"في وقت متأخِّر من الليل، تحت تأثير الكحول، قلتُ أشياء حمقاء والأشياء الحمقاء الأخرى التي كان من الأفضل عدم قولها.. أنا آسف على قولها وأعتذر".
النص أعلاه كلام قاله يائير بنيامين نتنياهو إثر قضية أثارت ردود فعل في المجتمع الإسرائيلي ما يعني أنَّ هذا الشاب (السكرجي) لا يعتدُّ بكلامه، فهو ينطق كلامًا عديم الصلة والواقع والحقائق، أمّا الحقيقة فنحن على يقين أنَّه لا يعلم معناها فغيابه المتكرّر عن مدرسة الوعي أبقاه جاهلاً بالمنطق والتاريخ والجغرافيا وكل العلوم والفنون إلّا فنِّ الكذب والخداع.
لن ننتظر من يائير اعترافًا وإقرارًا أو اعتذارًا عمّا قاله في محاضرة بالولايات المتحدة حول أصل الشعب الفلسطيني، فهذا اليائير لن يفيق من سكرته لأنَّ كلام والده العنصري كفيل بإبقائه مخمورًا فاقد الوعي والتوازن.
يائير نتنياهو المنقض على الأضواء كالفراشة الليلية حتى ولو كانت لهبًا، والذاهب بسرعة عالية لتوسيع دائرة نفوذ مثله كمثل أي ولد لحاكم دكتاتور كان قد قال: "لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني"، أمَّا دليله الذي ساقه لتمرير موقفه السياسي هذا فإنّ أشهر الحشّاشين في العالم، وأكثر المدمنين على شرب الخمر ما كان له أن يتلفَّظ بمثل ما قاله ابن رئيس وزراء إسرائيل (حاكم الدولة الأكثر تقدُّمًا من الناحية العلمية والمعرفية في منطقة الشرق الأوسط كما يدّعون) فابن نتنياهو قال: "الدليل هو أن العائلات الفلسطينية التي تحمل اسم المصري أتت من مصر، وان التي تحمل اسم الحجازي أتت من الحجاز والتي تحمل اسم الحلبي قد أتت من حلب في سوريا".
يائير بنيامين نتنياهو كان تلقى درسًا من الفلسطيني العربي أحمد الطيبي يوم قال له: "عندما ولد جدك في وارسو اجدادي كانوا في يافا والرملة والطيبة"... رغم ذلك فهو يقرُّ بغير قصد أنَّ فلسطين كانت ملتقى العرب تاريخيًّا وستبقى حتى تطلع الشمس من مغربها.
يائير نتنياهو، الذي اعتبر شبكة التواصل الاجتماعي "الفيسبوك ديكتاتورية لأنها أغلقت صفحته المحرضة على الإرهاب والعنصرية بعد نشره رسالة على صفحته في الفيسبوك مطالبًا بإجبار «جميع المسلمين على مغادرة» (إسرائيل).. ولكنَّ العقل الباطني، وعندما يكون المرء باللاوعي قد ينطق لسانه بكلمات تستحق البحث وتسليط الضوء عليها، فيائير نتنياهو تحدث في أحد منشوراته عن واحد من حلين لا ثالث لهما لإحلال السلام فقد كتب حينها: "إمّا أن يغادر كل اليهود (إسرائيل) أو يغادر كل المسلمين.. وأنا أفضّل الخيار الثاني".
يائير نتنياهو يُقرُّ بأنَّ إسرائيل لم تكن إلا خيارًا استعماريًّا، وأنَّ عملية استحضار اليهود إلى فلسطين كانت ضمن حملة استعمارية بعيدة المدى، فأي عاقل في الدنيا، لا يضع الوطن ضمن خياراته للحاضر، لأنَّ الوطن الخيار الأزلي للإنسان، ولولا قناعة ابن رئيس النظام العنصري في تل أبيب بأن دولة أبيه كانت خيارًا استعماريًّا لما تحدَّث عن خيارات، .. لكن بما أنّه فضّل خيار نكران الشعب الفلسطيني وحقه في وجوده على أرضه، فإنّه إقرار بعنصرية دولة أبيه الذي يحلم أن يصبح عمر (إسرائيل) مئة عام، فيما غطاء فتحة صرف مياه الأمطار في شوارع مدننا الفلسطينية في يافا وحيفا مثلاً يُدلّل التاريخ المحفور عليها أنّها صبت منذ مئتي عام!! لن ندخل في نقاش تاريخي مع ولد جاهل يناقض نفسه في الجملة الواحدة التي ينطقها، فهو قد قال في محاضرة له في ولاية ألاباما الأميركية، إنَّ "معظم العرب الذين يعيشون في أرض إسرائيل ويطلقون على أنفسهم (فلسطينيين) جاءوا إلى هذه الأرض قبل 100 سنة من دول مجاورة، حيث لم تكن هناك حدود في ذلك الوقت بين الدول، ولذا فقد جاء العرب من دول مجاورة بحثا عن العمل وحياة اقتصادية أفضل".. ما يعني أنّ فلسطين قبل احتلالها من الإنجليز وعصابات أبيه وجده الصهيونية كانت بوضع اقتصادي افضل بكثير من الدول المجاورة ودول أخرى في المنطقة أيضًا، وكان شعب فلسطين يعيش حياة افضل، فكل الحقائق والأرقام المسجّلة في وثائق الأمم المتحدة والأدبيات في العالم لم تنكر وجود مواطنين من أهل البلاد الأصليين في المنطقة العربية ومنها فلسطين وهذا امر طبيعي، لكن نسبتهم كانت ضئيلة جدًّا، ما يعني أن العرب كانوا ينتقلون بين مدنهم العربية بكل حرية إلى أن قسم المشروع الاستعماري باتفاقية (سايكس بيكو) أرضهم وأقاموا الحدود تمهيدًا لإنشاء قاعدتهم المتقدّمة التي سموها (إسرائيل).
يائير نتنياهو الذي قال عنه الناشط في حركة "السلام الآن" الإسرائيلي بريان ريفيس أنه: "كان طالبًا سيئًا في الجامعة العبرية وكان سرًّا مفضوحًا"، هو نسخة من والده بنيامين نتنياهو الذي كتب في حسابه على موقع تويتر قبل يومين :"إن أصول الفلسطينيّين تعود إلى جنوبيّ أوروبا".
قد ينجح نتنياهو بتمرير كذبته على العالم إذا استطاع إثبات العلاقة ما بين الإثيوبي اليهودي والأوكراني اليهودي أو الألباني اليهودي مع اليمني اليهودي، وله استخدام كل مختبرات الدنيا لفحص الـ(DNA) لكن أنى له ذلك فيما الكذب والعنصرية والظلم هي عناصر الدم الذي يجري في أوردته وشرايينه هو وكل مَن يؤيّد سياسته الاستعمارية الاحتلالية سواء كان في دولة الاحتلال أو حتى وراء المحيطات.