تقرير: نجية شحادة

صيدا بوابة الجنوب الحاضنة لأبناء شعبنا منذ أكثر من سبعة عقود، الذين وإن انخرطوا في نسيج هذه المدينة الشعبية لكنّهم مابدلوا عن فلسطين تبديلا.

 

 في هذه المدينة التاريخية يختلط الفلسطينييون مع اللبنانين، فلا إمكانية للتمييز بين شاب وآخر إلا عند الحديث معه، لكون أكثر أبناء شعبنا لا يزالون متمسكين باللهجة الفلسطينية رغم بعدهم عن أرضهم منذ ٧١ عامًا وتهجيرهم منها قسرًا. 

 

الوحدة الوطنية المشتركة بين الشعبين 

 تقول أمينة سر المكتب الحركي للمرأة في منطقة صيدا رجاء شبايطة لموقع "فلسطيننا": "نحن كشعب فلسطيني لا يوجد فرق بيننا وبين الشعب اللبناني ولا سيما أهالي صيدا، فقد ترعرعنا وعشنا سويًا، كما تجمعنا علاقات إنسانية وإجتماعية، وعلاقات نسب ومصاهرة".

 

وتضيف: "الشعب اللبناني شعبٌ مقاوم، وقد ساندنا في كل مراحل الثورة الفلسطينية، يعني وباختصار لا يوجد هناك تمييز نهائيًا، بل تجمعنا علاقة أخوية وإنسانية وإجتماعية وثورية في ذات الوقت".

 

وهو ما يؤكّده بدوره حاجٌّ صيداوي مرّ بنا، إذ يقول: "لا توجد تفرقة بين الفلسطيني واللبناني هنا في صيدا، لأنّنا تربّينا وعشنا معًا وسويًّا. نحنُ في صيدا يد واحدة، ففي حال تعرض أيٌّ من الشعبين لأي ظرف من ظروف الحياة تجد أخاه اللبناني بجانبه والعكس صحيح، هنا يوجد تعايش مشترك بني منذ عقود".

 

تعايش مشترك بكل معانيه

المشهد في صيدا يجسّد لكلِّ زائر أجمل صُور التآلف والتعاون، فهي مدينة العيش اللبناني والفلسطيني المشترك، بما يشمل الزواج والمهن ومشاركة مناحي الحياة سويًا.

وفي هذا السياق يقول فلسطيني التقاه موقع "فلسطيننا" في صيدا، "أنا فلسطيني لكنّ أولادي متزوجون من نساء لبنانيات ولا نشعر بأي تمييز، فكلنا شعب واحد، إضافةً إلى أنَّ فلسطين ليست لنا فقط بل هي لكلِّ المؤمنين".

 

في حين يبادر لحّام ليشاركنا رأيه قائلاً: "أنا لبناني وبحياتي لم أسمع بأحد يقول لهذا أنت فلسطيني أو لهذا أنت لبناني كلنا شعب واحد، جاري فلسطيني، خالتي فلسطينية، فلان فلسطيني، أين المشكلة كلنا شعب واحد كلنا في النهاية عرب".

 

"الحمد لله أنا فلسطيني، لكني خُلقت وترعرعت في هذا البلد وفي هذه المنطقة بالذات ولم أخرج منها حتى يومنا هذا ولا أريد الخروج، أعتبر هذا البلد بلدي، كما أنّ اثنين من أبنائي ارتبطا بلبنانيات وأيضًا زوج إبنتي من الجنسية اللبنانية ويعيشون "أحلى عيشة"، يقول مسنٌّ فلسطيني استرعى انتباهه حديثنا.

ويتابع: "الفلسطينيون واللبنانيون قد تكيّفوا على العيش معًا منذ زمن، وأنه أصبح يجمعهم صلة دم وقرابة".

 

تُرسّخ صيدا مبادئ حسن الاستضافة لأبناء شعبنا إذ لا يوجد مهرجان أو فعالية صيداوية تُنظِّم إلّا وكان لفلسطين حصة فيها، ولا يكاد يمرُّ حدث في الوطن إلّا ويحتشد أبناؤها في الساحات تضامنًا مع قضيتنا العادلة، ومع أنَّ الاحتضان الصيداوي لأبناء القضية الفلسطينية يتخلّى في أبهى صوره، فإنَّ الفلسطينيين لا يوفّرون فرصةً للتأكيد على العودة إلى حضن الوطن.