وهكذا، وسط لحظة خارقة من الانتباه العالمي، بدأ المجلس الوطني الفلسطيني أعمال دورته الثالثة والعشرين في قاعة أحمد الشقيري للمؤتمرات في مدينة رام الله يوم الاثنين الموافق الثلاثين من ابريل نيسان 2018، وهي المرة الثالثة التي ينعقد فيها المجلس في فلسطين عنوانه الدائم، المرة الأولى عقد في القدس في فندق أقواس عام 1964، والمرة الثانية في مدينة غزة في مركز رشاد الشوا الثقافي في عام 1996، وهذه الدورة التي تواصل أعمالها في مدينة رام الله، وبانعقادها، رغم التحديات الكثيرة داخليًا وخارجيًا، إلا أنها تعقد لاستحضار كل الأسماء الحسنى للمجلس الوطني، فهو رمز استقلالية القرار الفلسطيني، وهو استحقاق وطني، وهو ضرورة وطنية، وهو مصالحة وطنية عليا، وهو لتكريس الوحدة الوطنية، وهو لإحباط صفقة القرن، وهو للتصدي للمؤامرات والمتآمرين سواء كانوا من الكبار أو أصغر الصغار، وهو بجدية السير على طريق الآلام والصمود والبناء، وهو لتقوية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وهو للمضي قدماً من أجل الحرية والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حسب قرارات الشرعية الدولية بعاصمتها القدس الشرقية، وهو لبناء نظام سياسي واحد، بقانون واحد، بسلاح شرعي واحد.

وحكاية المتساقطين، وفلول الخائبين، والذئاب المهزومين، والعارضين أنفسهم للبيع والشراء، ليست حكاية جديدة، بل هي حكاية قديمة بدأت مع أول لحظة من لحظات القيامة الفلسطينية، فدائماً كان في التاريخ الإنساني من يفضلون العبودية على الحرية، لأن العبودية بالنسبة لهم أسهل، ودائمًا كان هناك فرق من الذئاب الجريحة، وظيفتها الأساسية أن تنهش بعضها، ودائمًا كانت هناك جوقات من الضجيج لا تجد من يصدقها، فلا يكون أمامها سوى أن تكذب على نفسها وتصدق نفسها.

سامح الله صغار اللاعبين الذين تتوه أقدامهم عن الطريق الصحيح، ونقول لهم، الآن وقد وجدتم أنفسكم خارج شعبكم، فماذا أنتم فاعلون؟؟

الدورة الثالثة والعشرون باكتمال نصابها، وقوة حضورها، وإضاءة وعيها، هي تكريس للحقيقة الفلسطينية بأنها حقيقة راسخة، لا سلام بدون سلامها، ولا استقرار بدون رضاها، وأهلاً بالتحديات مهما كانت صعبة، فان فلسطين تستحق مواجهة كل التحديات.