إلى أية درجة من الانحطاط الأخلاقي، يمكن أن تصل إليها سياسات المصالح والغايات الحزبية الضيقة، حين لا تقرب شيئا من الموضوعية، والمسؤولية، والقيم الوطنية، بل وحين لا تقرب شيئا من تقوى الله في عباده، حتى تبدو كأنها عديمة الضمير تماما..؟؟؟  لا نريد أن نضع سلما من الدرجات هنا، ولا نريد لسؤالنا هذا سوى أن يكشف عن واقع هذا الانحطاط في ما تفعل حركة حماس من أحابيل دعائية، ما زالت تبرمج فعالياتها، لغاياتها السياسية تحت عناوين خادعة، وشعارات شعبوية، تريدها كدعاية انتخابية حتى وهي لن تذهب إلى هذه الانتخابات، وسنعرف ذلك تماما بعد قليل ..!!!
هل نقول إن قبول حماس وترحيبها بالمشفى الأميركي بتصريحات شعبوية بالغة، بعض من هذه الأحابيل، المشفى الذي اتضح بجنود وضباط المارينز الأميركان الذين شيدوه، بأنه أقرب إلى قاعدة عسكرية أميركية، وثمة تقارير تتحدث عن مشفى استثماري (..!!) للتجارة بالأعضاء البشرية..!! أم نقول إن خيمة الاعتصام الحمساوية في رام الله، هي الصورة الأوضح لهذه الأحابيل الفجة القبيحة..!! الأمر كذلك بلا أي تأويل، خاصة أحابيل هذه الخيمة، التي يعتصم فيها عناصر حمساوية وظفتهم حماس على بند العقود يوم شكلت الحكومة العاشرة وبدرجات عليا، بذريعة رواتب مقطوعة لهم، بوصفهم أسرى، وهذا أمر لا صلة له بالحقيقة والواقع، فهولاء قد نقلت عقودهم من بند الأسرى المحررين الى موظفين حكوميين، وقد توفقت رواتبهم كأسرى محررين إثر ذلك.
وقبل اثني عشر عاما توجهوا إلى القضاء ليحكم في شكواهم، وقد رد القضاء شكواهم بحكم عادل، لكنهم عادوا اليوم بعد كل هذه السنين ضاربين بعرض الحائط حكم القضاء، يطالبون السلطة الوطنية التي انقلبوا عليها برواتب لا حق لهم فيها البتة، وبقدر ما يعرفون ذلك بقدر ما تتضح غاياتهم السياسية والدعائية الانتخابية، التي لا تريد سوى تكريس الانقسام القبيح، وتأبيد سلطته اللاشرعية بالمطلق، ولعل الأكثر فجاجة، والأكثر شعبوية في هذه الأحبولة الاعتصامية، ارتداء هؤلاء للأكفان وكأنهم في معركة مصير تاريخية، لتحرير فلسطين (..!!) لكن على ما يبدو والعقل الباطني الحمساوي يفضح غاياته بلا مواربة كلما تعلق الأمر بمصالح الإمارة، التي لا تريد سوى محاربة الشرعية الفلسطينية فيما هي تبرم تفاهمات الهدوء مع الاحتلال وتتقرب له اليوم بقاعدة أميركية على حدود القطاع المكلوم والتي لن يدخلها أحد بغير التنسيق الأمني والثلاثي هذه المرة، الأميركي الإسرائيلي الحمساوي!! أكفان لأجل الرواتب، أكفان يا حماس!! هذا هو العيب حقا بشحمه ولحمه، ولا نظن أن له دما لأن في الدم الفلسطيني حرارة لا تسمح بمثل العيب مطلقا، وللعلم فإن معظم رواد هذه الخيمة، من ذوي الدخول العالية حتى أن "الآدمن" خاصتهم برواتب عديدة، تصل إلى ما يقارب التسعة آلاف شيقل شهريا، عدا ما هو غير معلوم من تحويلات غسيل الأموال التي يتسلمها يدويا بين الحين والآخر!!
وللعلم أيضا فإنّ هذه الخيمة لو كانت لأي فصيل في غزة، لانتهى بها الأمر إلى حريق واعتقال من فيها، لكنّها في رام الله تنعم بديمقراطية السلطة الوطنية، حتى أن رئيس الحكومة زار الخيمة بلا أية حراسات قد ترهب رواد الخيمة التي بات من الواضح تماما أنها ليست خيمة اعتصام، بل هي خيمة هذه الأحابيل الحمساوية، ومن شاء أن يعرف تفاصيل أكثر عن هذه الحقيقة، عليه أن يراجع دفاتر المالية وحسابات الأسرى التي تدفع لهم ومنهم آلاف من أسرى حماس ورواد هذه الخيمة ليسوا منهم ولا بأي حال من الأحوال!