لنفترض أن المجلس الوطني الفلسطيني قرر أن يعقد دورته القادمة في غزة، التي يقول حكامها الانقلابيون إنها محررة (..!!) وإنها ليست تاليا تحت حراب الاحتلال على اعتبار أن الحصار الإسرائيلي ليس من هذه الحراب ولا الانقسام كذلك (...!!) هل تعتقدون والحالة هذه أن حركة حماس ستحضر اجتماعات هذا المجلس، وأن تكون جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية، وفصيلاً وحدويا في ساحات نضالها..؟؟
من يعتقد ذلك عليه أن يراجع الوثائق الإخوانية لحركة حماس، وسياستها الإقصائية والانفصالية منذ لحظة تأسيسها وحتى اللحظة، وهي الوثائق والسياسات التي لا تقول بغير حقيقة واحدة: إن غاية حماس الإخوانية هي القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني...!! ونذكر هنا أن حركة حماس التي أنشئت بقرار من القيادة العالمية لحركة الإخوان المسلمين بعد مرور أكثر من شهر على الانتفاضة العظيمة، في ثمانينيات القرن الماضي، نذكر أن حماس وقفت حينها ضد القيادة الوطنية الموحدة، ورفضت أن تكون جزءا منها، وخالفتها في كل بياناتها الشهرية التي كانت تحدد الفعاليات النضالية التصعيدية لشباب الانتفاضة، كان لحماس بياناتها الخاصة، التي كانت تعارض كل الفعاليات التي تقررها القيادة الوطنية الموحدة، وبلغة انقسامية، بالغة الحدة والتعصب والادعاء والتطاول على الوطنية الفلسطينية، وهي اللغة التي ما زالت سائدة في خطابات حماس وأقاويلها، نقول وبيقين أكيد إن حركة حماس لن تأتي لأي اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني حتى لو كان في غزة..!! بل إن حماس لا تريد أي مجلس وطني، لا مجلس توحيدي كما تزعم أو غيره، إنها لا تريد غير القضاء على الشرعية الوطنية الفلسطينية، الشرعية النضالية والدستورية، وتشكيل بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية..!! وليست وثائقها المسربة وحدها التي نقول ذلك، بل إن انقلابها أساسا على الشرعية وتمسكها بالانقسام ورفضها الامتثال لشروط المصالحة الوطنية حسب اتفاقاتها الموقعة، من يؤكد ذلك وعلى نحو لا يقبل الجدل. لا ذرائع ولا أية اكاذيب يمكن لها أن تغيب هذه الحقيقة، حقيقة حماس الانفصالية الرامية لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية، لا ذرائع المكان، ولا ما تقوله من أكاذيب عن التفرد الفتحاوي، وحركة فتح مشهود لها أنها راعية الديمقراطية الأصيلة في الساحة الفلسطينية، وتاريخها يشهد بذلك منذ أن رفعت شعار "ديمقراطية غابة البنادق" ضد التفرد والتحزب الانفصالي. وأما عن المكان وحراب الاحتلال، يعرف القاصي والداني، أن الإرادة الفلسطينية الحرة بشرعيتها النضالية والدستورية، لم تكن يوما، ولن تكون أبداً تحت حراب الاحتلال، فالإرادة الحرة لا تحاصر ولا تحتل، لأنها إرادة القرار الوطني المستقل، وإرادة الكرامة الوطنية التي لا تخشى حرابا للاحتلال أيا كانت، بل إنها التي لا ترى تجلياتها إلا بتحدي هذه الحراب ومجابهتها، وهذه هي سيرة الإرادة الفلسطينية الحرة التي لا تقبل تشكيكا ولا تراجعا ولا مساومة، والتاريخ يشهد أن دبابات الاحتلال مدت مواسير مدفعيتها إلى شباك الزعيم الخالد ياسر عرفات في مقر الرئاسة برام الله، فلم تهتز ولا للحظة واحدة إرادة فلسطين الحرة بل تجلت صلابتها كحقيقة مطلقة حين صاح الزعيم يريدونني أسيرا أو مطاردًا وأقول لهم شهيدًا شهيًدا شهيدًا. وما زال التاريخ والعالم بأسره يشهد، أن الرئيس أبو مازن الذي بنى قاعة القائد الوطني أحمد الشقيري في مقر الرئاسة والتي سيعقد فيها المجلس الوطني بما يحمل ذلك من دلالات تؤكد حقيقة الإرادة الفلسطينية الحرة، ما زال الرئيس أبو مازن في هذا المقر، ومن هذا المقر يعلن الصيحة ذاتها بكلمات التحدي والإصرار على المضي قدمًا في طريق الكفاح الوطني حتى تحقيق أهدافه العادلة كافة، بإقامة دولة فلسطين الحرة من رفح حتى جنين، بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. لا تصح مقاومة حراب الاحتلال بالشعارات والخطابات، وليس ثمة قاعدة آمنة اليوم لمقاومة حقيقية غير قاعدة الشرعية، بمساحتها الفلسطينية الحرة بإرادتها وسياستها وقرارها الوطني المستقل، والمشتبكة مع الاحتلال وحرابه، ودروب النضال دومًا ليست هي الدروب السهلة البعيدة عن الاحتلال أو المطلة بالتنظير على حرابه..!! إنها دروب الاشتباك والمواجهة، والقرار قرار الإرادة الوطنية الحرة، الذي لا تملك حماس منه أي شيء، ولهذا لن تأتي إلى أي مجلس وطني فلسطيني أيا كان عنوانه وأينما كان مكانه...!!!