كيف سيكون موقفنا أمام حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) التي نجحت في تحقيق انجازات هامة ومؤثرة  في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية بعد قرار سلطة حماس الانقلابية الانفصالية في غزة بمنع دخول ألبان منتجة في مصانع فلسطينية خالصة في مدينة الخليل الفلسطينية في الضفة الغربية؟! فمبررات مسؤولي سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة (الحمساويون) كحليب فاسد يستحيل استخراج  الزبدة والسمن منه مهما خضوا في قرار المنع لإقناع الجمهور، فمنع وصول المنتجات الفلسطينية الى المستهلك الفلسطيني في أي مكان على أرض فلسطين جريمة لم يرتكبها إلا المحتلون العنصريون مغتصبو أرض فلسطين ومواردها وخيراتها.

تبيع شركات الألبان الفلسطينية ما نسبته 25% من انتاجها في قطاع غزة ما يعني تعرض هذه الشركات لخسائر ستنعكس هبوطًا على لوحة الخط البياني للاقتصاد الوطني الذي يرتكز على وحدة أرض دولة فلسطين الجغرافية أي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، لكن هذه الخسائر يمكن تحملها إضافة لخسائر كثير غيرها لو لم يأت قرار سلطة الأمر الواقع بغزة مباشرة بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التي أكد فيها انه سيتم التعامل مع منتجات الضفة وغزة حسب المنطقة الجغرافية أي دون عبارة (صنع في فلسطين) بعد تأكيده على أن منتجات المستوطنات سيتم التعامل معها كمنتجات إسرائيلية دون وضع علامة تبين انتاجها أو صناعتها في المستوطنات، وهنا يكمن الخطر في أبعاد قرار جماعة الانقسام والانفصال السياسي والجغرافي والاقتصادي (حماس) القاضي بمنع دخول الألبان المنتجة في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بذريعة حماية المنتج المحلي (منتج قطاع غزة).. لكن الايجابية المستخلصة من كل عملية الخض في البان فلسطين هي أن المعنيين بزبدة الكلام قد عرفوا الآن بما يقطع الشك باليقين أن مايك بومبيو هو شيخ مشايخ الإخوان المسلمين والأمير على فرعهم في فلسطين المسمى حماس؟!

ليس مستغربًا ولا مفاجئًا ما قررته العقلية الانفصالية الناظمة لجماعة الإخوان  المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس، فهؤلاء لا يعنيهم اقتصاد وطني، ولا تعنيهم الوطنية أصلًا، كما لا تعنيهم شرايين الحياة الرابطة لجسد الشعب الفلسطيني الواحد، فهؤلاء بعد تأكدهم من نجاحهم في قطع الشرايين والأعصاب السياسية والثقافية وإحداث نزيف هائل في شرايين المجتمع الفلسطيني  بقي عليهم لاستكمال مهمتهم الانفصالية قطع شرايين الاقتصاد الفلسطيني عمومًا، والقطاع الخاص تحديدًا، هذا القطاع الذي تؤكد شخصياته الوطنية في كل مناسبة على اولوية قطاع غزة في خطط التنمية والمشاريع، لكنه يكافأ بالتعطيل أحيانًا كما حدث مع شركات اتصالات حيث نهبت وسرقت معداتها بحماية مسلحين في وضح النهار، ومنع دخول منتجات فلسطينية خالصة كما حدث لشركات البان فلسطينية رائدة استطاعت تغطية السوق الفلسطينية بنسبة 75% بعد مقاطعة شعبية ناجحة لمنتجات إسرائيلية ما زالت سلطة حماس تمكنها من غزو أسواق القطاع!

ما صدقنا أحد عندما كتبنا قبل أكثر من خمسة عشر عامًا بأن اطلاق مجموعات حماس المسلحة القذائف العبثية من قلب المدينة الصناعية في شمال القطاع سيتسبب بتدميرها وفقداننا لقاعدة صناعية رئيسة كان مخططًا لها أن تكون بنية استراتيجية في المحافظات الجنوبية تكفينا أعباء وخسائر الاعتماد على المنتج الإسرائيلي والمستورد، وذات الأمر نبهنا له عندما لجأت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى تجريف مساحات خضراء كبيرة كان معظمها بيارات حمضيات ولوزيات وزيتون حتى أنه جيش الاحتلال الإسرائيلي ما انسحب من قطاع غزة إلا بعد تصحير قطاع غزة، وتدمير البنية الزراعية والصناعية التي كانت مقدمة لتدمير بنيته الثقافية والاجتماعية ومكانته السياسية حيث قدمت حماس الذرائع كافة لتحقيق هذا الهدف لتتقاسم مع سلطة الاحتلال قطاعًا مدمرًا محاصرًا منهكًا، تتقاذفه أهواء خدام الأجندات الاقليمية الخارجية والضاربين بمجاديفها في مستنقع الانقسام الذي يعكفون على توسيعه وتصويره لجمهور المواطنين المخطوفين بغزة وكأنه بحر غني باللآلئ والمرجان!