أبلغ الرئيس محمود عباس مجموعة من الصحفيين الإسرائيليين امس بأنه سيتعين على إسرائيل تحمل عبء حكم الأراضي الفلسطينية إذا انهارت محادثات السلام بين الجانبين. وأكد الرئيس استعداد للموافقة على استمرار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ما بعد انتهاء المهلة المحددة في 29 نيسان الجاري، شريطة أن تنفذ إسرائيل استحقاق المرحلة الرابعة من الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو، وتلتزم بأن تكون المفاوضات جادة للتوصل إلى ترسيم الحدود ما بين دولتي فلسطين وإسرائيل على أساس حدود عام 1967، وتجميد الاستيطان، الأمر الذي سارعت اسرائيل الى رفضه. وفيما اعتبر وزير الخارجية الاسرائيلية افيغدور ليبرمان ان حل السلطة هو شأن داخلي فلسطيني، دعا وزير المواصلات يسرائيل كاتس الى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد السلطة، في حين قالت عضو الكنيست عن حزب "الليكود" ميري ريغيف "سأتوجه لنتنياهو للتأكد من جاهزيته لإلغاء اتفاق أوسلو وفرض القانون الإسرائيلي على 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية".
وقال الرئيس عباس للصحفيين الذين زاروا المقر الرئاسي في رام الله "إذا توقفت المفاوضات فإن الحكومة الإسرائيلية هي التي ستتحمل المسوؤلية كذلك الوضع الاقتصادي ودفع رواتب الموظفين والعمال والفلاحين والصحة والتعليم مثلما كانت قبل إنشاء السلطة".
وقال إن الورقة التي سلمها الجانب الأميركي ممثلا بوزير الخارجية جون كيري إلى القيادة الفلسطينية والتي على أساسها تم استئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية حددت بصريح العبارة أن المفاوضات ستجري على أساس حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعليه وافقت القيادة الفلسطينية على استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة، لكنه أصر على أن أي تمديد للمفاوضات يجب أن يصاحبه تجميد إسرائيلي كلي لكل أشكال النشاط الاستيطاني والبناء في الأراضي المحتلة بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية طيلة فترة المفاوضات حول الحدود، إلى جانب التفاوض حول كافة قضايا الحل النهائي.
وأضاف الرئيس، أن الاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو تم بمعزل عن الاتفاق على استئناف المفاوضات وأن إسرائيل، وتحديدا نتنياهو، وافقت على الإفراج عنهم جميعا دون استثناء لكن على أربع مراحل. وقال: "لكن الحكومة الإسرائيلية هي التي ماطلت ولم تفرج عن الدفعة الرابعة من الأسرى فجاء الرد الفلسطيني تماما كما أكدناه من قبل بوثيقة مكتوبة وسلمناها إلى الحكومة الإسرائيلية عبر الوسيط الأميركي مارتن أنديك وفيها قلنا إننا سنرد على التأخير بالانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية واخترنا جانبا معينا من المعاهدات التي انضممنا إليها وهي في غالبيتها لها علاقة بالقضايا الإنسانية وحقوق الطفل ومحاربة الفساد".
وأكد الرئيس رفض إبعاد أي أسير من أسرى الدفعة الرابعة ورفض كل أشكال الإبعاد بحق الفلسطينيين، لأن ذلك مناقض لكل القوانين الإنسانية والدولية والأخلاقية.
وحول ما تم تداوله في الآونة الأخيرة عن حل السلطة الوطنية، قال الرئيس "إن إسرائيل أفرغت السلطة من محتواها بعد أن صادرت صلاحياتها السياسية واللوجستية والاقتصادية والحدودية، وإذا أرادت إسرائيل أن تستمر بهذه السياسة وألا تعطي هذه السلطة حقوقها فلتأتي لتستلم السلطة، وهذا ما قلناه لكل الأطراف الإسرائيلية والأميركية وقد أبلغنا نتنياهو بذلك رسميا قبل ثلاث سنوات".
وأضاف الرئيس: "نحن لا نقول لكم إلا الحقيقة ولا نريد أن تسمعوا من هنا أو هناك، هذه هي الحقيقة ونحن مستمرون في عقد اللقاءات مع الجانب الإسرائيلي وقد يعقد اجتماع غدا، ربما غداً، وبعد غد اجتماع آخر ثنائي أو ثلاثي، ولمن يقول لديكم إنه ليس هناك شريك فلسطيني نؤكد لكم اننا شركاء حقيقيون لسلام حقيقي، أما إذا كان بينكم وزراء يقولون بعكس ذلك فهذا شأنهم، نحن نريد حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 حيث تعيش دولة فلسطين المستقلة بأمن واستقرار إلى جانب دولة إسرائيل وعندما يحصل هذا سنأتي لكم بهدية ثمينة وهي اعتراف 57 دولة عربية وإسلامية بدولة إسرائيل وفق ما ورد في مبادرة السلام العربية، وأترك لكم أن تتصوروا كيف سيكون الوضع بين إسرائيل وبين كل العالم العربي والإسلامي من موريتانيا إلى أندونيسيا".
وأكد الرئيس عباس أن الانتخابات من حيث المبدأ خيار الفلسطينيين سواء نجحت المفاوضات أو فشلت، لأن الهدف هو تجديد الشرعية ولذلك لا خلاف بين الانتخابات والمفاوضات. وأضاف: "نحن لا نقول إما حماس أو إسرائيل، واليوم توجه وفد من القيادة الفلسطينية إلى غزة لإجراء حوار مع حماس حول الانتخابات، ونحن لا نخضع لضغط أحد، وإذا تم التوافق على بند الانتخابات نحن جاهزون لتحقيق المصالحة وهذا لا ينفي أن إسرائيل شريكة في عملية السلام ولا ينفي أن الدولة الفلسطينية ذات السيادة لن تتحقق سوى عبر المفاوضات.'
وجدد الرئيس رفضه لمبدأ التبادل السكاني مع إسرائيل، في إشارة إلى بعض التصريحات الصادرة في إسرائيل حول ضم أم الفحم إلى الدولة الفلسطينية وقال "إن فلسطينيي الداخل هم أهل البلاد وإنهم تواجدوا فيها قبل غيرهم بمئات السنين". وأعرب الرئيس عن أمله بأن يعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط على غرار مؤتمر جنيف أو مؤتمر انابوليس، وأن تشارك الأسرة الدولية وتحديدا الرباعية الدولية في رعاية هذا المؤتمر.
وكشف الرئيس النقاب عن أن إسرائيل رفضت السماح للاجئين الفلسطينيين الهاربين من سوريا بالعودة إلى الضفة الغربية، أو إلى قطاع غزة ما لم يتنازلوا عن حقهم في العودة، وقال إن القيادة الفلسطينية رفضت هذا الشرط جملة وتفصيلا.
ورفضت اسرائيل الثلاثاء مطالب الرئيس عباس لاستئناف مفاوضات السلام ، قبل اسبوع من انتهاء فترة التسعة اشهر المحددة للتوصل الى اتفاق.
وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ان تصريحات الرئيس عباس تنم عن عدم التزام الفلسطينيين بعملية السلام. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه "من يريد السلام لا يطرح مرة بعد الأخرى شروطا يعرف أن إسرائيل لن تقبلها..ابو مازن (عباس) لا يريد سوى الأخذ دون أن يعطي شيئا في المقابل"، حسب تعبيره.
وأكد المسؤول الاسرائيلي "لن يكون هنالك تجميد (للبناء) في القدس" مشيرا الى انه فيما يتعلق بتحديد الحدود فان اسرائيل "لم تقبل ابدا تداول هذه المسألة بشكل منفصل" عن القضايا الاخرى. واضاف "من المستحيل ترسيم الحدود قبل اتفاق حول القضايا الباقية الاخرى".
وفيما يتعلق بملف الاسرى الفلسطينيين، اشار المسؤول الى ان اسرائيل تنوي ترحيل بعضهم الى قطاع غزة او الخارج الامر الذي يرفضه الفلسطينيون. وقال "تم شرح ذلك بوضوح للفلسطينيين. لم تلتزم اسرائيل في اي وقت بعدم القيام بعمليات ترحيل".
وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أكد لوكالة فرانس برس ان "لا أحد فلسطيني يتحدث عن حل السلطة الفلسطينية"، مشددا على ان ليس لدى الفلسطينيين اليوم اي نية لتسليم اسرائيل مفاتيح ادارة الاراضي المحتلة.
من جهتها، وصفت الولايات المتحدة تفكيك السلطة الفلسطينية التي انشئت عقب اتفاقيات اوسلو 1993 "بالخطوة القصوى"، محذرة من انها قد تهدد المساعدات المالية الاميركية للفلسطينيين. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جين بساكي "بذل المجتمع الدولي وايضا الفلسطينيون قدرا كبيرا من الجهود لبناء مؤسسات السلطة الفلسطينية، وبالتأكيد لن يكون من مصلحة الشعب الفلسطيني فقدان كل ذلك".
وبدوره اتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بتدمير مفاوضات السلام. وقال ليل الاثنين بعد انتهاء عيد الفصح اليهودي "نشاهد السلطة الفلسطينية التي تحدثت امس عن حلها، واليوم تتحدث عن الوحدة مع حماس (...) وعندما تريد السلطة السلام عليها ان تخبرنا بذلك".
وتابع "عليهم ان يقرروا ان كانوا يريدون السلام او الوحدة مجددا مع حماس".
ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" امس عن مسؤول اسرائيلي قوله ان الفلسطينيين "يبحثون جديا اتخاذ خطوات جذرية".
وهاجم الوزير الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الرئيس عباس، وذلك على خلفية التقارير التي تحدثت عن إمكانية حل السلطة. وقال كاتس إنه "في لحظة الحقيقة يتضح أن أبا مازن يخادع، وليس على استعداد لتقديم تنازلات، ويتوجه إلى الأمم المتحدة، ويعانق حركة حماس"، على حد تعبيره. وأضاف أن المفاوضات انتهت عمليا دون أي نتيجة، وأنه حان الوقت للتكتل والوقوف سوية في مواجهة الضغوط المتوقعة.

وقال كاتس إنه على إسرائيل أن تتخذ إجراءات ملموسة ردا على السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أنه يجب أولا اتخاذ قرار بإلغاء البند الذي يتحقد عن الحق بالممر الآمن بين قطاع غزة والضفة الغربية. وبحسبه فإن الحديث عن "منطقة تحت سيادة إسرائيل، وأنها ليست ملزمة بذلك".
وقال أيضا إنه في حال إعلان السلطة عن حلها فإن الحصانة التي يتمتع بها قداة منظمة التحرير في اتفاق أوسلو سوف تلغى، وسيحاسب الرجوب مثل البرغوثي، وأي اتصال مع أبي مازن سيكون اتصالا مع جهات معادية.
اما ليبرمان فقال "ان المسألة تتعلق بشأن داخلي لا ننوي التدخل به ولكننا مستعدون لأي سيناريو". وأضاف "مستعدون لاجراء مفاوضات في القدس وفي رام الله ونيويورك وحتى في فيينا ولكن لا يمكن التلويح بتهديدات جديدة في كل يوم"، على حد تعبيره.
ولم يجد ليبرمان أي علاقة بين الواقع وبين تهديدات زميله في الائتلاف الحكومي رئيس البيت اليهودي، نفتالي بينيت، بالانسحاب من الحكومة اذا ما تم اطلاق سراح أسرى ممن يحملون الهوية الاسرائيلية، وقال ليبرمان خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره النمساوي، امس باستخفاف انه لا يوجد أي احتمال بانسحاب بينيت من الائتلاف الحكومي.
وقال انه شخصيا لن يسمح باطلاق سراح أسرى من عرب 48 حتى بثمن الذهاب الى الانتخابات.