فقيد الامة الاسلامية والعربية والشعبين الفلسطيني واللبناني

لقد شكَّل سماحة السيد هاني فحص في حياته السندَ والظهير للقضية الفلسطينية، وكان ذلك منذ انطلاقة العمل الفدائي من جنوب لبنان، وإنخراط الشعبين اللبناني والفلسطيني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. وجدَ سماحتهُ رحمه الله مجالاً للتفاعل، والعطاء، وتبادل الآراء مع القيادة الفلسطينية الأولى وخاصة القائدين الشهيدين ياسر عرفات أبو عمار، وخليل الوزير أبو جهاد، ونهل من تجربتهما تجربة عريقة أهَّلته أن يكون من أقرب المقرَّبين، وشريكاً مخلصاً في مختلف المحطات والمواقف.

ولأنه كان رحمه الله مَرِناً في علاقاته، ومبدعاً في حواراته، غنياً في افكاره، متنوراً في ثقافاته، مقاوماً في منطلقاته، رصيناً في مواقفه، قريباً الى قلوب مستمعيه وأحبائه، باحثاً باستمرار عن الفقراء والبؤساء من أهل مخيماته، من أجل ذلك كله كان الأقرب والأحبَّ الى قلوب كل الاطياف الفلسطينية، فهو يشكَّل حالة مميِّزة بتواضعه، وهدوئه، وتواصله مع الجميع.

لقد افتقدناه رحمه الله في أصعب الأوقات وكنا بأمس الحاجة إليه لأنه بفكره وسعة أفقه وثقافته الشمولية أدى دوره الأصيل في تحصين الساحة الفلسطينية، كما اللبنانية، من اجل مواجهة كل عوامل الانهيار والتدمير الذاتي، والفتن المذهبية والطائفية والصراعات السياسية القائمة على التجاذبات الإقليمية. أهم ما فيه انه جمع بين التسامح والمصارحة، وهذا ما جعله يفرض احترامه على الجميع وخاصة الذين يختلفون معه في الرأي فهو مؤمن بثقافة الحوار واحترام الانسان.

برحيل سماحة السيد هاني فحص ستفتقدُ مخيماتنا وساحات الحوار وتبادل الرأي رجلاً صاحب قامة، يتحف كلَّ من يستمع إليه بفلسفته التي لوَّنت وعمَّقت وأبدعت ثقافة فريدة من نوعها هي ثقافة هذا العملاق الذي أصبح في ذمة الله مع الانبياء والشهداء والصديقين وحَسن أولئك رفيقاً.

باسم منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" وعموم شعبنا الفلسطيني نتوجه بالتعزية القلبية والصادقة للشعب اللبناني، وخاصة أبناء الطائفة الشيعية وأهالي جبشيت، والاعزاء آل فحص، وأسرة الراحل الشهيد سماحة العلامة هاني فحص.

نسأل الله سبحانه له الرحمة والمغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته، وان يجعل قبره روضاً من رياض الجنة.

مفوضية الاعلام والثقافة- لبنان