هل يعلم الذين لم يعجبهم قرار الرئيس أبو مازن برد أموال المقاصة التي استقطعت منها قيمة رواتب عائلات الشهداء والأسرى أن القانون الذي اقترحه الإرهابي افيغدور ليبرمان كان تحت عنوان "رواتب الإرهاب"؟!
وهل يعلم هؤلاء أن النائب عن حزب الليكود آفي ديختر، أحد الذين نظموا مقترح القانون قد قال موجها كلامه للقيادة الفلسطينية: "تنفقون 7% من ميزانيتكم على تمويل الإرهاب!".
قانون الكنيست لخصم رواتب الشهداء والأسرى اعطى السلطات الاسرائيلية المختصة الحق بالخصم هذا لدعم مشاريع تعزيز مكافحة تمويل الإرهاب، وتطبيق قرارات المحاكم الاسرائيلية في قضايا تقدم بها متضررون اسرائيليون مما نعتوه بالإرهاب الفلسطيني ألا تعني كل هذه المقدمات والاعتبارات والنصوص شيئا للمنتقدين؟!
ألا يرى المنتقدون ان قبول القيادة اموال المقاصة منقوصة بمثابة إقرار طوعي بالقانون الاسرائيلي، المسمى (رواتب الإرهاب) والذي تمت شرعنته على أساس (مكافحة تمويل الإرهاب).
ما الذي حجب بصيرة المنتقدين وجعلهم يغفلون عن حقيقة وهي ان قبولنا اموال المقاصة يعني اقرارنا بأن الفدائيين المقاتلين المناضلين الشهداء والأسرى، والذين تحرروا، ومعهم كل الأحياء ممن كانوا في درب العمل الوطني الكفاحي الفدائي، ومثلهم ممن سيكون غدا على هذا الدرب سيعتبر ارهابيا ليس بحكم القانون الاسرائيلي وحسب، بل بحكم موافقتنا على الخصم (ان كسبوها) لكنهم لن يكسبوها أبدا، إن موافقتنا ستعني اقرارا صريحا منا بتهمة الارهاب التي يسعى المحتلون العنصريون بمساندة ادارة ترامب الأميركية دمغنا بها – لا تنسوا ان الكونغرس الأميركي يعتبر منظمة التحرير الفلسطيني تنظيما ارهابيا، ونحن على يقين أن اعضاء الكنيست الذين شرعنوا القانون يعلمون تماما ان كل مناضل وفدائي فلسطيني أو عربي كان معنا قضى شهيدا أو اسيراً كان يطبق قوانين ومواثيق الشرعية الدولية التي أعطته الحق بالمقاومة المشروعة للاحتلال والاستيطان.
إن فلسطينيا وطنيا لن يسجل على نفسه الموافقة ولا بأي شكل من الأشكال على وصف الفدائيين المناضلين المقاتلين الفلسطينيين والعرب والأجانب الذين قاتلوا معنا من اجل الحرية بالإرهابيين، كما لن نسجل على أنفسنا عار الغدر بعائلات الشهداء وبالأسرى، فالانتحار ان لم يكن الموت جوعا أشرف من الوصول الى يوم نبيع فيه شرف الثائر والثورة وشرفنا الوطني.
من الناحية المتعلقة بالقانون الدولي فإن دولة الاحتلال العنصرية اسرائيل تنتهك وتخالف الضمانات القانونية المتصلة بحقوق المعتقلين الأسرى، الواردة في المادتين (81) و(98) من اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقتين بوجوب إعالتهم".
كما أن القانون الاسرائيلي ينتهك حق فلسطين كدولة بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة من انفاذ قوانينها وتحديدا في مواد القانون الأساس التي اكدت على رعاية اسر الشهداء والأسرى والجرحى. فلفلسطين الحق في السيادة على اقليمها وإنفاذ قوانينها، وهذا حق يجب عدم التخلي عنه بحكم استناده على القانون الدولي وآخرها الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1981 بعدم جواز التدخل في شؤون الدول الأخرى، وليس على اتفاقيات بيننا وبين اسرائيل.
كيف غاب عن بال المنتقدين أن قبولنا بخصم رواتب الشهداء والأسرى يعني مساندة لنظام تل أبيب العنصري في التمرد على الشرعية والقوانين الدولية وأننا بقبول الخصم واستلام أموالنا منقوصة إنما نصطف إلى جانب دولة الاحتلال في الخروج على القوانين والمواثيق الدولية، ما يعني تخلينا طواعية عن أهم أسلحتنا (القانون الدولي) التي نستخدمها لانتزاع حقنا وحريتنا واستقلالنا والسلام الذي نريد.
اليوم جدد الرئيس أبو مازن موقف الشعب الفلسطيني وقالها بوضوح إن قضيتنا ليست مشكلة انسانية، وإنما قضية تحرر وطني واستقلال وتطبيق حق العودة للوطن الأم، قالها باسم الشعب الفلسطيني ليسمعها كل من يعنيه الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة، وكل من يحاول تصفية القضية الفلسطينية عبر حلول وصفقات الهدف منها تبديد مئة عام من الكفاح الوطني الفلسطيني ووسمه بالإرهاب، وإعادة جدولة وجودنا وتسميتنا كعرب مقيمين مؤقتا على أرض فلسطين، فيما ينجو الارهاب الاسرائيلي برأسه، ويستكمل خطة الاستيلاء على كامل أرض فلسطين، لكنا سنصبر وزادنا ايماننا، فنحن نمتلك كرامة نباهي بها الأمم .. فنحن في خضم معركة كرامة جديدة لا خيار لنا فيها إلا الانتصار، والبناء على الموقف التاريخي الشجاع للرئيس أبو مازن، فالقرارات التاريخية لا تعرف قيمتها إلا بعد جلاء دخان وغبار المعارك، وتلمس نتائجها في مستوى ارتفاع الروح المعنوية للشعب، وتعزيزها لمبدأ التمسك بالحق ومبدأ الوفاء للذين ضحوا من أجلنا.