حولالتطورات السياسيه الراهنه على صعيد القضيه الفلسطينيه 6/11/2012

تحية وبعد

يشرِّفنا في قيادة حركة"فتح" أن نرفع إلى سيادتكم هذه المذكِّرة التي تحمل في مضامينهامعاناتنا وهواجسنا، وتطلعاتنا المشروعة كشعب يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، وهوالاحتلال الأخير في العالم رغم مرور خمسة وستين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني،وتشرده في بقاع الأرض، واستهداف حقوقه الوطنية التي أقرَّتها الشرعية الدولية،والتي تنص على حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقيةعلى الأراضي المحتلة العام 1967، وحقه في العودة إلى الأرض التي عاش فيها وطُردمنها، هذا الحق الذي ضمنه القرار الدولي 194 لكل اللاجئين الفلسطينيين وهو حقجماعي وفردي بالعودة والتعويض، ومع أنَّ "دولة إسرائيل" التي أُقيمت بقراردولي يستند إلى قرار التقسيم التزمت بتنفيذ القرار 194، وهذا ما ورد في نص قرارالاعتراف بها كدولة.

ورغم أن القيادةالفلسطينية التزمت بقرارات الشرعية الدولية، وسعت جاهدة إلى إنجاح عملية السلامبكل مضامينها، والكفيلة بإعادة الحقوق الوطنية إلى الشعب الفلسطيني، كما أنهاوافقت على المفاوضات التي بدأت في مؤتمر مدريد بين كافة الأطراف، وكانت حريصة علىإنجاحها رغم العقبات والتوجهات الدولية التي مارستها "دولة الاحتلال"متجاهلة المساعي الخيِّرة، وقرارات المؤتمرات الدولية، وخطة الطريق، ومبادرةالسلام العربية، ورغم المحاولات الجادة التي حملها مبعوثون أميركيون وأوروبيونودوليون لوقف عمليات الاستيطان من أجل إنجاح المفاوضات، إلاَّ أن القادةالإسرائيليين ضربوا عرض الحائط بكافة الجهود، واستمروا بمشروعهم القائم على سرقةالأراضي واستيطانها، وتهويد المقدسات، وتهجير الأهالي، وممارسة التطهير العرقي،والعنصرية البغيضة، وحرب الإبادة عبر القصف والتدمير، وهذه الغطرسة التي يمارسهاالقادة الإسرائيليون مع ما يرافقها من تهديدات صريحة وواضحة للرئيس أبو مازن رأسالشرعية الفلسطينية تستهدف حياته الشخصية، وموقعه الرئاسي، هذا كلُه يحمل مؤشراتخطيرة على القضية الفلسطينية، وعلى مستقبل الشعب الفلسطيني، ويتطلب موقفاً دولياًواضحاً لإلزام إسرائيل بتنفيذ القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ووقف العدواناليومي على الضفة الغربية وقطاع غزة، ورفع الحصار عنهما، وتأمين الحماية للشعبالفلسطيني.

إننا في حركة "فتح" ومعنا شعبنا الفلسطيني نشعر بالألم والظلم ونحن نرى الحصار المالي علىالسلطة الوطنية، وعلى شعبنا الفلسطيني بهدف تجويعنا وتركيع قيادتنا أمام الضغوطاتالهائلة التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو وليبرمان، والتضييقاليومي في كل مناحي الحياة، وأمام الإصرار الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدةعلى منع الرئيس محمود عباس أبو مازن من التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب العضويةلدولة فلسطين  (عضو مراقب) تحت الاحتلال،مما يعني أن الشعب الفلسطيني يعيش في دولة تحت الاحتلال، ومن حقه ممارسة كفاحهالوطني من أجل الحرية والاستقلال شأن كل الشعوب التي نالت حريتها واستقلالها، وهذاالاعتراف بعضوية دولة فلسطين يعني أن الدولة موجودة على الأراضي المحتلة في 4حزيران العام 1967، وأن الاحتلال الإسرائيلي مُلزَم بتطبيق اتفاقيات جنيف الخاصةبالاحتلال، وهذا بالتأكيد سيساعد القيادة الفلسطينية على معالجة موضوع آلاف الأسرىبصفتهم معتقلين مناضلين من أجل طرد الاحتلال ونيل الاستقلال وليس بصفتهم إرهابيينكما تدَّعي القيادة الإسرائيلية.

إن القيادة الإسرائيليةتريد خنق الفلسطينيين تحت سطوة إرهابها الرسمي المبرمج، وعدم السماح لقيادتهمبالبحث عن الدعم الدولي لأهدافهم الوطنية، ومسيرتهم الكفاحية والتحررية، وهذهالقيادة الإسرائيلية المتمثلة بنتنياهو وليبرمان تمارس مع شركائها  الإرهاب، والضغوطات الاقتصادية والسياسيةوالأمنية على العديد من دول العالم  لثنيهمعن التصويت لصالح دولة فلسطين، خوفاً من أن تتمكن القيادة الفلسطينية من ملاحقةالقيادات الإرهابية الإسرائيلية التي ترتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بحيثُ تتمالملاحقة عبر المؤسسات الحقوقية الدولية المختصة.

لذلك فإننا ندعو كافةالدول، والجهات والمنظمات الإنسانية والحقوقية التي تؤمن بالسلام والحرية والاستقلال،أن تمارس دورها المعهود في رفض الضغوطات الإسرائيلية، والإصرار على حماية هذهالخطوة المشروعة للقيادة الفلسطينية، وعلى رأسها سيادة الرئيس أبو مازن.

كما أننا نأسف للحملةالإعلامية القاسية والهادفة التي تعرَّض لها سيادة الرئيس أبو مازن من قبل بعضالجهات على إثر المقابلة التي أجرتها معه القناة الثانية الإسرائيلية والتي قامتعمداً بتشويهها واقتطاع مقتطفات منها لتغيير المعنى وخاصة ما يتعلق بموضوع حق عودةاللاجئين، وكان الهدف الإسرائيلي بوضوح هو تشويه مواقف الرئيس أبو مازن، وتفجيرإرباكات مفتعلة داخل الساحة الفلسطينية والساحة العربية والدولية، وفتح البابواسعاً أمام الهجمة على القيادة الفلسطينية لتوجيه السهام الإعلامية والسياسية تحتشعار أن أبو مازن يريد التخلي عن حق العودة.

وللأسف فإن الإعلامالإسرائيلي نجح في توريط الكثيرين وجرِّهم للإدلاء بالتصريحات والتعليقاتوالتحليلات المسيئة والمبنية على افتراضات خاطئة ومغلوطة، علماً أن الجميع يعرفتماماً موقف الرئيس أبو مازن الذي يعتبر العودة حقاً مقدساً لكل فلسطيني، وأن أيمفاوضات حول هذا الموضوع وغيره من الثوابت الوطنية لا بد أن تخضع قبل إقرارها إلىاستفتاء الشعب الفلسطيني. كما أنَّ البرنامج السياسي بكامله والملزم لكافةالقيادات الفلسطينية هو ما تمَّ التوقع عليه في اتفاق القاهرة، اتفاق المصالحةالذي حضرته كافة القيادات الفلسطينية، حيث تمَّ الاتفاق على إقامة الدولة المستقلةوعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة في العام 1967، كما تم الاتفاق أيضاً علىاعتماد المقاومة الشعبية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال وإشراك مختلف الشرائحالشعبية في عملية المقاومة.

إننا في حركة فتح ندعوكافة الدول والأحزاب والقوى الصديقة إلى وقفة جادة وصادقة، لمواجهة الضغوطاتوالتهديدات التي يتعرض لها الرئيس أبو مازن من قبل قادة إسرائيل والولايات المتحدةالهادفة إلى منعه من الذهاب إلى الجمعية العمومية والحصول على العضوية، ولمنعه منالحصول على دعم الدول الصديقة وذلك من أجل أن تستمر عملية تدمير مكوِّنات وركائزالسلام في المنطقة، واستمرار الاستيطان والتهويد، وفرض الحل التصفوي الذي يجريالإعداد له، والقائم على تكريس الانقسام، ومنع المصالحة، وإلزام الجانب الفلسطينيبالدولة ذات الحدود المؤقتة، هذه الدولة التي ليس فيها حق العودة، ولا فيها القدسعاصمة، ولا فيها سيادة، ولا تواصل جغرافي. ولا شك أن الإبقاء على الوطن مقسوماً هوبداية هذا الحل التصفوي، وإنهاء الصراع على هذا الأساس كأمر واقع يروِّج له البعضعلى حساب الأهداف والثوابت الوطنية.

إننا نستشعر مخاطر كبيرةعلى مصير قضيتنا الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني ونطالب أخوة المصير، والأصدقاء،والأوفياء، والمخلصين والأحرار في العالم أن يناصرونا في تحقيق القضايا الجوهريةوالأساسية التالية:

أولاً: عدم المساعدة علىتكريس الانقسام والانفصال بين جناحي الوطن لأن هذا الانقسام لا يخدم إلاَّ المشروعالإسرائيلي المستقبلي، ولا بد من إعادة اللحمة.

ثانياً: بذل الجهودالنبيلة والمخلصة لإنجاز المصالحة الفلسطينيه التي تم الاتفاق والتوقيع علىوثائقها من قِبَل الجميع، والتي توقفت للأسف عند منع لجنة الانتخابات المستقلةالتي يقودها السيد حنا ناصر المعروف بنزاهته من القيام بمهمتها، وهي تحديث سجلاتالفلسطينيين في قطاع غزة للتحضير للانتخابات لاختيار قيادات جديدة، وهذا حق للشعبالفلسطيني كباقي الشعوب، والانتخابات حسب الاتفاق هي جزء أساسي من مهمة الحكومةالقادمة، وتعطيل الانتخابات هو رفض عملي لدور الحكومة التي يمكن تشكيلها، فالحكومةلها مهمتان هما، إنجاز الانتخابات، وإعمار قطاع غزة.

ثالثاً: رفض كافة الضغوطاتالتي تتعرض لها القيادة الفلسطينية من قِبَل الجانب الإسرائيلي والولايات المتحدة،وتقديم الدعم السياسي والإعلامي والجماهيري لمواجهة ما يتم التخطيط له في الغرفالسوداء لتصفية القضية الفلسطينية. والحملة الإعلامية الأخيرة على الرئيس أبو مازنلم تخدم القضية الفلسطينية.

رابعاً: كشف المؤامرةالحالية بفرض الحصار المالي على الشعب الفلسطيني وسلطته وقيادته، وهذا ما تمارسهإسرائيل، والولايات المتحدة، وأطراف دولية، وللأسف تلكؤ بعض الدول العربية عنالقيام بالواجب، وذلك كله بهدف إرغام القيادة الفلسطينية على التنازل والتراجعوفتح المجال أمام المشروع الإسرائيلي.

نأمل أن نكون قد وضعناصورة صادقة عن الواقع الذي نعيشه آملين تفهمكم، ودعمكم، ومناصرة المواقف المحقة فيالمحافل الدولة.

قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح/ لبنان

6/11/2012