في الآونة الأخيرة ولأسباب مهنية قمت بزيارة عدد من محافظات الوطن، اللقاءات التي قمت بها كانت مع شرائح تمثل قطاعات مختلفة _مؤسسات حكومية، مؤسسات نسوية، بلديات، مؤسسات شبابية، مؤسسات اقتصادية تجارية، جامعات وكليات، مراكز تدريب مهني وتقني_ لن أكون ظالم إذا ما وصفت الفجوة بين الشارع الفلسطيني وقياداته المتنوعة بأنها فجوة مُتّسعة بشكل تسارُعي أخشى ما أخشاه بأن ينعكس ذلك على واقعنا كشعب فلسطيني في جميع المجالات.

هناك حالة غضب وسخط في الشارع الفلسطيني أعمى من لا يراه؛ وفاقد الإحساس من لا يشعر ويستشعر به، على الرغم من أن حالة الغليان على نار هادئة لكنها وصلت مرحلة تحول المواطن الصامت إلى مواطن يعبر عن ما بداخلة بأشكال مختلفة ضد الأفعال المختلفة التي تقوم بها المؤسسات المحيطة به.

هذا الغليان أوصل المواطنين لحالة الكُفر والرفض لأي فعل تقوم به أي مؤسسة من المؤسسات المكونة للنظام الساسي الفلسطيني حتى لو كان هذا الفعل مكتمل ولا يعتريه أي خطأ لأن المواطن فقد الثقة بينه وبين أي من القيادات المكونة للنظام السياسي.

إن تفشي ظاهرة فقدان الثقة بصورة أساسية بين شريحة الشباب الفلسطيني، جعل هذه الحالة أكثر تعقيداً، ما ساهم في ظهور جيل جديد من المواطنين أكثر إحباطاً وأقل طموحاً وحماسة؛ فالشباب الفلسطيني حدث دون حرج في جميع محافظات الوطن ضاق به الأفق وأصبح عرضة لليأس والكراهية في مجتمع لا يُكن له التقدير الذي يستحق، مما أدى إلى اتساع الفجوة بينه وبين الطبقة السياسية التي يحمّلها الشباب المسؤولية المباشرة عما آلت إلية أوضاعهم.

لهذا على كافة مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني إدماج الشباب في المواقع المتقدمة، ومن يفعل ذلك سيربح الكثير على صعيد مأسسة الفعل المستند على إعادة الثقة، بطبيعة الحال ينبغي إذن بلورة برامج تنموية فاعلة ومتناسقة يمكنها تدارك التأخر في بناء الجسور بين المواطن والمؤسسات، وفي الوقت نفسه إحياء الأمل في نفوس الشباب بعيدًا عن هاجس فقدان الأمل والثقة بما هو قائم.

هذه المسألة من أخطر القضايا التي تصيب المجتمعات، لأنَّها ستؤدي إلى انهيارات وفجوات متعددة ستجعل من كينونة المجتمع يعاني أمراض تسبب اندثار الهوية الوطنية الجامعة، لهذا يجب إعادة النظر في الخطاب السياسي والخطاب الإعلامي والخطاب الحكومي في كيفية معالجة إعادة الثقة بين المؤسسة والمواطن.

إنَّ الطريق الأنجع لتحقيق ذلك يقتضي ألا تعيد المؤسسة خطابها وأفعالها بأدوات تقليدية، لهذا يجب ضخ دماء شابة كلٌّ حسب اختصاصه وتوجهاته بما يتلاءم مع تحقيق الهدف الأسمى وهو إعادة الثقة.

بقلم: رامي مهداوي