ماذا بعد؟! سؤال نطرحه على انفسنا بعد وصولنا إلى خط نهائي لمرحلة ما، أما وقد أسقطنا الورشة الأميركية في المنامة، فنحن لم ننجز أهدافنا الوطنية بعد وما زال أمامنا طريق طويل لمواجهة صفقة القرن، باعتبارها اخطر مؤامرة استعمارية جديدة (أميركية - إسرائيلية) على وجودنا منذ وعد بلفور، وقرار الإمبراطوريات الاستعمارية قبل حوالي قبل 72 سنة دولة (إسرائيل) على أرض وطننا التاريخي والطبيعي، إسرائيل هذه التي توسعت ولم تقف عند حدود معينة حتى اليوم، والتي ما زالت استثناء بين جميع دول العالم ( مجهولة الحدود ) أي أنها بمعنى آخر ( دولة ناقصة)!!
لا مجال الآن للتنظير وسفسطائية الكلام وليس امامنا الا طرح الأفكار القابلة للتنفيذ والتي لا تحتاج الا لإرادة وطنية، نعتقد اننا أغنياء بها ولا نحتاج الى قروض أو مساعدات أو منح من احد لتطبيق برنامج عمل مرتكز على الإيمان بقدرات الشعب الفلسطيني المنظمة والمؤطّرة والفاعلة، وعلى منهج سياسي أوضح الرئيس أبو مازن في خطاباته وتصريحاته في المحافل الوطنية والدولية خطوطه العريضة:
أولا - على صعيد البناء التنظيمي لقوى حركة التحرر الوطنية الفلسطينية التقدمية الديمقراطية إيلاء العملية التنظيمية وتحديدا في المستويات القاعدية غاية الاهتمام، حتى نتمكن من تكوين جبهة تنظيمية متينة قادرة على تنفيذ مهمات نضالية مستقاة من البرنامج السياسي المتفق عليه في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية كالمجلسين الوطني والمركزي. وهذا يتطلب حملة تثقيفية في صفوف القوى الوطنية وفصائل منظمة التحرير وعلى مستويات متصاعدة تبدأ من القواعد لترسيخ مفاهيم ومصطلحات العمل الوطني وكيفية تكريس العمل التنظيمي كقوة دافعة ورافعة للعمل الوطني.
لتحقيق أولاً، لا بد من عملية فرز ما بين الملتزمين وبين المحسوبين وبين المتكسّبين، وبذات الوقت العمل على الفئتين الأخيرتين لإقناعهم بالمساهمة في العمل الوطني وفق قواعد التزام وأخلاقيات ومسلكيات فردية واجتماعية ووطنية وتنظيمية، حتى نحصن هؤلاء ونمكنهم من رد محاولات الاحتلال وخصوم المشروع الوطني لاختراقهم.
تهتم الجماهير وتتطلع لرؤية قيادات سياسية وتنظيمية على رأس الفعاليات والنشاطات والمواجهات في الميادين، وهذا عامل تحفيز يردم هوة قائمة يعمل العاملون على إحباط الجماهير وكذلك الناشطون سرا في الطابور الخامس على توسعتها، لمنع تكوين شارع منظم، فوجود القيادة ضمانة لسير العمل الوطني وفق المخطط، وعامل هام في تحقيق أهداف أي نشاط نضالي وطني أيًّا كانت مستوياته.
لا بد من بنك أسماء لكفاءات علمية وطنية متخصصة في الاقتصاد وقطاعات الزراعة والصناعة، ليكونوا على رأس ورشات عمل لبحث ودراسة ونظم خطط لخلق مقومات صمود تمكننا من الانفكاك عن الاحتلال قدر الإمكان، فالمتخصصون يخططون ويرسمون وينظمون، وما على السياسيين إلا تقدير مقومات الزمان والمكان في دوائرهما المحلية والعربية والدولية لإدخال الخطط حيز التنفيذ.
هنا لابد من تمتين العلاقة ما بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة نظمها على مبادئ وأهداف واضحة المعالم تتناسب مع متطلبات الصراع في هذه المرحلة.. فالمسؤولية التاريخية أكبر من قدر فصيل واحد على تحملها، علاوة على أن صورة الشراكة في الميدان انعكاس لمستوى الشراكة في القرار السياسي الوطني وهذا ما تطمح الجماهير لرؤية حقيقة واقعة على ألأرض.
ثانيا - وهذا متعلق بدور مؤسسات السلطة الوطنية، حيث يجب إعادة النظر بالموزنات، ومنح الزراعة والصناعة والتعليم والصحة أرقامًا إضافية وإتاحة الفرص أمام عقول وطنية خلاقة مبدعة للمشاركة في تخطيط وتكوين مشاريع تحت عنوان (استراتيجية الصمود والمواجهة ).
يمكننا إدخال المؤسسة الأمنية الفلسطينية (العسكرية) على خط الإنتاج واستغلال قدراتها وخبرات قياداتها وكوادرها وافرادها البشرية لرفع ركائز مشاريع إنتاج وطنية، علاوة على مساهمة ومساعدة بارزة وواضحة لبعض المشاريع الوطنية أو حتى الخاصة التي نراها عاملا اضافيا للصمود، فتحقق المؤسسة الأمنية بهذه المشاركة الواضحة والفعالية شعار (التحرير والبناء).
تدقيق فاتورة الرواتب والمخصصات، والعمل على تكريس قاعدة ( الانتاج مقابل المخصص)، على أساس نوعية الانتاج، واعادة النظر بالامتيازات المخصصة لكبار الموظفين، ومراقبة الالتزام بقرارات الترشيد وفرض الجزاء بما ينسجم مع اللوائح والأنظمة، واخذ نماذج الالتزام وتعميمها.
ثالثا - وهذا متعلق بعمقنا العربي الاستراتيجي، حيث لا بد من اعادة الاعتبار لعلاقة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرر الوطنية مع قوى وأحزاب ومنظمات الشعوب العربية، ومع حكومات الدول العربية والأحزاب الحاكمة ايضا.
تفعيل قرارات مقاومة التطبيع مع سلطة الاحتلال (إسرائيل) وتجريمه عبر التواصل رسميا أو شخصيا مع برلمانات عربية وبرلمانيين عرب.
دعوة الاتحادات العربية ذات القواعد الشعبية العريضة كالعمال والطلاب والمرأة بالتوازي مع اتحادات متخصصة في القانون والصحفيين ووسائل التعبير والاعلام والكتاب والادباء دعوتهم لاجتماعات طارئة في فلسطين أو في أي مكان متاح، ليأخذ الجميع ادوارهم في توعية الجماهير من خطر المشروع الأميركي الاستعماري الجديد على اساس انه يستهدف الكل العربي وليس فلسطين وحسب.
رابعا – على صعيد المحافل والمنظمات الدولية، والحراك الدبلوماسي تأكيد الاستمرار بتحقيق انجازات وكسب مواقع جديدة بميدان القانون الدولي، وتعزيز الوضع القانوني لفلسطين والالتحاق بالمنظمات الدولية، ورفع القضايا للمحاكم الدولية وتحديدا الجنائية، واعتبار هذا النضال السياسي القانوني الدبلوماسي جزءًا من استراتيجية الكفاح الوطني السلمي المقرر في البرنامج السياسي لمنظمة التحرير.
التمسك بقرارات وقوانين ومواثيق الشرعية الدولية، التي تقر بحقوقنا التاريخية والطبيعية، وحقنا في انجاز استقلالنا الوطني وقيام دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس.. ما يتطلب تمتين وتعزيز العلاقات مع الدول والشعوب والمنظمات والأحزاب المناهضة للسياسة الأميركية والإسرائيلية الاستعمارية العنصرية.. ودعم حركة المقاطعة الدولية BDS وإشراك الجاليات الفلسطينية في العالم والعربية ايضا في تنظيم المهرجانات الشعبية والندوات في عواصم ومدن العالم لشرح القضية لجماهير تلك البلاد والعمل على اقناعهم بحقوق شعبنا وعدالة مطالبه المشروعة المنسجمة مع قرارات ومواثيق الشرعية الدولية، ومتطلبات الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط والعالم.