تحقيق: فؤاد جمعة

فتح ميديا/ لبنان، بعد الحرب العالمية الأولى وفرض الانتداب البريطاني علىفلسطين جرت محاولات لاسترداد وتحرير فلسطين وإعلان استقلالها كباقي الدول التي نالتالاستقلال؛  إلاَ ان هذا الأمر لم يحصل  وبالعكس فإن الانتداب البريطاني قد جاء لنا باستعمارخطير حيث قدمت بريطانيا وعدا مشؤوما بلسان وزير خارجيتها بلفور لليهود برغبة الملك البريطاني انشاء وطن قومي لليهود فيفلسطين حيث كانت تهدف من وراء ذلك زرع جسم غريب في قلب العالم العربي ليمنع تلاحمهويبقيه مقسما مشرذما مما يسهل على الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكيةوبريطانيا السيطرة على العالم العربي سياسيا واقتصاديا وثقافيا ونهب مقدراته وثرواتهوالقضاء على اي عمل تحرري من شأنه ان يقوم ضد رغبات الدول الغربية الاستعمارية.

 

نعم انها ولادةالثورة واي ثورة، انها الثورة التي انطلقت من رحم المعاناة ومن رحم الواقع العربي المريرالذي آلمَ الوطن العربي وانقسم وانقلب رأسا على عقب. إنها الثورة التي هي بحسب من كانشاهدا عليها منذ انطلاقتها حتى اليوم أعظم وأنبل وأطول ثورة شاهدها العالم العربي بعدالحرب العالمية الثانية .

فالحاج حسين دلال(ابو عادل) هو من الشخصيات التي شاهدت وعايشت النكبة ونشأة الثورة الفلسطينية وتطورها، وكان أيضا شاهدا على أحداثها والظروف التي مرت بها  والمعارك التي خاضتها منذ انطلاقتها حتى يومنا هذا.ولد الحاج ابو عادل في حيفا عام 1940 من اسرة فلسطينية بسيطة، تهجر خلال فترة حياتهثلاث مرات اولى هجراته كانت من حيفا الى شفا عمرو وآخرها من فلسطين الى لبنان وتحديداالى مخيم ويفل المعروف بمخيم الجليل في بعلبك. عاش الحاج ابو عادل كما باقي اللاجئينالفلسطينيين في لبنان حياة مليئة بالبؤس والمصاعب والمتاعب عانى من الظروف الاقتصاديةوالإجتماعية والسياسية . ورغم ذلك الاَ انه محب للمطالعة والكتابة وجمع خلال حياتهمع احد اصدقائه القدامى الكثير من الكتب والتي قاربت الألفي كتاب وكتب مجلدا مؤلفامن مذكرة ونصف المذكرة عن مسيرة حياته هادفا من ورائها ان يتعرف أولاده وأحفاده عنالتاريخ الذي عاشه مع أبناء الشعب الفلسطيني خلال المراحل المختلفة منذ بدء النكبةحتى يومنا هذا .

وقد تحدث الحاج  ابو عادل عن نشأة الثورة في ظل الظروف التي عاشتهاالأمة العربية والإسلامية ، وفي ظل الخضوع والخنوع لإرادة الواقع دون ان تثور على الظالمالمستبد المغتصب وتسترد الأرض المغتصبة من قبل أشرس عدو وجد على مر العصور يقتل ويجزرويفتك بأبناء الشعب العربي الفلسطيني دون رادع . ومن هنا وفي الفاتح من يناير عام1965 وعندما سمعنا دوي البيان الاول للثورة الفلسطينية بلسان حركة التحرير الوطني الفلسطينيفتح معلنة عن بدء العمل  المسلح من خلال أولعملية نفذت في نفق عيلبون ضد جنود المحتل موقعة عددا من القتلى وجرح العدد الآخر فضلاعن دب الرعب في صفوف الجنود الصهاينة، ومعلنة عن انطلاق الثورة الفلسطينية لتحرير فلسطين،فلم يبق انسان حر وشريف يسعى لتحقيق الحق وإعادة الحق إلى أصحابه إلا وساند هذه الثورةووقف الى جانبها وقدم لها الدعم المعنوي والمادي. وأضاف الحاج ابو عادل ان هذه المؤازرةزادت بوتيرة سريعة خاصة بعد معركة الكرامة والتي قادتها حركة فتح بكل حكمة واقتداروحققت فيها اول نصر شاهده العالم العربي على إسرائيل وضمن إمكانيات محدودة وعزيمة جبارةللمقاتلين الفلسطينيين ، حيث ان في هذه المعركة سطرت أروع ملاحم البطولة والفداء وكانت  المرة الأولى التي استخدم فيها الفلسطينيون  العمليات الاستشهادية التي قادها الشهيد ربحي موقعاالخسائر الفادحة في صفوف العدو وعتاده .

فبعد هذه المعركةالتي أعادت الكرامة للشعوب العربية بعد الهزيمة الكبرى التي منيت بها عام 1967، اخذتالمساندة لهذه الثورة تتزايد وبأشكال مختلفة وبدأت الحشود تتواصل للالتحاق بهذه الثورةالتي أحيت في نفوسهم الأمل والعزيمة والثقة ان النصر آت لا محالة .

وعند سؤال الحاجابو عادل عن تطور الثورة وابرز المحطات التي مرت بها هذه الثورة، قال ان هذه الثورةولدت في ظروف صعبة واستمرت على هذه الحال لفترات طويلة وهو أمر طبيعي لان طريق تحريرفلسطين ليس معبدا بالورود بل بالأشواك، واستمرت الثورة الفلسطينية تشق الصعاب وتنتقلمن منطقة الى أخرى وذلك حسب الظروف التي مرت بها الثورة، وأضاف الحاج ان لهذه الثورةمحطات مشرقة دون ان يخفي ان هناك محطات مؤلمة وقاسية، ومن المحطات المشرقة التي مرتبها الثورة الهزائم التي منيت بالعدو الصهيوني ذلك من خلال العمليات الفدائية و خطفالطائرات وزرع الرعب في نفوس الإسرائيليين ، وكذلك في الصمود الأسطوري في بيروت أياماجتياح إسرائيل للبنان عام 1982. 

وأكثر ما كان يؤلمقلب هذا الحاج الفاضل هو تعدد الاتجاهات والتيارات لهذه الثورة، كل تيار وحزب يعملمن جهته وحسب رؤيته وليس حسب ما تتطلب منا مراحل الصراع من توحيد الجهود والعمل ضمنجبهة واحدة متماسكة ووفق غرفة عمليات واحدة تقود العمل الفدائي، آملا ان تصل القيادات الفلسطينية الى ما يشبه الجسم الواحدتتوحد فيه كافة الأعضاء وتضع أجندة عمل مشتركة تواجه فيه المخططات الإسرائيلية ومنيقف معها .

هذا وبالرغم منحديث الحاج عن إخفاقات مرت بها الثورة الفلسطينية الا اننا نقول ان هذه الثورة هي بحقأعظم انجاز في التاريخ الفلسطيني الحديث، وكان لها من الإنجازات الشيء العظيم والكبيربدءا من معركة الكرامة التي رفعت رأس العالم العربي عاليا ومرورا بدخول القيادة الفلسطينيةوعلى رأسها الزعيم الخالد الشهيد ياسر عرفات الى فلسطين وفيا لما وعد به عندما خرجمن لبنان حيث قال انه متجه الى فلسطين، وحين شكك الكثيرون في كلام القائد وصعوبة دخولهالى فلسطين الا انه صدق ودخل دخول المنتصرين رافع الرأس تلتف حوله الجماهير الفلسطينيةمستقبلينه استقبال الأبطال الشجعان. ووصولا في أيامنا هذه  حيث النضال من أجل إعلاندولة فلسطين ودخولها الى هيئة الأمم المتحدة لتنال العضوية الكاملة رغم أنف إسرائيلوالولايات المتحدة الأمريكية ومن يقف معهم . ولا ننسى ابدا الانتفاضة الأولى التي خاضهاأمير الشهداء خليل الوزير مع ابناء شعبنا الفلسطيني وكذلك عرس إعلان الاستقلال في الجزائر.

ولن نخفي ابداان هذا العدو الصهيوني هو  عدو شرس وخطير وتتطلبمواجهته  اولا رأب الصدع وتحقيق المصالحة الوطنيةالفلسطينية لتشكيل جبهة فلسطينية واحدة متماسكة تعمل وفق اجندة واحدة تناضل من خلالهاسياسيا وعسكريا وشعبيا واقتصاديا وثقافيا ذلك حتى نيل الحرية والاستقلال وإعلان الدولةالفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين حسب القرار 194 وتحرير كافة الأسرى والمعتقلينمن السجون الإسرائيلية.