في ظل التعديات المستمرة والاعتداءات اليومية المتواصلة من قبل سلطات الاحتلال ومستوطنيه على المواطنين، ومقدراتهم، ومؤسساتهم، وممتلكاتهم، ومقدساتهم، وبحمايه تامة من جنود الاحتلال، اقتحمت قوة من ضباط وجيش الاحتلال، مبنى محكمة الخليل الشرعية المؤقت في البلدة القديمة، وأخطرت قضاتها وموظفيها شفهيا بإخلائها فورا.

وبالنظر إلى مقر المحكمة الشرعية القديم يظهر التهتك واضحا في حجارة الواجهات الداخلية والخارجية للمبنى، وقد تساقط بعضها وهي تتأثر بزيادة حجم الشقوق الموجودة في العديد من جدرانها، لذلك وجب ترميمها لحمايتها من السقوط وحفاظا على حياة القضاة والموظفين والمراجعين والزوار.

مدير عام لجنة إعمار الخليل عماد حمدان، قال لــ'وفا': 'باشرنا ترميم المبنى القديم لمحكمة الخليل الشرعية الواقع في حي السهلة بالبلدة القديمة، التي تقع في منطقة حساسة جدا تربط شارع الشهداء بالحرم الإبراهيمي الشريف، وتعمل سلطات الاحتلال على تهويدها برمتها وفرض سيطرتها الكاملة عليها، عبر منعنا من ترميم المباني فيها بهدف إخلائها من شعبنا وإجبارهم على الرحيل لسرقتها لصالح التوسع الاستيطاني'.

وأضاف حمدان: 'بعد أن وضعنا خطتنا لترميم المبنى بالاتفاق مع قضاة المحكمة والمسؤولين في دائرة قاضي القضاة، لتسهيل مواصلة عمل موظفي المحكمة بالشكل المطلوب، قرر قضاتها نقل جزء من محتوياتها إلى مبنى مجاور يبعد بضع أمتار عن المقر المذكور لكن ضباط الاحتلال داهموا المبنى المؤقت وأبلغوا القضاة بعدم مواصلة العمل فيه غير آبهين بتهتك مقر المحكمة القديم'.

وبخصوص مبنى المحكمة الشرعية وتزايد الاستيطان، وارتفاع وتيرة اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه في البلدة القديمة، قال خبير الخرائط والاستيطان في جنوب الضفة الغربية عبد الهادي حنتش لـ'وفـا'، إن مقر المحكمة في البلدة القديمة موجود ما قبل الاحتلال، ومن خلال ممارساتها تحاول سلطات الاحتلال طمس المعالم التاريخية والحضارية في شتى أنحاء البلدة القديمة التي يزيد عمرها عن 5 آلاف عام'.

وأضاف أن سلطات الاحتلال تعمل دوما على منع وعرقلة عمليات الترميم التي تقوم بها لجنة إعمار الخليل لإفراغ البلدة من أهلها وسكانها الأصليين، مبينا أن حكومة الاحتلال أصدرت عدة أوامر عسكرية سابقا لشق طرق في البلدة القديمة تتعمد خلال وضع مخططاتها القضاء على المباني التاريخية وإزالتها من الوجود.

وأوضح أن سلطات الاحتلال لديها مخطط لتهويد البلدة القديمة التي تعتبر المركز التجاري لمحافظة الخليل سابقا، وصولا إلى منطقة باب الزاوية مركز محافظة الخليل التجاري الحالي، وتضع يدها على المباني التاريخية الأثرية في البلدة بحجة توفير الأمن لمستوطنيها الذين يتبادلون الأدوار مع جنود الاحتلال في اعتداءاتهم المستمرة على المواطنين العزل وممتلكاتهم ومقدساتهم.

وشدد حنتش على أن الإسرائيليين يحاولون منع ترميم مبنى المحكمة المذكور في انتظار أن يتهاوى حتى يسقط وينهار بمرور الزمن، لأنهم يعلمون مدى أهمية المحكمة الشرعية بالنسبة لنا كفلسطينيين على المستوى الديني، وأهمية موقعها في البلدة القديمة على المستوى السياسي.

يشار إلى أن المحكمة الشرعية نقلت خلال الأسبوع الجاري إلى مبنى مؤقت تعود ملكيته لعائلة 'عبيدو' يقع بمحاذاة حاجز أبو الريش الاحتلالي في البلدة القديمة من الخليل، ورفض قضاة المحكمة وموظفوها الانصياع لأوامر ضباط الاحتلال وواصلوا تأدية مهامهم لخدمة المواطنين.

ودعا رئيس المحكمة الشرعية في الخليل عبد القادر ادريس، المؤسسات الحقوقية والمنظمات الإنسانية لوقوف إلى جانبهم ومساندتهم لحماية البلدة القديمة من مخططات الاحتلال التي تندرج ضمن السياسة الممنهجة والغطرسة المتواصلة التي تهدف في مضمونها إلى تهويد الخليل القديمة.

ومنعت سلطات الاحتلال لجنة الاعمار في 10 شباط الماضي من ترميم مسجد البركة الواقع في منطقة السهلة بالبلدة القديمة.