لم تعد تنفع المكابرة والعناد الأميركي ومن يدور بفلكها من دول أوروبية القفز على أن الإنحياز الأعمى الأميركي بدعم استدامة الاحتلال الاستعماري الاحلالي الإسرائيلي لفلسطين والعربية المحتلة يشكل الأساس لتقويض الأمن والسلم الدوليين وما تشهده الساحة العالمية من عدم إستقرار وغارات وقصف أميركي وخاصة منذ بدء حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الكيان الإستعماري الإرهابي الإسرائيلي بقطاع غزة طوال الشهور السبعة الأخيرة ولسنوات مضت في عموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا وما أدت إلى تداعيات من تدخل عسكري أميركي وغربي مباشر من اليمن إلى العراق ولبنان إلا دليل بالغ على أن استدامة الإحتلال الإسرائيلي الاستعماري لأراض فلسطين وتمكين الكيان الصهيوني الإسرائيلي الإرهابي من عناصر القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه ورفضه تنفيذ مئات القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وبحرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الأساس بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس إلا إثبات لذلك.

* للإنحياز الأميركي "لإسرائيل" معان:

تاريخيًا يمكن فهم الأسباب الحقيقية لصناعة الكيان الاستعماري الاحلالي الإسرائيلي على أرض فلسطين من قبل قوات الإستعمار العالمي بالقيادة الأميركية البريطانية الفرنسية تلك الأسباب التي لم تزل قائمة وتتعزز بمزيد من الدعم اللامحدود على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية مع قرب ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب بما يعنيه من تراجع الهيمنة الأميركية ونفوذها على الساحة العالمية وخاصة في الوطن العربي الذي عانى ولم يزل من تداعيات الهيمنة الأميركية والإستراتيجية العدوانية التوسعية لأداتها "إسرائيل" مما يعني إتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لضمان السيطرة الأميركية على الوطن العربي الكبير بأقطاره لما يتمتع به من موقع إستراتيجي وثروات ومكانة دينية إسلامية ومسيحية وهذا ما يفسر لماذا تلهث الإدارة الأميركية لإدماج الكيان الاستعماري الاحلالي الإسرائيلي الإرهابي بالوطن العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة.

ولكن للإنحياز الأميركي للمستعمر الإسرائيلي معان تشكل إنقلابًا على أهداف ومبادئ وميثاق الأمم المتحدة ومنها:

أولاً: تمكين الكيان الإسرائيلي المصطنع وعلى مدار ثمان عقود مضت الإفلات من المساءلة والعقاب لعدم تنفيذه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الذي رهن قبوله" إسرائيل "عضوًا بالأمم المتحدة بتنفيذ قراري الجمعية العامة رقم 181 و 194 أي الالتزام والاعتراف بالدولة العربية الفلسطينية وبالحدود المبينة بموجب قرار التقسيم وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 وإنهاء أي احتلال وتعد على أراض الدولة الفلسطينية.

ثانيًا: تمكين الكيان الإسرائيلي المصطنع بكل عناصر القوة للمضي قدما بحرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا وذلك من خلال تبرير جرائمه بعناوينها "حرب وضد الإنسانية والتطهير العرقي وحرب الإبادة".

ثالثًا: حرمان الشعب الفلسطيني من التمتع بحقوقه الأساس بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وذلك عبر فرض عقبات باستخدام الفيتو وغيرها من الآليات أمام إلزام إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة أو حتى الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو عامل بالأمم المتحدة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 كخطوة نحو إقامة الدولة الفلسطينية وفق الحدود المبينة بقرار التقسيم رقم 181.

رابعًا: جعلت بإنحيازها من " إسرائيل" كيانًا مارقًا لا يأبه بميثاق الأمم المتحدة ولا بقرارات مؤسساتها ولا بأهدافها بل وبعنجهية وصلافة يصفها بأنها حبر على ورق.

خامسًا: عدم الالتزام بواجبات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة من حيث الإلتزام بعدم الإعتداء على أراض دولة أخرى بقبول وتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة عملاً بالمادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة.

* مسؤولية أميركا:

يقع على عاتق الولايات المتحدة الأميركية خاصة وعلى باقي الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن مسؤوليات إضافية كون ان صون الأمن والسلم الدوليين وضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن وعن محكمة العدل الدولية دون إزدواجية وبكافة الصلاحيات التنفيذية والإجرائية المناطة حصرًا بموافقتها أو إمتناعها عن التصويت داخل مجلس الأمن مما يرتب على أميركا كونها الأكثر إنحيازًا وانتهاكًا لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وبالشرعة الدولية وبمواقفها وتفسيراتها للقانون الدولي ولحق الدفاع عن النفس وحظر احتلال أراض دولة أخرى وبحق تقرير المصير لجميع الشعوب وتصفية الإستعمار انما وجد خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة وبالقضايا العربية والإسلامية عمومًا أن تضطلع وفقًا لذلك بمسؤولياتها دونمًا تحيز أو إنتقائية وذلك بإلزام "إسرائيل" إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وفق جدول زمني محدد المدة ورفع الفيتو عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية تنفيذًا لقرار الجمعية العامة رقم 19/ 67 / 2012 وصولاً للقرار رقم 181وخلاف ذلك تكون قد ساهمت عمليًا بتأجيج الصراعات والنزاعات المسلحة وشن الحروب بتقويض حقيقي للأمن والسلم الدوليين وأبلغ مثال للإزدواجية والانتقائية والتناقض الموقف الأمريكي من الحرب الروسية الأوكرانية التي عملت على تجنيد العالم لإتخاذ موقف مندد بروسيا وفرض عقوبات عليها تحت عنوان إنتهاك القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة بينما على النقيض من ذلك تعمل على تقويض اي قرار أو إجراء يندد بالكيان الإسرائيلي الإرهابي سواء لتحديه إرادة المجتمع الدولي بغالبيته الساحقة ورفض تنفيذ أي من قراراته أو للإمعان بارتكاب جرائمه دون خوف من المساءلة والعقاب وما الموقف الأميركي الرافض لوقف العدوان الإسرائيلي من جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي وفرض العقوبات الجماعية والحصار الشامل على قطاع غزة وما خلفه من تدمير وتهجير قسري و كوارث وتداعيات إنسانية لم يشهد لها التاريخ مثيلا لقرون مضت إلا دليل على الإزدواجية والإنقلاب على مبادئ وأهداف الأمم المتحدة بصون الأمن والسلم الدوليين.

* مسؤولية المجتمع الدولي:

ما سبق يرتب على المجتمع الدولي بغالبيته الساحقة من الدول الداعمة والمؤمنة بأعلاء وسمو مبادئ الأمم المتحدة وبتجسيد حق تقرير المصير للشعوب عامة وللشعب الفلسطيني خاصة أن تنتصر لهيبتها ودورها كأعلى سلطة بالأمم المتحدة وأن تبادر بالإنتقال بترجمة مبادئها ومواقفها من البعد النظري إلى إجراءات عملية ضاغطة على الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها لوقف إنحيازها وانتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ولميثاق الأمم المتحدة إعلاءًا لقيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان وبنفس الوقت المبادرة للعمل على إستصدار قرار بتجميد عضوية الكيان الاستعماري الاحلالي الإسرائيلي بالأمم المتحدة وعزلها دوليًا.

الانتصار للشعب الفلسطيني ودعم نضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليًا نحو الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني تمثل انتصارًا لإرادة المجتمع الدولي وقهرًا للظلم والإضطهاد الذي عانت و تعاني منه شعوب عديدة في العالم نتيجة للسياسة الأميركية القائمة على إقصاء مبدأ الحق وترسيخ وتغليب حق القوة؟