علم الاجتماع يقرر أن التغير لا محالة حاصل لأنه لا ثبات في الطبيعة، كما لا ثبات في المجتمعات فمجمل التطورات في الواقع تُحدث حراكا اجتماعيا ثم تغيير. لكن التغير بحد ذاته يحتاج لفترة طويلة من الزمن يمكن أن تقصر أن ارتبطت بجهود حثيثة متواصلة من مختلف تيارات أو كادرات أو مؤسسات المجتمع.

وفي التنظيم السياسي يجب أن تترافق مجموعة عوامل معا لإحداث التغيير المطلوب، فلا تكفي الآليات التنظيمية المعتادة في الأحزاب والتنظيمات الديمقراطية لإحداث ذلك مثل الانتخابات الدورية والمؤتمرات التي على أهميتها قد تغير الأشخاص وبما يحملونه من ثقافة مختلفة ولكنها قد لا تعكس ذاتها على مناخ وفعالية وكادر وأعضاء التنظيم.

ان إحداث التغيير يتطلب تطبيق معادلة ثلاثية الأركان محكمة تفترض:

 1-بذل الجهود المنظمة من جهة تلك الجهود المرتبطة بالتثقيف والوعي ووضع البرامج والمشاريع وتنفيذها .

 2-والالتزام بهذه الجهود المنظمة والمتواصلة المستمرة من جهة أخرى، أو بكلمات أخرى تحقيق التناغم والتعاون بينها لتصل مبتغاها.

 3- ويفترض ثالثا الإيمان بضرورة التغيير عن رغبة مسبقة وعن قتاعة برؤية المستقبل يتحقق بين يديك.

ان التغيير مصطلح يستخدم في علم الاجتماع كما يستخدم في الاقتصاد والسياسة والتنظيم (المنظمة) وفي التاريخ ويشمل موضوعات عدة من مثل النجاح والفشل السياسي أو الاقتصادي أو التنظيمي ودور الناس والجماعات والقيم ، والتغيير عملية انتقال من حالة إلى حالة أو من نظام إلى نظام (نظام اشتراكي ، ديني، رأسمالي...) ومن أسلوب الى أسلوب (أسلوب القيادة الاستبدادي،الجماعي، الديمقراطي...) حيث يحدد العالمان (جيرت وميلز) ستة أسئلة رئيسية تتعاطى مع التغيير هي:-

-         ما هو الشيء الذي يتغير؟

-         كيف يتغير؟

-         ما هو اتجاه التغيير؟

-         لماذا يحدث التغيير ولماذا كان ممكنا؟

-         ما هي العوامل الرئيسية في التغير الاجتماعي؟

ونحن في التنظيم السياسي، وفي حركة فتح بالتحديد، وفي مسار إحداث التغيير نريد أولا تغييرا في أسس التفكير من تفكيرعشوائي يستقبل الإحداث ويتابعها أو تدهمه، إلى تفكير منطقي وعلمي وإبداعي صانع للحدث، ونريد ثانيا تغييرا في الثقافة الجامدة التي تفترض الصواب لها وحدها (ومنها في التنظيمات الأخرى تلك الاحتكارية الاقصائية والمنغلقة على ذاتها تلك الظلامية التي ترفض التجدد والاستفادة من الغير) الى تلك المرنة ولكنها المتينة وذات الطابع التعبوي ، ونريد تغييرا في الوسائل والكيفيات ، ونقترح ان يكون اتجاه التغيير في آليات التعامل ضمن الأطر في سياق التزام أشد سنحدد مفهومه بدقة اكبر في سياق العملية القيادية أو الإدارية – التنظيمية.

يقول عالم الاقتصاد والإدارة الشهير (بيتردراكر) إن نجاح المؤسسة -والمؤسسة عقلية ونموذج وتطبيق- هو وجود أمران هما: القيادة الواعية والالتزام، وهما العاملان الرئيسيان لانتقال الفعل من الحالة الورقية (خطة مكتوبة أو مشروع مصاغ ومحدد..) إلى الميدانية، أي من التخطيط الى التنفيذ حيث يقول نصا(ما لم يتحقق الالتزام فكل ما هنالك الوعود والآمال – بدون أفعال. تأكد من التزام فريق العمل بتحقيق كل هدف من أهدافك وأهدافهم هم أيضا).

الهزيمة الداخلية

 لماذا نخفق في تحقيق النتائج ؟ ولماذا لا نستطيع أن نحقق الانجازات ؟ ولماذا يكون النجاح جزئيا والفشل كاملا؟ أسئلة كهذه كثيرا ما تثار داخل التنظيم السياسي أو المجتمعي، ولكنها أسئلة ان ظلت معلقة او ان ارتبطت فقط بالتفكير السلبي فإنها تشكل أحد عوامل الهزيمة الداخلية في المنظمة (التنظيم)، وهي ذاتها  مدخل الانتصار عندما ترتبط بالعقلية الايجابية التي تسأل لمعرفة مواضع الخلل وتقوم أو تسهم بإصلاحه، والتي تستفيد لتضع الحلول التي تكون هي أول من يطبقها في نطاقها وضمن دورها وفي حدود مساحة حركتها.

 ان القيادة كعقلية مؤسسية تحتاج لنفس طويل (لذلك كانت الثورة الفلسطينية وفتح حتى الآن من المطبقين لنموذج حرب الشعب طويلة الأمد-النفس) كما تحتاج لتفكير ايجابي إبداعي، وتحتاج لمصد يمتص الصدمات ويستوعب وينشر رياحا باردة وروائح عطرة بين الناس والكوادر المنهكين المتعبين في يوم حر قائظ، وحين الشعور بالفشل أو قلة الانجاز.

 ان القائد الجاد يتواصل ولا يكل ، ويجدّ ولا يسأم، ويظل ثابتا على مسار الفعل المحقق للأهداف فالانتصار، ويتابع يوميا لأنه كل يوم لديه برنامج حافل وهو بهذه الشخصية يبدو قويا ذو إرادة لا تلين ويقدم نموذجا عمليا يسير على قدمين ، وكما كان شأن القائد الخالد ياسر عرفات ورفاقه.

 ان القائد للتغيير الملتزم بالنشاط والبرنامج المنعقد للزمن والأهداف، الذي يقوم بآلية (المتابعة) ذات (الاستمرارية) و(الدورية) قائد ديمقراطي لكنه حازم ، وهو رحب واسع الصدر يستمع للآخرين محققا الشرائط لإصغاء.

-         بان يفهم ما يريد المتحدث ولا يفرض رأيه عليه.

-         ويتعمق فيما بين السطور وما يريده المتحدث.

-         ويركز ، ويدون ما يقال باهتمام.

-         ولا يمتنع عن السؤال حيث الحاجة له.

-         ويكون صبورا و مرنا، ولا يطلق الإحكام المسبقة.

يقال في الأمثال ان (قليل متصل خير من كثير منقطع)، ويصدق ذلك على المال كما يصدق على القيادة والإدارة فحيث كانت آليات الإدارة (التخطيط ، تنظيم الجهود، القيادة كتحفيز واتصالات وتوجيه ، المتابعة، الرقابة والمحاسبة) متصلة وان بحدها الأدنى فهي أفضل من تواصل لمرة واحدة مكثف ولكنه لا يدوم، حيث يتحول العمل التنظيمي في الحالة الثانية إلى عمل موسمي غير مخطط لا يؤسس لبناء ثقافي متماثل ولا لابداع ميداني متكامل.

الالتزام بالمفهوم المتداول

 المفهوم المتداول للالتزام يأخذ اتجاهين الأول: إن الالتزام مطلوب من الأطر الأدنى فقط (مطلوب من المرؤوس أو التابع أو ذو المرتبة الأدنى) وهذا خطأ، وان الالتزام مفهوم يعني الانصياع للأوامر والتوجهات والقرارات وهذا أيضا لوحده خطأ آخر، فالالتزام بهذا المفهوم وهو مفهوم كما سنرى إن اعتمدناه فانه يكون قاصرا.

 إن الالتزام بالمفهوم المتداول أعلاه إن قبلناه يجب أن يعني (تبادلية) الالتزام، فكما هو مطلوب من الأطر الدنيا أن تعبر عن انصياعها، مطلوب أيضا من الأطر العليا أن تلتزم وتنصاع أيضا، وفي الاتجاه الأخر عندما يكون الالتزام مرتبطا بالتسلسل الهرمي والاتصالات العمودية فان الاستجابة للأوامر والتوجهات والقرارات وهي من ضروريات الالتزام فإنها لا تقتصر على إطار دون غيره.

 وكما أن الاستجابة (أو الانصياع ) للأوامر يتم ملاحظتها من قبل (الإتباع)أو (الأعضاء) عبر الممارسة العملية والسلوك ، فان استجابة القائد يجب أن تكون من خلال سلوكه أيضا وعبر احترام رد الفعل وإرجاع والأثر المتحقق من قبل الأعضاء من جهة، ومن خلال التزام القائد بالقرارات الصادرة أصولا من إطاره وعبر المؤتمرات أيضا.

عندما يصدر القائد التنظيمي أمرا لكادر ضمن مسؤوليته بأن ينظم حفلا للخريجين مثلا فليس له  أن يتجاوز بذلك إطارا أدني ، وليس له أن يتعدى على صلاحيات زميل له ( من نفس الإطار أو موازي له أفقيا)، وليس له أن يعطي التوجيهات للشخص غير المعني هذا ابتداء ، وفي حال كانت التوجيهات ضمن الأصول (من الشخص المختص وللعضو أو الكادر صاحب الصلاحية ودون تعدي على صلاحيات الغير بل بالتنسيق معه) يصبح تنفيذ الأمر أو التوجيه أو القرار يعبر عن (انضباط)، ويكون عامل (الثبات) و(التواصل) و(الديمومة) و(التكرس) في التنفيذ، أو (المواظبة) على فعل الأمر يشكل (التزاما) مطلوبا من صاحب الأمر (القائد) عبر الاتصالات والمتابعة، ومن الكادر عبر التنفيذ واقتراح التعديل والتقييم.

 وفي هذا السياق أيضا يكون مطلوب من القائد التنبه لمقدار رد الفعل أو إرجاع الأثر أو الاستجابة من المنفذين بحيث تحصل التعديلات أو التغييرات التزاما بالقرار وبما يدخل عليه من ملاحظات (إرجاع اثر) تأتي عبر الكوادر.

 في تعريف  الالتزام في هذا السياق قد نلحظ تداخلا علميا في التعريفات ففي الوقت الذي يمثل فيه الانتماء:عملية انتساب واشتراك في المنظمة بأن تكون جزء من كل، يمثل الانضباط : اطاعة الأوامر والاستجابة لها، فيما يكون الولاء: شعور بالفضل وممارسة للاشادة المتواصلة للمدين له وهو هنا التنظيم، ولكنه في جميع الأحوال من الممكن أن نقول أن مثلث (الانتماء/الانضباط/الولاء) يتقاطع مع مثلث (العمل/الايمان/الالتزام) ليحقق الانتصارات والمنجزات والأهداف.

 

مشروع يتهاوى

 يقرر إطار ما ولنفترض لجنة الإقليم (س) أن يقدم حزمة من المساعدات لمجموعة من المحتاجين في نطاق الإقليم الجغرافي، ومن المنتمين للحركة تاريخيا، ولذلك نطلق حملة تبرعات تطال كبار التجار في المدينة عبر مشروع شفاف لدعم أطفال هؤلاء المحتاجين في المدارس، ويقوم الاقليم بتكليف الأخت (ع) ولجنة خاصة بالمشروع لإدارة المشروع، وبعد أسبوعين وفي اجتماع لجنة الإقليم عندما يتوجه أمين سر الإقليم بالسؤال عن نتائج العمل (المشروع) يقوم الإخوة والأخوات في اللجنة ببسط مجموعة من العراقيل والحجج ما يعني انهم لم يفعلوا شيئا، ويتكرر مثل هذا الآمر في الاجتماعين اللاحقين، وفي الاجتماع الرابع يصبح الموضوع (المشروع) في حكم المنتهي فلا يتذكره أحد ولا يفتح أحد فاه ليسأل إلى أين وصل؟

هنا تظهر حقيقة مفهوم الالتزام من عدمها، وهنا نرغب بتعريف ما اجتزئ تعريفه ليصبح فقط مرتبطا بعلاقة رأسية (أحدهم- أو إطار- يقرر والآخر – أو مجموعة تنفذ) تحكم على الإطار أو اللجنة الأدنى وفق مستوى الانصياع للقرار ما هو منظور أحادي غير كامل لمعنى الالتزام الذي عبر مثالنا السابق يتضح انه أوسع بكثير.

 

الالتزام كمفهوم شامل:

إن الالتزام مرتبط بالضرورة بفكرة أو هدف أو عمل أو نشاط محكوم بزمن أو مشروع أو فعل، فالفعل المطلوب: يمثل سلسلة من النشاطات التي تفترض خطة وتخطيط، ولتحقيقها يتم توزيع المهمات والتكليفات (أي الأعمال) على الأعضاء، ويفترض أن يؤدوها بالشكل المطلوب وبالدرجة المطلوبة وبالزمن المقرر وبما يحقق النتائج المرجوة، وهذه النتائج هي المعبر-الصورة والبيان- عن الأهداف التي وضعت للعمل أو المشروع.

إن الالتزام في المفهوم الشامل وارتباطا بالفكرة ، أو العمل يحتاج:-

1-    إيمان لا يلين.

2-    إرادة صلبة.

3-    فعل دءوب.

4-    متابعة دورية.

5-    تحقيق نتائج (انتصارات).

لذا فان الالتزام في سياق العملية التنظيمية أو الإدارية هو: عبارة عن بناء نفسي متين يدفع بالقائد أولا وبالعناصر ثانيا (للثبات) (والمواظبة) على المسار ، ما يعني تحقيق التواصل والتكامل و(الدورية) والديمومة للنشاطات والأفعال حتى تظهر النتائج وتحقيق الأهداف كمنجزات. كما يمكننا القول أيضا تعريفا للالتزام أنه: القوة التي تدفعنا لنستمر بالرغم من الظروف الصعبة.

وعليه فان الالتزام في حقيقته مطلوب من القائد أولا فلا تخور قواه ، ولا يتنازل، ولا يتراجع عن فكرة أو خطة أو عمل مقرر، وان كان من الضروري أن يعدل وان يكون مرنا، ولا يتخاذل.

 القائد لا يهزل فما تم إقراره كعمل أو مشروع أو نشاط أو خطة أو برنامج مطلوب منه هو أولا وقبل أي عنصر أو عضو أن يلتزم هو بتنفيذه عبر المتابعة، ودوره هنا في الاتصالات والحفاظ على استمرارية وضوح الهدف والمتابعة الدورية اليومية للنشاطات المحكومة بالخطة والزمن المحققة للهدف أي بالحفاظ على ثبات المسار يعتبر دورا أساسيا وهو ما يمثل حقيقة الالتزام.

  إن التزام الأعضاء بالهدف أو الخطة أو المشروع قد يفتر أو يضعف وهذه طبيعة انسانية، وهنا يبرز  دور القائد عبر التحفيز والحفاظ على وقود الأمل، ويبرز دوره في المتابعة التي تحافظ على الفعل في اتجاهه الصحيح فلا يخرج القطار عن السكة ، وضمن آليات بسيطة ولكنها مجدية ومجربة. (المخترع توماس اديسون توصل إلى اختراع المصباح الكهرباء بعد 999  محاولة فاشلة و لكنه كان ملتزما حتى و صل لهدفه، وفتح التزمت بتحرير الفلسطينيين من النكبة وفقدان الهوية الوطنية فأطلقت شرارة الثورة رغم فشل المحاولات الأولى فنجحت بوضعهم قسرا على خريطة العالم شاء من شاء وأبى من أبى، كما حولت الانتفاضات والتنمية والبناء والمقاومة الشعبية إلى مسلك يومي في نجاح متصاعد، والخالد ياسر عرفات نجح في ضرب النموذج على البطولة والصمود الأسطوري والخروج صلبا بعد كل تحدي نتيجة التزامه الذي لا ينازعه فيه أحد بقضية شعبه ووحدته ما أصبح من سمات الفتحويين).

لا يقع اللوم على الأعضاء وحدهم حينما لا يتحقق الأمر أو حالة الفشل الجزئي أو الكلي للمشروع أو العمل أو الخطة ، ولهم نصيبهم في ذلك، ولكنه يقع على القائد أولا الذي يجب أن لا يهمل الاتصال الفعال بالكوادر أو الحماسة أو إخراج أفضل مكنونات النفس البشرية أو المتابعة أو جعل الهدف جليا للأعضاء دوما والتحفيز لتحقيقه عبر رقابة النتائج التي تتراكم يوميا سواء بشكل مباشر أو عبر تفويض السلطة لمن هم أدنى.

 

مقويات الالتزام    

الالتزام لا ينشأ مع الشخص وانما ينمو معه، فقد يراه البعض كابحا للحرية أو معطلا للرحابة أو مقيدا للعقل ، إلا أن الحقيقة ان الاستمرار والمواظبة والتكرس للشيء باعتباره التزام هو البوابة التي تفتح على مصراعيها مادام الجهد مبذول لتحقيق المنجزات والأهداف وبالتالي تحقيق الانتصارات، ولان الله خلق الناس مختلفين وما بين قادرين على الالتزام بالاقتناع وما بين مخالفين فإنه يحق لنا في التنظيم السياسي ان نزيد من عوامل الالتزام ليس باستخدام أسلوب التخويف اوالعقوبات أو الردع التي تعتبر الملاذ الأخير، وانما من خلال بعض الأساليب التي من الممكن أن يتبعها القائد والتي تشمل على التالي:

1-المشاركة وتوزيع الأدوار

2-التحفيز والتشجيع وحسن الاتصال

3-وضوح الأهداف والخطة

4-أسلوب القيادة بحسب الأشخاص والموقف

5-تحقيق الرضا الداخلي في التنظيم

اتجاهات التزام

ان الالتزام ديمومة وتواصل ومواظبة وتمسك وثبات على المسار في اتجاهات عدة كما نقول يتحقق بها الانجازات والانتصار:

1-    انه تمسك بالفكرة (أو العقيدة أو الايديولوجية أو المباديء...)، والأهداف والخطة وبالأطر والأساليب المتبعة أو المتفق عليها والتكرس لانفاذها.

2-     وثانيا فانه يمثل تمسكا بالنظام والقوانين والسلوك الاجتماعي-التنظيمي وتطبيقها.

3-     وثالثا الالتزام بقرارات المؤتمرات و القيادة المتخذة أصولا (لا ذوات الأشخاص ضمن قاعدة البيعة للشخص).

4-     ورابعا الالتزام بتواصل الجهود المبذولة والمواظبة عليها ومتابعتها ضمن المسار المحدد ما أعطيناه التركيز الأكبر في هذه الدراسة.

5-     وخامسا الالتزام بالوقت باعتباره عاملا حاسما قد يصل بالعملية لنهايتها حال تقسيم النشاطات وفق تكليفات الأفراد والزمن وضمن برنامج محدد، أو تصبح المشاريع تسير بالفراغ عندما يتم تناسي الزمن.

 

روح الالتزام :

إن التزام القائد بالفكرة والخطة يظهر للأعضاء عبر سلوكه المتمثل بأفعاله وأقواله العلنية في المهرجانات واللقاءات والمقابلات الإعلامية ، ومن خلال الاجتماعات التنظيمية والاتصالات وعبر سلسلة من الآليات لا غنى عنها تلك التي تجعل روح الالتزام تتجلى في المتابعة اليومية التنظيمية الإدارية من خلال وسائل بسيطة كما قد تبدو ولكنها فعالة، وهي:

1-    الاجتماع الدوري مكتمل الأركان – الأسبوعي غالبا.

2-    التقرير ( قبل النشاط كخطة ، وتقرير أداء من كل مكلف بعد كل مرحلة ، وتقرير عام، ثم تقرير نهائي وتقييمي) ، وهو بالضرورة مكتوب ومدعم بالأرقام والوثائق والتكاليف المالية ومسؤولية كل شخص.

3-    عين على الخطة وعين على التنفيذ : حيث إن متابعة محاضر الاجتماعات والتقارير من القائد تفترض مقارنتها بالخطة الموضوعة ( أو المشروع أو البرنامج) للتدقيق إلى أين وصلنا وماذا حققنا وما المتبقي لنا ؟

4-    الاتصالات : عبر كافة الوسائل المكتوبة والشفوية وخاصة من خلال التدقيق مع الأعضاء واللجان شخصيا أو عبر الهاتف أو البريد أو الاجتماع إلى أين وصل كل شخص أو فريق ؟

5-التقييم الشفوي والمكتوب للعمل بعد انجازه ، والتحقق من حجم الانجاز والأدوار لكل منفّذ والدروس المستفادة، واستمرار التقدم. 

تحقيق المنجزات

تحقيق المنجزات معادلة عمل، والعمل: بحد ذاته تغيير في وقائع ساكنة أو متحركة لتأخذ شكلا أو طورا أو اتجاها أو نظاما أخر، وأي عمل لا يحرك ساكنا سواء في العقل أو على الأرض فهو عبث.

ان تحقيق المنجزات معادلة عطاء، فالعمل لينفذ يحتاج لشحنات متدفقة من الإرادة والفعل ما هو (عطاء) لأنه فعل مشحون وتغيير مكنون.

معادلة الانجاز تفترض بك ككادر أو كتنظيم أن تأخذ المبادرة وان تقوم بالنشاط وفق الأهداف والخطة العامة وان تتقدم، كما تفترض الالتزام بالمسار عبر التمسك والثبات والديمومة.

الانجاز = عمل + إيمان + التزام وهذه المعادلة هي المحقق للأهداف المرسومة بالتوقيت المناسب والتي تفترض التكامل والتناسق مع معادلة النجاح والالتزام والانجاز متمثلة بـ جهود + وقت+ إمكانيات، ومع قيم الانتماء والولاء والانضباط.

لا بد في سياق التركيز على الالتزام أيضا وباعتباره (تكريس) و (استمرارية) و(متابعة) و(حفاظ) ان نفترض بالزمن عاملا أساسيا متى ما جعلناه يدخل في ركاب النشاطات والأعمال واليات الإدارة والقيادة والمتابعة استطعنا أن نفجر الطاقات ونعبر إلى الانتصارات.

  خاتمة

 ان تحقيق الانجازات والانتصارات يفترض الالتزام بما هو إتباع للوسائل والآليات وتكرس ايماني للفعل، وقدرة على السير في الطريق إلى نهايته وثبات ومواظبة على المسار، وهو مرتبط بالخطة والمشروع والزمن والفكرة كما هو مرتبط بالقائد والأعضاء، ولا يتحقق الالتزام الا متى ما أصبح القائد نموذجا متحركا بين الناس وقدوة ويمتلك في ذات الوقت من ثمين الوقت ما يجعله يكرسه للمتابعة الدؤوبة لكل مفاصل العملية الإدارية التنظيمية، وباستخدام كافة أساليب العمل التنظيمي.