كانمن المفترض أن أشارك يوم أمس الثلاثاء في ندوة عقدت في فندق الكمودور في غزة, دعت إليهاوزارة شؤون اللاجئين التابعة لحركة حماس بعنوان «آليات الرقابة على أداء الأونروا»,وتوجهت إلى مكان الندوة فعلا, قبل الموعد كما هي عادتي, ولكن طارئا جعلني أغادر, وأعتذربحرارة, ولكن ما يشفع لي ربما بالإضافة للوضع الطارئ, هو أنني كنت عبرت عن رأي في عمودياليومي في جريدة الحياة الجديدة قبل موعد انعقاد الندوة بأيام, ونشر المقال في عدةمواقع أخرى, ولا بأس أن أعود مرة أخرى لطرح وجهة نظري في الموضوع المثار حول أداء الأونرواهذه الأيام, والمتعلق أساسا بالتخفيض الكبير الذي حصل في برنامج الإغاثة الطارئ «الكوبونات»في قطاع غزة, حيث انخفض العدد من ستمائة ألف إلى مائة وعشرين ألفا, كما حدث تقليص فيبرنامج التشغيل المؤقت «البطالة», والسبب الذي أعلنته الأونروا بشكل علني هو عجز الموازنة,وهو عجز حقيقي, ولا يحدث لأول مرة, بل حدث قبل ذلك مرات عديدة !!! ولا يمكن للأونرواأن تعلن أنها تعاني من عجز مالي كهذا لمجرد الدعاية دون أن يكون هذا العجز موجودا,فالأونروا, وهي هيئة دولية, تعمل مع اللاجئين الفلسطينيين ولصالحهم منذ ستين عاما,ضمن قوانين دولية, وجهات رقابية, واتفاقات تنظم عملها في الدول الموجودة فيها مثل الأردنوسوريا ولبنان على وجه الخصوص, وكان انتقال مقرها الرئيسي من فينا إلى غزة إنجازا كبيراجدا حققه الرئيس الراحل ياسر عرفات مع السكرتير العام السابق الدكتور بطرس غالي, ومنوجهة النظر الفلسطينية, هي شاهد عيان, وهي التي تعرضت مقراتها الرئيسية, ومدارسها للقصفخلال الحرب الإسرائيلية على غزة نهاية العام 2008 وبداية العام 2009 , ومن بوابة الأونرواجاء عشرات المسؤولين في العالم على رأسهم السكرتير العام بان كي مون, ووزراء خارجية,وأعضاء برلمانات, وشخصيات حقوقية ومدنية وناشطون في كل الاتجاهات، الأونروا بهذا المنظورهي جزء عضوي من القضية الفلسطينية, وجزء عضوي من خصوصية هذه القضية المتمثل باللاجئينالفلسطينيين.

وحتىحين يحدث التباس ما حول أي موضوع, فإن هذا الالتباس يجب أن يدار ويزال بطرق الحوارالموضوعي الهادئ المبني على الحقائق وليس تأويل النوايا, لأنه ليس من مصلحتنا فلسطينياعلى أي مستوى من المستويات أن نكون على خلاف مع الأونروا, أو على علاقة متوترة, مليئةبالتسرع والتشنج والاتهامات.

وفيهذا الوقت بالتحديد, ونحن ذاهبون إلى استحقاق أيلول, أي إلى الأمم المتحدة لنطلب اعترافابدولتنا, ونطلب عضوية كاملة, أن نبدو كما لو أننا في معركة حامية الوطيس مع الأونروا,أو اليونسكو, مثلما هو الالتباس القائم في الأيام الأخيرة بسبب الاعتماد المتسرع منبعض الجهات الفلسطينية على المصادر الإسرائيلية فالجهة تحدثت عن موقف لليونسكو تجاهالقدس لا نقبله فلسطينيا ومخالف للقرارات الدولية, هذه الجهة ليست اليونسكو, بل علىالعكس تماما, فاليونسكو أصدرت بيانا علنيا أوضحت فيه رأيها, وإنما الجهة التي أشاعتالدعاية هي اللجنة الإسرائيلية في وزارة الخارجية الإسرائيلية التي تنسق مع اليونسكو,وهناك فرق شاسع بين المصدرين.

بقيأن أقول, ان انغلاق الأفق السياسي, واستمرار الانقسام, واستطالة عمر الحصار, وما ينتجعن كل ذلك من صعوبات في تفاصيل حياة الناس في قطاع غزة, تجعل هؤلاء الناس قريبين مننقطة الاشتعال !!! ولذلك فنحن ندعو كافة النخب السياسية التي تتعاطى مع القضايا الحساسة,سواء أكانت هذه النخب تعمل في الحقل الرسمي أو الميداني أو الأكاديمي, أن تكون حريصة,ودقيقة, وتزن كلماتها وتصرفاتها بميزان من ذهب, حتى لا يخرج الكلام على عواهنه, وحتىلا تنفلت التصرفات عن سقف السيطرة والانضباط, فنصبح على ما نقول ونفعل نادمين.

والله من وراء القصد