيمنين على الحكم.

لم يمت من بكى عليه الشعب العربي من المحيط الى الخليج بصدق، لم يمت من خرج الشعب ليطلب منه البقاء في الحكم ويهديه لقب الزعيم ليكون اخر من حمل هذا اللقب بتفويض شعبي حقيقي .

لم يمت ناصر الفقير ابن الصعيد الذي ملأ الدنيا والتاريخ بـ 52 عاما فقط، كرسها لفكره القومي وانتمائه العربي الذي اسسه لتسير على دربه عددا من الاحزاب والتيارات السياسية في الوطن العربي.

وكيف يموت ناصر وهو الذي ارتبط اسمه بإنهاء الاحتلال البريطاني لمصر، وتأميم قناة السويس، وإدخال قانون الإصلاح الزراعي، وبناء السد العالي فى مصر، كيف يموت من ساند ودعم الحركات الثورية وفي مقدمتها الحركات الثورية الفلسطينية، وإقامة منظمة التحرير الفلسطينية، ومساندة ثورة الجزائر وتونس واليمن والعراق، وسعيه إلى تحقيق الوحدة العربية، حيث كانت تجربتها في وحدة مصر وسوريا تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة.