في الرابع من حزيران/ يونيو 1967 في الـ 22 من أيار/ مايو القادم مصلحة وطنية فلسطينية، وتشكل رافعة من روافع النضال الوطني لأكثر من عامل، منها: أولًا تعزيز وتكريس الحياة الديمقراطية في أوساط ابناء الشعب في الضفة بما فيها القدس العاصمة الابدية وقطاع غزة؛ ثانيًا انتخاب الأداة التشريعية، أحد مرتكزات الدولة الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)؛ ثالثًا دور الأداة البرلمانية في مراقبة دور السلطة التنفيذية، وتصويب أدائها، وترشيد سياساتها، ومحاسبة الحكومة ووزرائها ومؤسساتها؛ رابعًا تعزيز فصل السلطات الثلاث، وخلق توازن بينها، والحؤول دون تغول السلطة التنفيذية؛ خامسًا معركة الانتخابات البرلمانية جزء أصيل من معركة التحرر الوطني، والدفاع عن ثوابت وحقوق الشعب العربي الفلسطيني؛ سادسًا تكريس دور ومكانة الدولة الفلسطينية على أرض الشعب، والتأكيد للعالم أجمع وهيئاته الأممية، أن الشعب الفلسطيني شعب حي وديمقراطي، ويسعى من أجل بناء ركائز السلام.

انطلاقًا مما تقدم، لا يمكن التنازل عن الانتخابات، ولا التفريط بها، أو تجاهل أهميتها وضرورتها بحيث تجري في كل بقعة من أرض دولة فلسطين المحتلة عام 1967 وخاصة في العاصمة الفلسطينية الأبدية، زهرة المدائن، التي سعى ويسعى الصهاينة بمختلف مشاربهم وخاصة اليمين المتطرف والحريديم لضمها كليا. ولا أضيف جديدًا لذاكرة احد، بأن دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية سنت أكثر من قانون وقرار بضمها منذ احتلتها في الخامس من حزيران عام 1967.

 

إذًا بقدر التأكيد على ضرورة وأولوية الانتخابات البرلمانية في دولة فلسطيبن المحتلة، بقدر ما لا يجوز إجرائها تحت أي إعتبار دون إجرائها في العاصمة الأبدية لفلسطين، القدس درة التاج وسيدة المدن الفلسطينية العربية. ويخطئ من يتنازل عن هذا الحق، الذي كفلته الإتفاقيات المبرمة مع دولة المشروع الصهيوني الكولونيالية. كما لا يجوز لكائن من كان إفتراض التمسك بإجراء الانتخابات في القدس العاصمة شأنًا ثانويًا، أو باعتباره ذريعة لتأجيل الانتخابات. هذا استنتاج تافه وباهت ولا يمت للحقيقة بصلة، لأن التنازل عن حق الانتخابات، وحق الترشح والتصويت لأبنائها المتجذرون فيها وفق المعايير الناظمة للانتخابات الفلسطينية الثلاث السابقة 1996 و2005 و2006، يعني شاء ادعياء التمسك بالانتخابات دون القدس تفريطًا بها، وتنازلًا مجانيًا لدولة الإستعمار الصهيونية.

وانطلاقًا من أهمية ومركزية مكانة مدينة السلام الفلسطينية العربية تصبح الانتخابات فيها أكثر من ضرورية، لأنها جزء أصيل، لا بل الجزء الأكثر أصالة في الثوابت الوطنية الفلسطينية. وكونه لا قيمة للانتخابات في الضفة وغزة دونها. وعليه فإن دعوة محمد نزال، عضو المكتب السياسي لحركة حماس ومن هم على شاكلته من الإسلام السياسي لإجراء الانتخابات دون القدس تساوقًا مع رؤية ومخطط دولة المشروع الصهيوني الكولونيالية، وتفريطًا واضحًا من قبل كل من يدعو لهذا الخيار البائس والعبثي.

ومن متى كانت حركة الإنقلاب الحمساوية تنادي بالانتخابات لولا الضغوط، والافتراض الوهمي، أن الحركة الإخوانية ستكون صاحبة الباع الطويل في الانتخابات القادمة؟ ولمصلحة من القبول بضم العاصمة الابدية طوعا للدولة الصهيونية، وتركها لقمة سائغة بيد الاعداء؟ وليأتي التفريطيون بذرائعهم وحججهم الواهية لقيمة أية انتخابات دون العاصمة الابدية لدولة فلسطين المحتلة. هيهات أن يتمكنوا من الإتيان بأية حجة تنسجم ومصالح وحقوق وثوابت الشعب العربي الفلسطيني.

إذًا الانتخابات الضرورية في كل زمان ووفق محددات النظام الأساسي (الدستور)، تصبح غير ذات شأن دون اجرائها في القدس العظيمة، لأنها فضلًا عن كونها تحمل طابعًا استسلاميًا لمشيئة وخيار دولة العدو الصهيوني، فإن عدم إجرائها فيها يعني القبول بدولة الكانتونات، وتمريرا لصفقة القرن الترامبية المشؤومة، والتي يفترض أن تكون سقطت مع غياب شبح الرئيس الاميركي السابق عن سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما لن يقبل به اي وطني فلسطيني، وفي المقدمة منهم القيادة الشرعية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس. فإما أن تجري الانتخابات في الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة، أو لا ضرورة لإجرائها مهما كلف ذلك من خسارة مؤقتة.