ما الذي يدعو أميركا ترامب، اكبر دولة في العالم، إلى أن تلجأ إلى الأكاذيب المكشوفة، والى التحذير العلني، والى اختلاق أقوال ومواقف من الوهم، في عملية تحريض مجنونة ضد رئيسنا ورأس شرعيتنا الفلسطينية الرئيس أبو مازن، حين تدعي انه لا يريد مفاوضات، مع العلم أن ما يقوله الرئيس أبو مازن ليس حكرا على ترامب وأعضاء إدارته، فقد قاله وكرره، وأكد عليه من فوق منصة مجلس الأمن ومن فوق منصة الجمعية العامة، ومع رؤساء وقادة كثيرين في العالم، وليس عبر وشوشاتهم يمكن أن يحتكرها ترامب وحده.

والجواب على هذا السؤال مهم جدا في سياق الحرب التي أعلنتها أميركا ترامب ضد الشعب الفلسطيني، وموضوعيا ضد الأمتين العربية والإسلامية من خلال إعلان القدس الذي أعلنه ترامب وماك بنس نائبه ومن يقف خلفه من البيت الأبيض في السادس من شهر ديسمبر الماضي، والذي واجهه الرئيس أبو مازن وشعبه في كل مكان بالرفض القاطع، وبفعاليات مستمرة وجمع غاضب، وبرفض عربي وإسلامي ودولي معلن ومستمر.

واضح أن تقدير الموقف في البيت الأبيض الذي بني عليه إعلان ترامب كان خاطئا ومليئا بالوهم، رغم أن إدارة ترامب خلقت ضجيجا هائلا وفارغا ملخصه أن الأولية العربية ألان هي التحالف العربي مع إسرائيل ضد إيران ليس إلا، وبالتالي فان إعلان ترامب ضد القدس سيمر مرور الكرام، ولقد صفقوا في إسرائيل لهذه السذاجة الأميركية المفزعة، وبدأت إسرائيل تتصرف على أساس النصر المجاني الذي أهداه لها ترامب دون عمق، لا تاريخي ولا سياسي، وإنما هو اندفاع مجنون وراء مقولات المسيحية المتصهينة.

ونحن نعرف أن أميركا ستواجه على الصعيد الدولي أسئلة صعبة في الأيام القادمة، فماذا لو أن الدول الخمس، لم توافق على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران؟ وماذا لو لم تستطع أميركا أن تجني أي مكاسب من تهديداتها لكوريا الشمالية؟ بالإضافة إلى عدم الاستقرار الذي تعاني منه إدارة ترامب في مواجهة الإقالات المستمرة ؟

نحن على حق في رؤيتنا، في ثوابتنا، ومتضايقون مع لحظة دولية مناسبة، والقدس ليس كما توهمها ترامب، إنها حق ساطع وهوية وعقيدة، وممنوع إلى حد الحرام الاختراقات في الصف الوطني والقومي، والحق قوة، فكيف حين يكون حقا وراءه شعب هو عنوان الصمود؟