صوّت الكنيست الـ21 مساء يوم الاثنين على حلِّ نفسه بالقراءة التمهيدية، وصوَّت لصالح مشروع القرار الذي تقدَّم به النائب عن الليكود ميكي زوهر 65 عضوًا، في حين رفض الاقتراح 43 عضوًا، وامتنع عن التصويت ستة أعضاء، في حين غاب كلٌّ من نتنياهو وليبرمان عن التصويت.

ورغم التصويت على حلِّ الكنيست، وتحديد يوم 17 آب/ أغسطس المقبل موعدًا للانتخابات القادمة، فإنَّ رئيس الحكومة المكلَّف ما زال يراهن خلال الربع ساعة الأخيرة على ابتزاز كلٍّ من حزب "يسرائيل بيتينو"، والقوى الحريدية، خاصّةً حزب "يهوديت هتوراة"، لدفعهما للتوصُّل لاتفاق فيما بينهما على قانون التجنيد، مع أنَّ أفيغدور ليبرمان أعلن تمسُّكه بموقفه بضرورة إخضاع طلاب المدارس الحريدية للتجنيد، ورفض أية تنازلات بهذا الصدد. غير أنَّ قادة أحزاب الحريديم "شاس" و"يهوديت هتوراة" ومن لف لفهم حاولوا الالتفاف على موقف "يسرائيل بيتينو" بتقديم تنازل شكلي، لكنَّ المحاولة باءت بالفشل، ما عقَّد الوصول لاتفاق وسط بين كتل أحزب اليمين المتطرِّف، التي راهن بنيامين نتنياهو على ضمّها جميعًا في ائتلاف جديد قوامه 65 نائبًا لتشكيل الحكومة الخامسة.

لكنّ ليبرمان بدَّد أحلام الرجل المسكون بالبقاء على كرسي الحكم، والساعي للاستفادة من موقع رئاسة الحكومة للالتفاف على قضايا الفساد التي تطارده، بعد أن فشل حتى الآن في تمرير مشروع قانون "الحصانة"، الذي وجد معارضة شديدة داخل الليكود، وفي أوساط المعارضة كلها، والنخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية باستثناء بعض المرتشين من حوله، وقوى اليمين المتطرّف أمثال سموترطش. ورفض التجاوب حتى بعد التصويت على حلِّ الكنيست. لكن ما زال من المبكر التأكيد والجزم بأن (إسرائيل) ذاهبة للانتخابات في آب/ أغسطس المقبل، وبين التأكيد من عدمه قرابة الـ60 ساعة يمكن لنتنياهو أن يحدث اختراقًا خلالها في جدار استعصاء الموقف لدى ليبرمان أو لدى كلٍّ من أرييه ادرعي ويعقوب ليتسمان، لأنَّه في كلِّ الأحوال يرفض التسليم بمنح إمكانية تكليف غانتس، زعيم تكتل "أزرق أبيض" المعارض لتشكيل الحكومة خشية من العواقب التي ستطاله لاحقًا في قضايا الفساد، كما لن يسمح بتكليف عضو آخر من الليكود لتشكيل الحكومة القادمة لذات السبب.

لما تقدَّم فإنَّ خيار الذهاب للانتخابات سيكون أفضل له. لا سيما أنّه يراهن على إمكانية كسر معادلة الانتخابات الماضية في التاسع من نيسان/ إبريل الماضي (2019)، التي أفرزت تعادلاً في عدد المقاعد بين الليكود وتكتل "كاحول لافان" بزعامة غانتس (35 لكلٍّ منهما) ومن الصعب عليه (نتنياهو) وعلى غانتس أيضًا قبول تشكيل حكومة من الائتلافين الكبيرين في حال اقترح الرئيس الإسرائيلي، رؤبين ريفلين تشكيل حكومة منهما، لأنَّ زعيم المعارضة الحالي، لا يقبل الشراكة مع نتنياهو في حكومة مشتركة، وزعيم الليكود يرفض هذا الخيار، لأنّه سيضعه لقمة سائغة في فم غانتس ولبيد، وحتى خصومه في الليكود وأبرزهم جدعون ساعر وليفنات ومريدور.

أزمة عميقة يواجهها نتنياهو على أكثر من مستوى وصعيد داخل الليكود، ومع المعارضة والشارع الإسرائيلي، وملاحقة قضايا الفساد، وعدم تمكنه من تمرير مشروع قانون "الحصانة" الفرنسي، أضف إلى أنَّ إمكانية تشكيل حكومة ضعيفة بـ60 نائبًا، تبقيه تحت سيف التهديد، وإسقاط الحكومة مع أول أزمة حكومية. وبالتالي فرضية وسيناريو الذهاب للانتخابات القادمة في حال لم يتمكن من تأمين اختراق لصفوف اليمين المتطرف وخاصة مع خصمه ليبرمان، الذي على ما يبدو، يريد إعادة توجيه اللطمة لنتنياهو، الذي وافق على استقالته من وزارة الحرب بعد فشلهما في الاتفاق على آلية للتعامل مع التصعيد الذي حصل على جبهة قطاع غزة في الفترة القريبة الماضية.

لذا السيناريو المرجَّح، هو الذهاب لانتخابات جديدة في أواسط آب/ أغسطس المقبل، لأنَّ ذلك يعطيه (نتنياهو) فرصةً لإعادة ترتيب أوراقه خلال الشهرين ونصف الشهر القادمة، أضف إلى أنَّه يمكن أن يستفيد من التطورات الإقليمية والدولية المتحركة بسرعة، خاصة أنَّ الرئيس الأميركي، ترامب مستعد أن يُقدِم على أي عمل لصالح بقاء حليفه الإسرائيلي على رأس الحكم. والساعات القادمة كفيلة بحسم السيناريو الممكن.