ممر ضيق، يتبعه درج قصير يدخلك إلى سراديب تاريخ وحضارة تعود لأواخر القرن الثامن عشر، من خلال متحف يقع في منتصف البلدة القديمة لمدينة بيت لحم (تل بيت لحم)، يصف طريقة حياة وأدوات وعادات وتقاليد، وثقافة اعتاد عليها أهالي المدينة في القدم.

يعود أصل المتحف إلى بيت تقليدي قديم لآل "جقمان" وهو مليء بالمكنونات التراثية، ويصف مراحل إنتاج زيت الزيتون، بدأ من شجرة الزيتون المزروعة في حديقته، ثم حجر البد، وهو حجر كبير يزيد وزنه على الطن، دائري الشكل كان يستعمل لعصر الزيتون في الغالب، بالإضافة إلى قنوات وبئر لجمع الزيت، وعدد كبير من الجرات الفخارية التي كانت تستخدم لحفظ زيت الزيتون.

ويعتبر البد أكثر وسائل عصر الزيتون شيوعاً على مدى عصور طويلة استمرت حتى النصف الأول من القرن العشرين، حيث بدأ يختفي مع توفر الآلات الحديثة.

مديرة المتحف إيمان المغربي قالت لـ"وفا": إن أهم ما يميز المتحف، وجود المعصرة التي توضح كيفية وطرق عصر الزيت قديماً، من خلال حجر البد، وهو حجر ضخم دائري أسفله حوض الحجر "القصعة"، حيث يوضع فيه الزيتون من أجل درسه، تدير الحجر الحيوانات أو أشخاص يطلق عليهم "البدادة"، يتم من خلاله هرس الزيتون، ثم يتم نقله بعد عملية الهرس من خلال قفاف (جمع قفة) خاصة مصنوعة من ألياف نباتية مثل نبتة القنب وتتسع لـ 6 كيلو غرام من دريس الزيتون. توضع هذه القفاف الواحدة فوق الأخرى مشكلة عاموداً لتسهيل عملية الضغط، يتم الضغط عليه بواسطة المكبس اليدوي من أجل استخراج السائل الممزوج (ماء وزيت)، ويسري السائل عبر قنوات إلى حوض جانبي، حتى يركد الزيت، ويعبأ في جرار فخارية، مزججة من الداخل من أجل تفادي امتصاص الفخار للزيت.

وتشرح بعض المعروضات داخل المتحف كيفيّة استخدام زيت الزيتون في الطعام وإضاءة المصابيح وفي الطّب والغذاء وإنتاج الصّابون ومستحضرات التّجميل، والصناعات اليدوية.

وذكرت المغربي أن المتحف أعيد تأهيله وترميمه لأول مرة في الأعوام 1998-1999 من قبل منحة يابانية كمتحف "اثنوغرافي" متخصص في إنتاج زيت الزيتون، وافتتح سنة 2000 ضمن مشروع بيت لحم 2000.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اقتحمت فجر الخميس 25 أيار/مايو 2006 المتحف، وحطمت بوابته الرئيسية، وعبثت بمحتوياته، ما أسفر عن تحطم عدد من الجرار والقوارير الفخارية الأثرية، وبعض اللوازم المكتبية، كما تعرض المتحف لاقتحام سابق أثناء اجتياح بيت لحم وحصار كنيسة المهد في نيسان/ابريل 2002، وفقا لمؤسسة فلسطين للثقافة. وفي تاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر لعام 2014 افتتحت وزارة السياحة والآثار والقنصلية الفرنسية في بيت لحم المتحف مرة أخرى.

وبينت المغربي أن المكان شهد عمليات ترميم متخصصة من قبل أساتذة آثار فرنسيين، إضافة إلى عمليات تنقيب في الجهة الشمالية الغربية للمبنى وصلت إلى حد 4 أمتار تحت الأرض، والتي كشفت عن مجموعة من الغلايين يعود تاريخها إلى الفترة العثمانية من القرن 17 حتى القرن 19، وعلى عملات إسلامية، وعملة جند فلسطين، وعملة مقلدة (فضة) من بوليفيا صكت عام (1883-1865م)، وأدوات فخارية متنوعة تبين حيوية التجارة في تاريخ بيت لحم، وقطع فسيفساء من الحجر الجيري والزجاج المذهب.

وتحتوي حفرية البد على كمية كبيرة من أجزاء العظام تظهر النشاط الحرفي، واستخدم فيها عظم الجمل في الأغلب. وتظهر دراسة تفصيلية لهذه البقايا المفهوم العلمي لتصنيع الخرز من قص الشرائح، والتثقيب والقطع. ولا زالت هذه التقنية مشابهة لتقنية إنتاج الخرز من خشب الزيتون التي تستعمل حتى اليوم. كما استخدم خرز العظام في صناعة المسابح من القرن 18 وحتى بداية القرن العشرين.

وتظهر في المتحف مجموعة ملونة من الأساور الزجاجية أحادية اللون ومتعددة الألوان، وتشير الكمية الكبيرة والأحجام المختلفة إلى اهتمام النساء والفتيات بالزينة في بيت لحم تلك الفترة، حيث اكتشف هذا النوع من الأساور في المدافن الرومانية في فلسطين حيث كانت مركز انتاج الزجاج القديم.

وعثر في حفرية البد أيضا على قطع من الصدف، في معظمها عناصر تستخدم في عملية الترصيع والخرز، طريقة تصنيعها مماثلة لتلك الطريقة في العظام. ونجمة الصليب صغيرة الحجم التي استخدمت في تزيين الصلبان والصناديق والنماذج الخشبية، واستخدم الخرز مثل العظام لصنع المسابح للحجاج وللمجوهرات، حيث إن جودة العمل في بيت لحم في صناعة الصدف حصلت على الاعتراف الدولي للحرف.

وذكرت المغربي، أن المتحف يحتوي على غرفة سميت بالمهد، بداخلها نموذج لكنيسة المهد من خشب الزيتون مرصع بالصدف، ورسومات الأعمدة الأربعة وجداريات الفسيفساء التسعة الأخرى من القرن 12 الميلادي، كما هو الحال بالنسبة إلى أرضية الفسيفساء من القرن 4 الميلادي، كلها كانت نتاج عمل هام من الاستعادة الرقمية لهذه الزخارف.

وتجعلك هذه الاستعادة الرقمية الشاملة تستكشف القيمة العالمية لهذه الأعمال الفنية التي اختفت مع مرور الوقت، كما تهدف إلى تحليل أعمق لروعة الكنيسة في عصورها الذهبية، حيث إنه مع مرور الوقت تدهورت حالة الزخارف التي تزين الكنيسة فأصبحت غير واضحة المعالم، فتم تخيل الأعمدة الأصلية لصحن الكنيسة المرسوم عليها صور القديسين التي تشكل حرس الشرف للمؤمن الذي يدخل الكنيسة.

وتضم كذلك غرفة أطلق عليها اسم "ضياء بيت لحم"، وفيها لوحات فنية رسمها فنانون وهواة زاروا المدينة وتجولوا فيها قبل أن يرسموها ومكوناتها.

واهتم العاملون في المتحف بالمحافظة على هذه الكنوز والمقتنيات ذات القيمة التاريخية والفنية، وتحصينها من العبث، حيث أقيم معرض دائم للزوار الذين يتجاوز عددهم 200 شخص شهرياً بحسب المغربي.

وعلى إثر دراسة أجراها المتحف الفلسطيني حول المتاحف الفلسطينية مؤخراً، تم حصر واحد وخمسين متحفاً، تتنوع في مقتنياتها، وتتوزع جغرافياً على امتداد فلسطين التاريخية، وتحتوي محافظة بيت لحم على عدد من المتاحف، وهي متحف البد، ومتحف بيتنا التلحمي، ومتحف الميلاد الدولي، ومتحف بنك فلسطين، ومتحف الرواية، ومتحف الحياة الشعبية الفلسطينية، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف القرى المدمرة، ومتحف بتير البيئي، ومتحف قلعة مراد الأثرية.

ممر ضيق، يتبعه درج قصير يدخلك إلى سراديب تاريخ وحضارة تعود لأواخر القرن الثامن عشر، من خلال متحف يقع في منتصف البلدة القديمة لمدينة بيت لحم (تل بيت لحم)، يصف طريقة حياة وأدوات وعادات وتقاليد، وثقافة اعتاد عليها أهالي المدينة في القدم.

يعود أصل المتحف إلى بيت تقليدي قديم لآل "جقمان" وهو مليء بالمكنونات التراثية، ويصف مراحل إنتاج زيت الزيتون، بدأ من شجرة الزيتون المزروعة في حديقته، ثم حجر البد، وهو حجر كبير يزيد وزنه على الطن، دائري الشكل كان يستعمل لعصر الزيتون في الغالب، بالإضافة إلى قنوات وبئر لجمع الزيت، وعدد كبير من الجرات الفخارية التي كانت تستخدم لحفظ زيت الزيتون.

ويعتبر البد أكثر وسائل عصر الزيتون شيوعاً على مدى عصور طويلة استمرت حتى النصف الأول من القرن العشرين، حيث بدأ يختفي مع توفر الآلات الحديثة.

مديرة المتحف إيمان المغربي قالت لـ"وفا": إن أهم ما يميز المتحف، وجود المعصرة التي توضح كيفية وطرق عصر الزيت قديماً، من خلال حجر البد، وهو حجر ضخم دائري أسفله حوض الحجر "القصعة"، حيث يوضع فيه الزيتون من أجل درسه، تدير الحجر الحيوانات أو أشخاص يطلق عليهم "البدادة"، يتم من خلاله هرس الزيتون، ثم يتم نقله بعد عملية الهرس من خلال قفاف (جمع قفة) خاصة مصنوعة من ألياف نباتية مثل نبتة القنب وتتسع لـ 6 كيلو غرام من دريس الزيتون. توضع هذه القفاف الواحدة فوق الأخرى مشكلة عاموداً لتسهيل عملية الضغط، يتم الضغط عليه بواسطة المكبس اليدوي من أجل استخراج السائل الممزوج (ماء وزيت)، ويسري السائل عبر قنوات إلى حوض جانبي، حتى يركد الزيت، ويعبأ في جرار فخارية، مزججة من الداخل من أجل تفادي امتصاص الفخار للزيت.

وتشرح بعض المعروضات داخل المتحف كيفيّة استخدام زيت الزيتون في الطعام وإضاءة المصابيح وفي الطّب والغذاء وإنتاج الصّابون ومستحضرات التّجميل، والصناعات اليدوية.

وذكرت المغربي أن المتحف أعيد تأهيله وترميمه لأول مرة في الأعوام 1998-1999 من قبل منحة يابانية كمتحف "اثنوغرافي" متخصص في إنتاج زيت الزيتون، وافتتح سنة 2000 ضمن مشروع بيت لحم 2000.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اقتحمت فجر الخميس 25 أيار/مايو 2006 المتحف، وحطمت بوابته الرئيسية، وعبثت بمحتوياته، ما أسفر عن تحطم عدد من الجرار والقوارير الفخارية الأثرية، وبعض اللوازم المكتبية، كما تعرض المتحف لاقتحام سابق أثناء اجتياح بيت لحم وحصار كنيسة المهد في نيسان/ابريل 2002، وفقا لمؤسسة فلسطين للثقافة. وفي تاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر لعام 2014 افتتحت وزارة السياحة والآثار والقنصلية الفرنسية في بيت لحم المتحف مرة أخرى.

وبينت المغربي أن المكان شهد عمليات ترميم متخصصة من قبل أساتذة آثار فرنسيين، إضافة إلى عمليات تنقيب في الجهة الشمالية الغربية للمبنى وصلت إلى حد 4 أمتار تحت الأرض، والتي كشفت عن مجموعة من الغلايين يعود تاريخها إلى الفترة العثمانية من القرن 17 حتى القرن 19، وعلى عملات إسلامية، وعملة جند فلسطين، وعملة مقلدة (فضة) من بوليفيا صكت عام (1883-1865م)، وأدوات فخارية متنوعة تبين حيوية التجارة في تاريخ بيت لحم، وقطع فسيفساء من الحجر الجيري والزجاج المذهب.

وتحتوي حفرية البد على كمية كبيرة من أجزاء العظام تظهر النشاط الحرفي، واستخدم فيها عظم الجمل في الأغلب. وتظهر دراسة تفصيلية لهذه البقايا المفهوم العلمي لتصنيع الخرز من قص الشرائح، والتثقيب والقطع. ولا زالت هذه التقنية مشابهة لتقنية إنتاج الخرز من خشب الزيتون التي تستعمل حتى اليوم. كما استخدم خرز العظام في صناعة المسابح من القرن 18 وحتى بداية القرن العشرين.

وتظهر في المتحف مجموعة ملونة من الأساور الزجاجية أحادية اللون ومتعددة الألوان، وتشير الكمية الكبيرة والأحجام المختلفة إلى اهتمام النساء والفتيات بالزينة في بيت لحم تلك الفترة، حيث اكتشف هذا النوع من الأساور في المدافن الرومانية في فلسطين حيث كانت مركز انتاج الزجاج القديم.

وعثر في حفرية البد أيضا على قطع من الصدف، في معظمها عناصر تستخدم في عملية الترصيع والخرز، طريقة تصنيعها مماثلة لتلك الطريقة في العظام. ونجمة الصليب صغيرة الحجم التي استخدمت في تزيين الصلبان والصناديق والنماذج الخشبية، واستخدم الخرز مثل العظام لصنع المسابح للحجاج وللمجوهرات، حيث إن جودة العمل في بيت لحم في صناعة الصدف حصلت على الاعتراف الدولي للحرف.

وذكرت المغربي، أن المتحف يحتوي على غرفة سميت بالمهد، بداخلها نموذج لكنيسة المهد من خشب الزيتون مرصع بالصدف، ورسومات الأعمدة الأربعة وجداريات الفسيفساء التسعة الأخرى من القرن 12 الميلادي، كما هو الحال بالنسبة إلى أرضية الفسيفساء من القرن 4 الميلادي، كلها كانت نتاج عمل هام من الاستعادة الرقمية لهذه الزخارف.

وتجعلك هذه الاستعادة الرقمية الشاملة تستكشف القيمة العالمية لهذه الأعمال الفنية التي اختفت مع مرور الوقت، كما تهدف إلى تحليل أعمق لروعة الكنيسة في عصورها الذهبية، حيث إنه مع مرور الوقت تدهورت حالة الزخارف التي تزين الكنيسة فأصبحت غير واضحة المعالم، فتم تخيل الأعمدة الأصلية لصحن الكنيسة المرسوم عليها صور القديسين التي تشكل حرس الشرف للمؤمن الذي يدخل الكنيسة.

وتضم كذلك غرفة أطلق عليها اسم "ضياء بيت لحم"، وفيها لوحات فنية رسمها فنانون وهواة زاروا المدينة وتجولوا فيها قبل أن يرسموها ومكوناتها.

واهتم العاملون في المتحف بالمحافظة على هذه الكنوز والمقتنيات ذات القيمة التاريخية والفنية، وتحصينها من العبث، حيث أقيم معرض دائم للزوار الذين يتجاوز عددهم 200 شخص شهرياً بحسب المغربي.

وعلى إثر دراسة أجراها المتحف الفلسطيني حول المتاحف الفلسطينية مؤخراً، تم حصر واحد وخمسين متحفاً، تتنوع في مقتنياتها، وتتوزع جغرافياً على امتداد فلسطين التاريخية، وتحتوي محافظة بيت لحم على عدد من المتاحف، وهي متحف البد، ومتحف بيتنا التلحمي، ومتحف الميلاد الدولي، ومتحف بنك فلسطين، ومتحف الرواية، ومتحف الحياة الشعبية الفلسطينية، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف القرى المدمرة، ومتحف بتير البيئي، ومتحف قلعة مراد الأثرية.