يامن نوباني

"ميرون"، قرية فلسطينية صغيرة على السفح الشرقي لجبل الجرمق، هُجر أهلها مرتين، وقصفت طائرات الاحتلال فيها جسراً مقاما على مدخلها نهايات أيار 1948.

في الرابع عشر من أيار، تصادف الذكرى 73 لذكرى النكبة التي ألمت بشعبنا على أيدي العصابات الصهيونية.

وهذه القرية قد اقتلعت مرتين، الأولى تصادف بعد عدة أيام (10 أيار 1948)، والثانية وهي الرحيل الكلي والتدمير الكامل للقرية بتاريخ 28-29 تشرين أول 1948، ولم يتبق منها إلا بيت واحد يعود لعائلة قعوش.

قصفت القرية (5 كيلو متر غرب صفد) بعنف بواسطة طائرات الاحتلال وهجرت عصاباته أهلها البالغ عددهم قبل النكبة، بحسب احصائيات العام 1945 (290 شخصا) هجر معظمهم إلى لبنان، واحتوت القرية على 47 منزلاً.

ولوفرة زيتونها كانت وهي القرية الصغيرة تحتوي على معصرتي زيتون يدويتين، وكانت الحبوب المحصول الأول في أراضيها البالغة مساحتها 14114 دونما، يليه الزيتون، ثم الفاكهة، والعنب.

وبحسب كتاب "كي لا ننسى" لوليد الخالدي، فإن في "ميرون" عدة خرب تاريخية تعود إلى الفترة الواقعة ما بين أوائل عهد الرومان والقرن الثالث عشر للميلاد، ومعاصر زيتون وكهف قديم وقبور محفورة في الصخر وصهاريج.

كما أنها تتمتع بإطلالة رائعة على الكثير من التلال في الجليل الأعلى، ولها وادي اسمه وادي "ميرون"، ويقع جنوب القرية، كما كانت تشتهر قبل النكبة بتربية الماعز وخلايا النحل وزراعة الزيتون والعنب.

وبحسب الخالدي، فقد اقتلع سكان ميرون من قريتهم على دفعتين: الأولى بعيد سقوط صفد في يد "الهاغاناه" بتاريخ 10 أيار / مايو 1948، والثانية أواخر تشرين الأول / أكتوبر بعد احتلال القرية.

 ويورد المؤرخ الفلسطيني نافذ نزالة، أن "ميرون" هوجمت من الجو بواسطة ثلاث طائرات إسرائيلية لمدة قصيرة قبيل حلول ليل 28 تشرين الأول / أكتوبر، وفق ما ذكر بعض سكان ترشيحا اللذين قصفت قريتهم في الوقت نفسه.

 كما يورد التاريخ أن "ميرون" لم تسقط بسهولة، وأن لوائي "شيفع" و "كرملي" واجها صعوبة في احتلالها، ما دفعهم للتقدم نحو صفصاف، وتجاوز "ميرون"، في بدايات تهجيرهم لتلك القرى الممتدة بين صفد وعكا.

وتذكرنا "ميرون" أو تُذكر ميرون، بالفنانة والكاتبة والرسامة أمل كعوش، من الجيل الثالث بعد النكبة، المولودة عام 1981 في مخيم عين الحلوة.

 حفظت كعوش في أغانيها التراث الفلسطيني، وبرزت بصوتها الرهيب وموهبتها الغنائية، كواحدة من أجمل من رددوا أغنيات تقاليد العرس الفلسطيني، جالت بصوتها العالم، لتقول اللهجة الفلسطينية. كما كتبت لفلسطين، في منابر اخبارية وثقافية متعددة، اهمها: مجلة السفير ومجلة رمان.

أينما حلت كعوش تحمل "ميرون" معها، حتى أنها أطلقت على لوحة لها اسم "فتاة الظل"، وهي أيقونة كعوش للعودة إلى "ميرون".

ليلة أول أمس الخميس، وقع حادث انهيار الجسر الحديدي المقام على أنقاض القرية المهجرة "ميرون"، و والذي أدى إلى سقوط ما يقارب الـ44 قتيلا و150 جريحا.