رأى مُستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق، الجنرال في الاحتياط يعقوف عميدرور، رأى أنّ اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيا يتلخّص بمصالح المنفعة المتبادلة، وعلى الرغم من عدم الثقة والتعاطف بين الدولتين، فإنّ هذه الصفقة تُعزز أمن إسرائيل فضلاً عن مكانتها الدوليّة، ممّا يجعل ثمنها معقولاً، على حدّ تعبيره.

الجنرال عميدرور، نشر دراسته الإستراتيجيّة على موقع مركز بيغن-السادات، وقال إنّ علاقة تل أبيب الوطيدة بدأت تنهار منذ أنْ اعتلى الحكم في أنقرة أردوغان، وسببّ في شرخٍ عميقٍ بين البلدين، وكان يقود بلاده نحو الصراع مع إسرائيل. وشدّدّ على أنّه عندما انتُخب لأوّل مرّةٍ، كان أردوغان كان على وشك أنّ بلاده في أوج قوتها الإقليميّة، وتسير نحو الهيمنة في الشرق الأوسط.

وكان دعمه لأسطول “مافي-مرمرة” لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة محاولة من جانب أنقرة لتوسيع نطاق عملها لتصبح لاعبًا في الصراع الإسرائيلي الفلسطينيّ، وأنّ هدفه كان في جزءٍ منه إظهار موقفٍ معادٍ لإسرائيل، بهدف الحصول على مكاسب سياسية في العالم العربيّ، أوْ على أقل تقدير في الشارع العربيّ. ولكنّ، أضاف الجنرال عميدرور، جرت الرياح بما لا يشتهي أردوغان، فلم يتمكّن من تقويض إسرائيل في الساحة الدوليّة بسبب العملية الإسرائيليّة لوقف السفينة.

وسعت تركيا لتحقيق نفوذها من خلال الآليات الدولية التي هي تحت النفوذ العربي والإسلامي الكبير، ولكن بعد ذلك المستحيل حدث: لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق ذكرت بشكل لا لبس فيه أنّ إسرائيل عملت بموجب القانون الدولي في حقها في فرض الحصار البحري على قطاع غزة.

 ووفقًا له، فإنّ اعتذار نتنياهو لأردوغان في العام 2013 عندما كان الرئيس الأمريكيّ أوباما في زيارة لإسرائيل أدّى إلى تنفيس البالون التركيّ للنيل من تل أبيب، وذلك بحكم العلاقات الوطيدة بين أنقرة وواشنطن، وبين أنقرة وحلف شمال الأطلسيّ، على حدّ تعبيره، ومع ذلك اعتبر عميدرور أنّ الاعتذار كان بمثابة الضربة القاضية على شرف الأمن القوميّ للدولة العبريّة. ولفت إلى أنّ تقرير الأمم المُتحدّة والاعتذار الإسرائيليّ، وإعلانها عن استعدادها لتعويض أهالي الضحايا الأتراك فتح الباب على مصراعيه للتوصّل لاتفاقٍ بين البلدين، خصوصًا في ظلّ الضغوطات الأمريكيّة على أنقرة.

وشدّدّ على أنّ اتفاق المُصالحة شمل تخلّي تركيا عن أيّ ادعاء ضدّ إسرائيل وتحديدًا الإجراءات القانونية التي قد تُتخذ ضدّ بسبب عملية “مافي مرمرة” 2010. كما اتفق الطرفان على استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة. مُضافًا إلى ذلك، وافقت تركيا على إزالة أي اعتراضات على إدراج إسرائيل في العديد من المنظمات الدولية، وسوف تيسر المزيد من التعاون بين البلدين في المنطقة حيث الاضطرابات والقلاقل هي السائدة اليوم، بحسب تعبيره.

وقال إنّ إسرائيل رفضت رفضًا قاطعًا المطلب التركيّ بفكّ الحصار المفروض على قطاع غزّة، ولكنّها سمحت لها بإمداد القطاع بالمواد عن طريق ميناء أسدود بعد الفحص الأمنيّ الإسرائيليّ، وهذا الأمر، برأيه، يُخفف محنة كبيرة عن سكّان قطاع غزّة ويخدم إسرائيل والفلسطينيين، لافتًا إلى أنّ الصفقة لم تكُن بأيّ حالٍ من الأحوال ورقةً رابحةً في أيدي حماس.

 وفيما يتعلّق بالطلب الإسرائيليّ من تركيّا بالعمل على تحرير جثماني الجنديين الإسرائيليين من أيدي حماس، قال الجنرال عميدرور، إنّه من الطبيعيّ جدًا أنْ تتحوّل حماس إلى أكثر اعتمادًا على أنقرة، وستعمل على تنفيذ طلباتها، ولكنّ هذه العملية ستستغرق وقتًا طويلاً، استدرك عميدرور.

وتابع الجنرال الإسرائيليّ قائلاً إنّ المُصالحة بين تل أبيب وأنقرة لن تخلق عصرًا ذهبيًا جديدًا في العلاقات بين البلدين، ولكنّها سوف تؤدّي إلى تطبيع العلاقات مع قوةٍ عظمى في الشرق الأوسط، أيْ تركيّا. ومع ذلك، أشار الجنرال عميدرور، إلى أنّه لا يُمكن في أيّ حالٍ من الأحوال أنْ يسمح الاتفاق بتقويض التحالفات الإسرائيليّة المتزايدة مع اليونان وقبرص، أوْ العلاقات المتينة مع مصر، بل على العكس من ذلك: هذا هو الوقت المناسب لتقديم المزيد من الدعم لها

وقال أيضًا إنّه بمجرد أنْ يتم تحديد شروط الصفقة بين إسرائيل وتركيا في الحركة، سوف يكون من مصلحة إسرائيل أفضل متابعة التحركات التي تسلط الضوء على العلاقات التجاريّة، أيْ صفقة غاز الطبيعي قد تكون بارزة، إضافة لمشاريع مشتركة على مستوى الحكومتين. وخلُص إلى القول إنّ الأهّم من ذلك، أنّ الصفقة تمنح إسرائيل الحقّ في مُواصلة فرض الحصار البحريّ على قطاع غزة، مُوضحًا أنّ إسرائيل لا تتمتع بالعديد من “الامتيازات” في الساحة الدوليّة، وكان الثمن المدفوع إسرائيليًا لتحقيق المُصالحة مُجديًا لأمن الدولة العبريّة القوميّ، على حدّ تعبيره.