الخليل تستقبل نتنياهو بالرايات السوداء وسط توتر في المدينة

بلال غيث

دعا نشطاء فلسطينيون إلى استقبال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي سيزور مدينة الخليل مساء غد الأربعاء، برفع الرايات السوداء في محيط المنازل الواقعة قرب الحرم الإبراهيمي الشريف، بينما نفى مختصون في التاريخ والسياسة كل المزاعم التي تقوم عليها هذه الزيارة ووصفوها بالاستفزازية.

وذكر موقع صحيفة "معاريف" الإسرائيلي، أن نتنياهو سيشارك في طقوس بالحي الاستيطاني اليهودي بالمدينة، وعلى أعتاب الحرم الإبراهيمي الذي تعرض فيه الفلسطينيون لمجزرة عام 1994، وأودت بحياة العشرات على يد متطرف يدعى باروخ غولدشتيان. وستقام في المكان طقوس رسمية "لإحياء الذكرى التسعين لأحداث ثورة البراق من العام 1929". وستجري هذه الطقوس بحضور نتنياهو ووزراء في الحكومة وأعضاء كنيست من "حزب الليكود"، في أول زيارة رسمية له للخليل منذ 13 عاما.

ويحاول نتنياهو من خلال هذه الزيارة مغازلة غلاة اليمين المتطرف في إسرائيل الذين يقطنون في الجيوب الاستيطانية في البلدة القديمة بالخليل، لاستمالتهم للتصويت لحزبه ولصالح معسكر اليمين المتطرف في الانتخابات الإسرائيلية المقررة في السابع عشر من الشهر الجاري.

ويقطن كل من: "ايتمار بن غيفر"، و"باروخ مارزل"، و"بنتسي غوفشتين" القادة في حركة "عوتصماه يهوديت" التي تمثل هوامش اليمين الديني المتطرف، والتي تطالب بطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية ومن أراضي العام 48 ومن القدس، في جيوب استيطانية في مدينة الخليل.

وقال رئيس جامعة القدس المفتوحة، الباحث المختص في شؤون مدينة الخليل أ. د. يونس عمرو، إن الحقائق التي تقوم عليها زيارة نتنياهو للخليل جميعها مزورة، فهو حضر لزيارة الحرم الإبراهيمي الذي بناه إبراهيم أب الموحدين، وهو موقع اسلامي خالص احتل في العام 1967 وجرى تقسيمه إبان مجزرة الحرم الابراهيمي.

وأضاف ان تذرع نتنياهو بالذكرى التسعين لثورة البراق التي تدعي فيها إسرائيل تعرّض اليهود في الخليل وعموم فلسطين لاعتداءات فلسطينية، هو باطل ومخالف للحقيقة التاريخية.

وقال إن "الادعاء باطل، وإن من قام بقتل اليهود في حينه هو الانتداب البريطاني، ونتنياهو يحاول إلصاق الموضوع بالفلسطينيين زورا وبهتانا".

وأكد عمرو أن نتنياهو يعتبر أسوأ رئيس وزراء إسرائيلي لأن جميع سياساته تعتمد على التحريض الكلامي والفعلي، وانحاز لبراثن التفرقة العنصرية والاعتداء، وهذا مسيء حتى لدولته التي تدعي الديمقراطية الحديثة، وهو بذلك يكرس الاحتلال والكراهية والتفرقة العنصرية.

ويطالب مستوطنو الخليل، نتنياهو، باتخاذ قرار بمصادرة سوق الجملة ومنحه لهم بادعاء أنّه يعود تاريخيا لسكان الخليل اليهود.

وكان ما يسمى بالمستشار القضائي لحكومة الاحتلال أصدر أمرا قبل تسعة أشهر، بوجوب وقف سيطرة بلدية الخليل الفلسطينية على السوق، المعروف بسوق الجملة، والتخطيط لإقامة حي استيطاني يهودي في الموقع.

من جانبه، قال رئيس لجنة إعمار الخليل عماد حمدان لـ"وفا"، إن زيارة نتنياهو للخليل مرفوضة، فمن يريد أن يتنافس في الانتخابات الاسرائيلية يحضر للخليل لإرضاء غلاة المستوطنين في الخليل، وهذا مرفوض بشكل مطلق من قبل أبناء البلدة القديمة بالخليل، وستكون نتائج هذه الزيارة وخيمة على الاحتلال.

وأضاف ان البلدة القديمة تعاني بشكل كبير من ممارسات وسياسات الاحتلال الذي يقسمها لأربعة أجزاء، ولا يمكن الحركة فيها سوى سير على الأقدام وعبر بوابات، إلى جانب وجود مناطق لا يسمح سوى لسكانها بالوصول إليها، وهناك منطقة يمنع الفلسطينيون منعا باتا من دخولها، وبالتالي أصبحت الخليل القديمة مكبلة ومحاصرة بالحواجز والبوابات الالكترونية، ما أثر على كافة القطاعات الاقتصادية وعلى حركة السكان وعلى الحركة التعليمية والحركة بشكل عام.

ترتيبات الزيارة

وأبلغ جيش الاحتلال، المواطنين القاطنين في الأحياء القريبة من الحرم، بنيته فرض حظر تجول غدا، تزامنا مع "الزيارة" المرتقبة التي سيقوم بها نتنياهو.

ودعا نشطاءُ ضد الاستيطان في الخليل، أهالي البلدة القديمة إلى رفع راياتٍ سوداء على أسطح المنازل، تحديدًا في محيط المسجد الإبراهيمي ومقابل مستوطنة "الدبويا"، تأكيدا على رفض "الزيارة".

وهنا، قال المحلل السياسي خليل شاهين لـ"وفا"، إن الزيارة تأتي بعد فترة طويلة للزيارة الأولى التي قام بها بشكل رسمي لمدينة الخليل، ولها مغزى مهم في ظل التنافس على الانتخابات الاسرائيلية، خاصة على الأصوات الأكثر يمينية، حيث تتركز حملة نتنياهو على محاولة إنجاح حزب الـ"ليكود" بشكل أساسي، وتأكيد صب أصوات اليمين لصالح الحزب ليتمكن من تحقيق فوز يؤهله لتشكيل الحكومة، خاصة أن استطلاعات الرأي تتحدث عن صعوبات يواجهها نتنياهو.

وأضاف ان الزيارة تهدف لإيصال رسالة أن نتنياهو مستمر في تهويد المدينة وسط التحضير لضم أجزاء من الضفة الغربية ومن بينها مدينة الخليل، فنتنياهو يحاول أن يستقطب أصوات المستوطنين التي تشكل 13% من مجموع الأصوات وهي كتلة قوية في الانتخابات، ومن الواضح أنه يريد أن يوجه رسائل من الحرم الابراهيمي يحاول من خلالها جمع غلاة المستوطنين حوله.

وأوضح أن مدينة الخليل مستهدفة ليس فقط بالاستيطان، فربما تكون أجزاء واسعة من محافظة الخليل جزءا من مشاريع ضم الأراضي الفلسطينية، حيث أطلق نتنياهو تعهدا من داخل مستوطنة "الكانا" المقامة على أراضي محافظة سلفيت، ويتوقع أن يكرر هذه التعهدات، بفرض السيادة الاسرائيلية على الضفة، وهو الأمر الخطير جدا الذي يهدد مدينة الخليل ومجمل المنطقة الواقعة في جنوب وجنوب غرب الضفة.

وبدأ الاستيطان في مدينة الخليل منذ احتلالها عام 1967، بحسب مركز المعلومات في وكالة "وفا"، حيث تم الاستيلاء على بعض الأبنية داخل المدينة، وتحويلها إلى أحياء سكنية لليهود بهدف الربط الجغرافي بين تلك الأحياء اليهودية ومستوطنة "كريات أربع"، عبر حفر الأنفاق وإنشاء الطرق، ما يعني الاستيلاء على الممتلكات والأراضي الفلسطينية، وبدأ تنفيذ خطة التهويد بدخول 73 مستوطنا مدينة الخليل في 10/5/1968، حيث سكنوا فندق "النهر الخالد" وأعلنوا نيتهم البقاء بدعم من سلطات الاحتلال الإسرائيلي. أما عدد المستوطنات في المحافظة فبلغ 30 مستوطنة، إضافة لأكثر من 20 بؤرة استيطانية.

بلدية الخليل ترفض الاستيلاء على ممتلكاتها

إلى ذلك، قال نائب رئيس بلدية الخليل يوسف الجعبري لـ"وفا"، إن مساعي الاحتلال للاستيلاء على سوق الجملة في الخليل مرفوضة، وإن نتنياهو أصبح يستخدم الخليل للوصول لكرسي الحكم، مستنكرا هذه الزيارة جملة وتفصيلا وما ستتضمنه من قرارات.

وأضاف ان الاستيلاء على أملاك بلدية الخليل في سوق الجملة أمر مرفوض، وان نتنياهو لا يمتلك حق الاستيلاء على هذه الأملاك، وان اتفاق الخليل الموقع مع الاحتلال يقضي بأن حق الإدارة بشكل كامل في الجزء المحتل من المدينة هو لبلدية الخليل، وأن الاستيطان كله غير شرعي.

ودعا رعاة الاتفاق للتدخل من أجل منع نتنياهو من الاستيلاء على ممتلكات بلدية الخليل.