تدبرت المواطنة أم نائل الكحلوت أمورها وبنت مأوى مؤقتًا فوق ما تبقى من منزلها الذي دمرته غارة إسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة، حيث اختارت أن تبقى في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

جلست أم نائل تقرأ القرآن فوق ما تيسّر من ركام منزلها، حيث اختارت وعائلتها البقاء بدلاً من النزوح إلى مكان آخر في القطاع الذي أحال العدوان مساحات شاسعة منه، دمارًا كاملاً.

وتسأل أم نائل "إلى أين نذهب؟"، مضيفة أنها فوجئت وصُعقت عندما وجدت البيت كله مهدمًا، الطوابق الخمسة كلها، عندها نصبت خيمة وقعدت فوق الردم، في تجربة ستبقى أقل مرارة من تجربة النزوح والتشرد. 

وتوضح أثناء جلوسها على أريكة أنقذتها من تحت الركام في هذا الملجأ المفتوح الذي يؤويها مع زوجها وأطفالهما الأربعة "كان أحد الطوابق عبارة عن استوديو مجهزًا بالكاميرات والمعدات وأجهزة الكمبيوتر. كل شيء صار تحت الردم"، مشددة على أنه لا يستطيع أحد ترك ذكرياته وبيته الذي تعب فيه. 

وأشارت الى أن العائلة قررت عدم النزوح لأنه "لا يوجد مأوى كل البيوت مدمرة"، معددة أسماء أقاربهم الذين دُمرت منازلهم أيضًا.

في المأوى المؤقت، رتبوا بعض كتل الحجارة على شكل سلالم، وعلقوا واجهة ساعة محطمة على عمود نجا من القصف، وظهر حوض من النباتات الخضراء، وعلّقوا على حبل قطعًا بلاستيكية حمراء لإضفاء القليل من البهجة على مشاهد الخراب المحيط بهم من كل حدب وصوب.

وتحوّل كل شيء إلى ركام بسبب القصف الإسرائيلي العنيف والمتواصل على قطاع غزة.

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن "الدمار في قطاع غزة خلّف 23 مليون طن من الركام" في هذه المنطقة الساحلية الضيقة.

وقالت عبر منصة "إكس" الجمعة "سيستغرق التخلص من الركام عدة سنوات".

في مأواهم المكشوف على الريح والمطر، تتمثل المهمة الأصعب بالنسبة لأم نائل وزوجها يوميا في العثور على ما يقتاتون به. وتقول "لا يوجد مساعدات. لم تصلنا أي مساعدات. نأخذ من حشائش الأرض ونحضر الشوربة (الحساء)".

بدوره، يوضح زوجها سعيد اسماعيل "نذهب إلى التكية وإلى الجمعيات ونقف في طابور ربما نحصل على صحن خبّيزة أو أي صحن آخر، كله خبيزة، لا نأكل شيئًا آخر.

وبلغ الوضع الإنساني مستوى كارثياً بشكل خاص في شمال قطاع غزة، حيث يعيش الزوجان. فقد بقي في هذه المنطقة نحو 300 ألف من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، والذين تقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من 1,7 مليون شخص نزحوا عن منازلهم للإقامة في مدارس أو مقرات تابعة لمنظمات دولية، أو نصبوا الخيام في مساحات عامة في القطاع.

وحذرت وكالات أممية متخصصة من مجاعة يصعب تلافيها في شمال غزة خلال أسابيع ما لم يتمّ اتخاذ إجراءات عاجلة لإيصال ما يكفي من المساعدات وتوزيعها.