الأجابة: أستطيع القول بأن الشهداء انتصروا لأنهم فازوا بالجنة. الجرحى انتصروا لأنهم صبروا وتحملوا، والصابرون من أهل الجنة كما وعد الله سبحانه أهل الصبر. أما أهل غزة فقد انتصروا لأنهم لم يرفعوا الراية البيضاء ولم ييأسوا ولأنهم تقبلوا قضاء الله وقدره في الإبتلاء الذي جرى في الخوف، والجوع، والأموال، والانفس والثمرات. وأما المقاومون فقد انتصروا لأنهم لم يغادروا خنادقهم، وقاتلوا بشراسة واوقعوا القتلى والجرحى والأسرى في صفوف الجيش الإسرائيلي، ودفعوا الشهداء من إخواتهم رفاق الدرب والخندق، وما زالوا على العهد.

رجال الاسعاف، ورجال الدفاع المدني، والشباب والشابات المتطوعون من كل الاعمار أيضاً انتصروا لأنهم أدوا أدواراً بطولية في الخدمات، والمساعدات الاغاثية، والعلاجية، والبحث بين الركام عن الجرحى والجثامين وقدَّموا الجرحى والشهداء كالمقاومين تماماً.

الوفد الفلسطيني الموحَّد برئاسة الأخ عزام الأحمد أيضاً انتصر لأنَّ الوفد بكامل أعضائه عمل بإخلاص، وبجدية، وبأمانة، وبموضوعية، والتزموا بقرارٍ واحد، وبحثوا عن مصالح شعبهم، وضربوا مثلاً رائعاً في العمل الجماعي الوحدوي والوطني والديموقراطي لأن الجميع وضع فلسطين فوق كل الانتماءات الحزبية والفصائلية.

الرئيس أبو مازن أيضاً انتصر كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حين استطاع تأليف القلوب، وتوحيد الموقف والرؤى تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وايضاً حين حمى الوفد المفاوض من التجاذبات الإقليمية والتأثيرات الخارجية، ولأنه هيَّأ الظروف لحماية المبادرة المصرية، ولأنه أقنع الجميع بإعطاء الأولوية لوقف العدوان، ولوقف إطلاق النار، ولفتح المعابر ورفع الحصار وإدخال مواد الإغاثة وإعادة الإعمار، ولأنه حدَّد الوجهة المستقبلية.

جميع الذين ذكرناهم انتصروا ولكنَّ الانتصار الأكبر الذي يمتلك الديمومة، ويؤسسُ لمستقبل واعد، ويضمن النصر الداخلي على الذات والأنانيات، وإختلاف الإنتماءات، ووضْعِ حدٍ للصراعات، والنزاعات، ورفض التجاذبات والإغراءات، هذا النصر الذي ننشده وهو الجوهر وهي الوحدة الوطنية لأنها القلب النابض، والعقل المفكِّر والمبرمج، وهي البيت المحصَّن والدافئ لأبناء فلسطين، وإذا خسرنا الوحدة الوطنية خسرنا كل شيء، وضاع الوطن، وضاعت القضية، وإنتصرت الصهيونية. فاحذروا ، وانتبهوا جيداً،لأن المركب سيغرق.

أمَّا كيف تتحقق الوحدة الوطنية، وكيف تتماسك فإني أرى أهم قواعدها:

 1- أن نضع فلسطين فوق كل الإعتبارات الفصائلية.

 2  أن يكون قرارنا فلسطينياً مستقلاً ونرحّب بأي مساعدة إذا لم تكن مشروطة.

 3-أن نؤمن بالشراكة السياسية الحقيقية أي أن يكون قرارنا موحداً.

 4-أن نرفض العودة إلى الإنقسام لأنه جريمة وطنية تدمّر القضية الفلسطينية وتصفي الحقوق الوطنية لشعبنا.

 5-قطاع غزة ليس لحركة حماس والضفة ليست لحركة فتح وحدها لأن الشعب الموجود في الضفة أو في قطاع غزة ليس مصنفاً لتنظيم معين، وهناك أغلبية من المستقلين وهؤلاء أبناء الوطن، بمعنى أوضح السلطة الوطنية الموجودة هي لكل الأراضي الفلسطينية للضفة وللقطاع، وحكومة الوفاق الوطني التي وافقت عليها جميع الفصائل دون إستثناء يجب تأخذ دورها وسلطتها الطبيعية في قطاع غزة كما هي في الضفة، والوزارت يجب أن تكون هي المسؤولة عن الإغاثة، والإعمار ، والعلاج في قطاع غزة وليس من حق حركة فتح ولا حركة حماس أن تستفرد بالسلطة وأن تأخذ هي دور حكومة التوافق لأن هذا الامر ينسف المصالحة الوطنية التي وقَّعنا عليها جميعاً،وهذه الحكومة التي رفضها الكيان الصهيوني علينا أن نعطها الفرصة الكاملة وأن نعطيها حرية العمل، ونعمل على إنجاحها رغماً عن الكيان الإسرائيلي.

واستطيع القول أن مقياس الإنتصار فلسطينياً وديمومته اليوم هو نجاح حكومة الوفاق الوطني في دورها لأنه بدونها لا يمكن أن يتم الإعمار، ولا الإغاثة، ولا تشغيل المعابر. وإذا كنا أوفياء لشعبنا، فلنكن أوفياء لوحدتنا الوطنية الوطني، ولكل ما اتفقنا عليه في المصالحة وخاصة حكومة الوفاق الوطني. فهل يصبح الحُلم حقيقة؟؟

بقلم امين سر حركة فتح اقليم لبنان الحاج رفعت شناعه