ليس في وسعنا إلا الترحيب بما قاله ناطق حمساوي في غزة،بأن 'حماس' موحدة في مواقفها، وملتزمة بإعلان الدوحة. ولا نبالي بما في تصريح هذا الناطقمن التزيد الاتهامي، وقوامه الزعم بأن 'فتح' هي التي تتلكأ، لأن مثل هذا 'التلكؤ' غيرمشهود، بل إن التعجل افتحاوي هو الذي يراه ويراقبه القاصي والداني. ثم إن حركة 'حماس'هي التي أعلنت بأنها ستجتمع في الخارج، على مستوى مجلس الشورى، لتبت في أمر إعلان الدوحة،دون أن 'تتلكأ' حركة 'فتح' التي ما زالت تنتظر الخروج بموقف حمساوي موحد، وباتت تأملبأن تكون البشرى التي زفّها الناطق باسمها صحيحة. فقد تعوّد الفلسطينيون على توصيفاتحسماوية مقلوبة ومتجنية، للأمور وللناس، ولم يعد أحد يكترث بما يقوله الناطقون المزلزلون،اللهم إلا إن أتى أي ناطق بجديد معقول أو بجديد إيجابي!

تصريح الناطق الحمساوي، يعكس حال المخاض الحمساوي الذيربما اقترب من نقطة الختام، الذي نأمل بأن يكون إيجابياً. في الوقت نفسه، نخشى أن يكونالتصريح بموقف إيجابي، من النمط التحايلي، الذي يعطيك من طرف اللسان قبولاً، ثم تجريالأمور من الطرف الحمساوي، على النحو الذي يتعمد الإعاقة وتلغيم التفاصيل وملء السياقبالعُقد التي من شأنها أن تُعيق المنشار، لكي تظل شجرة الانقسام العاقر، التي لا تُنشىءفيئاً ولا تطرح ثماراً، واقفة سامقة!

إننا نخشى. في الوقت نفسه لا نتخلى عن تفاؤلنا، لأنوضعنا السياسي لم يعد يحتمل التشرذم، ولأننا من الجانب الفتحاوي حسمنا خيارنا مهماكانت الأكلاف والتمحكات من قبل المحتلين، الذين لا يريدون التسوية ولا يريدون لنا وحدةكيانية، تُعيننا على لملمة أشتاتنا، لكي نمضي مؤثرين ومقنعين، في سياستنا الوطنية.فمن حُسن الوقائع، أن أي طرف سيعمل على إعاقة الوفاق الوطني، وأي عنصر من أي طرف، سيفعلالشىء نفسه؛ سيكون ذا مآرب معلومة، لا علاقة لها بالوطنية على مستويي السياسة والمقاومة.بالتالي، إن رفض المصالحة، سيكون موقفاً ذميماً ومشبوهاً، بل سيكون عاجزاً عن تشكيلعصبيّة مؤثرة، بمقدورها إقناع الرأي العام الفلسطيني أو الرأي العام العربي، بشرف المقصد!

فلتمض مفاعيل الوفاق بغير تلكؤ. فمن الجانب الحمساوي،يُفترض أن يكون الموقف محسوماً بتوقيع رئيس المكتب السياسي للحركة على إعلان الدوحة.ثم إن خالد مشعل يعرف الظروف الموضوعية والذاتية، واختار طريق الوفاق، الذي من شأنهأن يعزز الورقة السياسة الفلسطينية، وأن يحافظ على 'المقاومة' بالأشكال المتاحة، باعتبارهاـ من حيث المبدأ حقاً أصيلاً للشعوب الخاضعة للاحتلال.

لنطو صفحة الخصومة، ولنفتح الأبواب على مصاريعها، لجهودإعادة بناء الكيانية الوطنية الفلسطينية، على أسس دستورية وقانونية، وصولاً الى حقنافي الاستقلال والحرية!