أثار القرار، الذي أعلنه الرئيس محمود عباس أمام إجتماع القيادة الفلسطينية  الثلاثاء الموافق 19 مايو الحالي ردود فعل متباينة، بعضها ثمن وقدر، وبعضها شكك، وبعضها مازال ينتظر ويترقب، وبعضها غير مصدق ما سمع ... إلخ. لكن القرار أصبح ساري التنفيذ منذ لحظة الإعلان بغض النظر عن التباينات في ردود الأفعال عليه سلبًا أم إيجابًا.

لكن مذا بعد إتخاذ قرار التحلل من كل الإتفاقات بين منظمة التحرير ودولة الإستعمار الإسرائيلية؟ كيف سيتم التعامل مع مجمل الملفات السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية واللوجستية والبيئية؟ وماذا يعني بقاء السلطة الوطنية، ورفع شعار الإنتقال من السلطة إلى الدولة؟ كيف ستتصرف القيادة الفلسطينية؟ وما هي الآليات التي ستلجأ لها؟ وهل يمكن المحافظة على السلطة، وفي ذات الوقت إلغاء الإتفاقات برمتها؟ واين هي لجان الإختصاص الفلسطينية المؤهلة لإجراء العملية الجراحية المعقدة في فك العلاقة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية، التي تهيمن على الأرض والإقتصاد والأمن والهواء والطرق والمعابر والأجواء والمياة والآبار الجوفية والبحر والنهر والإستيراد والتصدير؟ وهل ستبقى أليات العمل كما هي في المؤسسات المختلفة؟ وهل هناك حاجة لخيار تشكيل حكومة منفى في الخارج لتجاوز الضغوط والإملاءات الإسرائيلية والأميركية؟ وهل سيتم إعادة هيكلة وأليات عمل الأجهزة الأمنية؟ وكيف؟ وهل ستسمح دولة الإستعمار الإسرائيلية بالحرية للأجهزة الأمنية بالعمل في المدن والقرى وعلى الطرق الرئيسية؟ أم سيتم تحويل جزء منها للعمل في اللجان الشعبية بالزي المدني، وفي البلديات والمجالس المحلية والأحياء؟ وماذا عن الضرائب وأموال المقاصة؟ كيف سيتم تحصيلها وجبايتها؟ هل عبر إتفاق جديد، أم عبر طرف ثالث؟ وهل ستبقى العلاقة ذاتها بين منظمة التحرير والسلطة والحكومة؟ أم أن السلطة ستعود مباشرة للمنظمة صاحبة الولاية والمرجعية الوطنية الأساسية؟ وماذا عن المعابر وجواز السفر، الذي تم تضمينه في القرارات الفلسطينية ليلة اول امس الثلاثاء؟ وماذا عن اشكال النضال؟ هل ستتغير، أم ستبقى كما هو عليه الحال؟ وماذا عن المقاومة الشعبية السلمية؟ هل هناك برنامج واليات عمل وإمكانيات مالية ولوجستية وأداة جاهزة لإعادة الإعتبار لها؟ وماذا عن الوحدة الوطنية، وطي صفحة الإنقلاب؟ وهل تستقيم المواجهة مع التحدي الصهيو أميركي دون الوحدة؟ وما العمل لردم هذة الهوة السحيقة؟ وما العمل تجاه أدوات إسرائيل المنتشرة في الأرض الفلسطينية؟ وماذا عن العملاء ووكلاء وشركاء إسرائيل في السوق الفلسطيني، وفي المشهد الوطني العام؟ وألا تحتم علينا اللحظة مع الإنفكاك من الإتفاقات المبرمة مع إسرائيل، وضعها في موقعها المناسب كمنتجة للإرهاب، وراعية له ولقواه في فلسطين والمنطقة والعالم؟
وهل سيتم الطلب من الأمم المتحدة أن تكون وسيطًا في بحث المسائل المتشابكة، أم ستلجأ منظمة التحرير للإتحاد الأوروبي، أم للإتحاد الروسي؟ وما هو دور الأشقاء العرب في المعادلة السياسية الجديدة؟ وكيف سيتم التعامل مع الأنظمة العربية المتورطة في عملية التطبيع؟ وما هو الدور العربي الرسمي عمومًا؟ وهل لدى الأشقاء العرب القدرة على تجاوز إسرائيل والولايات المتحدة والمضي قدما مع السياسة الفلسطينية الجديدة؟ وما هي الصعوبات والتحديات الإفتراضية على المستوى العربي؟ وهل سيتمكن العرب من تأمين شبكة آمان مالية وسياسية وديبلوماسية وإقتصادية؟ وما هو المطلوب لعودة الأمور إلى نصابها وبشكل جدلي وعميق بين الوطني والقومي؟ وما هو دور القوى الشعبية العربية؟ هل وضعت سياسة خاصة للتعامل مع قوى التحرر العربية؟ وهل يمكن للعرب في ظروف الحروب البينية، وإستنزاف موازناتهم، والعجز الهائل والكبير فيها لأسباب عدة من تحمل مسؤولياتهم القومية؟ وماذا عن التنسيق مع دول الطوق الأربعة وتحديدًا مصر والأردن؟ وهل لدى الدول القدرة على القفز عن أميركا في ظل التحولات العالمية الجارية؟
وما هي حدود وقدرة منظمة التعاون الإسلامي على الإستجابة للرؤية الفلسطينية؟ وهل يمكن الرهان عليها وعلى كل المنظمات الأممية والقارية في دعم الكفاح الوطني الفلسطيني؟ وهل الإتحاد الأوروبي جاهز ومستعد للإقدام على الإعتراف بالدولة الفلسطينية، وفرض العقوبات على إسرائيل؟ وهل الصديق الروسي والصيني والهندي والياباني وغيرهم من الأصدقاء الأمميين مستعدين لإن يكونوا حوامل وروافع لفرض المؤتمر الدولي للسلام؟ وألم تحن الفرصة في ظل التطورات الدراماتيكية الجارية في المشهد العالمي لفرض رؤية السلام المقبولة على إدارة ترامب، وإلغاء صفقة القرن المشؤومة؟ وهل يمكن إلزام اسرائيل بالتراجع عن خيارها الإستعماري؟  
ألف سؤال وسؤال يمكن إثارتها الآن بعدما اتخذ القرار بالتحلل من الإتفاقات المبرمة، وجميعها اسئلة هامة من اصغر سؤال إلى اكبر اهم سؤال. لا يوجد سؤال غير ذي شأن. كلها تحتاج إلى جواب، ورؤية، واليات عمل، ووضع سيناريوهات عدة لكل خطوة ستخطوها القيادة على طريق إعادة الإعتبار للقضية والمشروع الوطني التحرري والأهداف الوطنية.