أثبتت تجربة الشعب الفلسطيني الطويلة في الصراع مع الصهيونية والاستعمار، وتجارب غيرنا من حركات التحرُّر، أنَّنا شعب وقيادته الوطنية الشرعية، إذا وقفوا موحّدين في وجه أي مؤامرة أو مخطط تصفوي، فإنَّ مصير هذه المؤامرة أو هذا المخطط الفشل. في الحالة الفلسطينية مع ما تُسمّى "صفقة القرن" فإنَّ رفض القيادة وموقف الرئيس محمود عبّاس على أهميته الاستراتيجية الحاسمة، لا بدَّ من اقترانه بالالتفاف الشعبي الشامل، وإبراز أنَّ كلَّ الشعب يقف موحَّدًا، حتى لا يتواصل رهان أصحاب الصفقة على إمكانية تمريرها في نهاية الأمر.
لذلك فإنَّ المشاركة الشعبية بكثافة في المسيرات والاحتجاجات المتزامنة مع ورشة كوشنير في المنامة، هي مسألة في غاية الأهمية، وهنا تبرز مسؤولية الفصائل والنقابات والمجتمع المدني، وحتى الفرد ذاته، في إبراز وحدة الموقف الفلسطيني الرافض للصفقة ولمخطط تصفية القضية الفلسطينية، وإبراز أنَّه لا يمكن اختراق وحدته واختراق موقفه.
في المقابل، أثبتت تجربتنا وتجارب الآخرين، أنّه عندما نتَّخذ موقفًا مصيريًّا وصلبًا في وجه المشروع الصهيوني التوسُّعي فإنَّنا سندفع ثمنه، لذلك على الجميع أن يدرك أهميةَ الصمود والتحمُّل في مثل هذه المواجهة الصعبة وغير المتكافئة. لقد صمد الشعب الفلسطيني لأكثر من مئة عام، منذ وعد بلفور وحتى اللحظة، ودفع ضريبة هذا الصمود غاليًا، ولكنّه في الوقت نفسه حقَّق الكثير من المكاسب والإنجازات، أهمّها أنَّه لا يزال موجودًا في المعادلة السياسية، حيث فشلت كلُّ محاولات طمسه وتغييبه، وهو، وبغض النظر عن الواقع المتهالك، فإنَّه لا يزال الرقم الصعب في المنطقة، فهو لو لم يكن كذلك لما كانت هناك حاجة أميركية إسرائيلية لصفقة القرن.
إنَّ وحدتنا في الموقف، هي العامل الحاسم في مصير هذا المخطط التصفوي وما دمنا نواجهُهُ موحَّدين فإنَّه لن يمر. لتكن ورشة المنامة فرصَتنا الوطنية لإرسال هذه الرسالة، وأن لا نسمع للمتخاذلين والمشكِّكين، فالرئيس والقيادة أخذوا قرارهم ولا رجعة عنه لأنَّ معيارهم ومعيار الشعب الفلسطيني، هو أنَّ أيّة تسوية سياسية لا تُلَبّي حقوقنا وطموحاتنا الوطنية، لن تكون مقبولة، بل ومرفوضة تمامًا، لذلك لا بدَّ أن نشارك وننزل للشارع، وفي كلِّ مكان تدعو له قيادة الحركة الوطنية، فمشاركة كلِّ مواطن، كلِّ فرد، ضرورية لهزيمة الصفقة.