الإنسان الإعلامي، جزء من المنظومة الاجتماعية، يقرأ ويكتب ويحلل ويستنبط ويستنتج ويتوقع، فهو يؤثر في الرأي العام ويتأثر به، والإعلاميين منهم المعتدل ومنهم المتشدد، ومنهم المنضبط ومنهم المنفلت، ومنهم من يعمل وفق منهجية إعلامية ومنهم من يعمل وفق أساليب فوضوية، ومنهم من يبحث عن المصدر الصحيح للبناء عليه، فيتحرى الرأي الصحيح، ومنهم من يعتبر المصدر أمر شكلي لا يحتاج إليه.

الإعلامي الناجح هو الشخص المرن القارئ المثقف عميق الرؤية، والمترفع عن جمود الرأي أو التعصب له، فهو يقدم الدليل على الرأي، والانضباط على الفوضى، فيدرس الأمور بعناية ويُقَيِّمُها بروح واثقة ويتفحصها حتى يتبين، ويبين منها الحقائق، فيختار ويبدع ويستمر.

أما الإعلامي الفاشل، فمنهجيته الفوضى والبحث عن الآراء الشاذة والمتطرفة والمنغلقة وديدنه الشخصنة وترك العلم والحجة والبرهان، فيقع في المحظور فلا تقوم له قائمة ويتوقف أو يوقف.

وحتى ينجح الإعلامي في رسالته،عليه الابتعاد عن الشبهات، وان يتمسك بالدليل والمصدر السليم في ما يتحدث عنه أو ينقله، ويعمل على ثقل مهاراته ورفع مستواه العلمي، فيصبح لديه صوت العقل والعلم أقوى من العاطفة والجهل، ليمتلك الحكمة ويبتعد عن التهور، ولا يشوه الأمور أو يفسدها لأجل مصلحة قاصرة، أو منفعة شخصية.

إن الإعلامي الذي يستمد أخباره ومصادره من العالم الافتراضي "فقط" وما تضخه شبكات التواصل الاجتماعي أو المواقع المعادية لشعبنا، حتما سوف يسقط في الأخطاء والتجاوزات وقد يتحول إلى إنسان هدَّام ومنبوذ، يعرفه الناس بما صبغ به نفسه، وبما ارتأى أن يكون.

إن الإعلام الناجح هو صوت الضمير والعقل وقوة الحجة والبيان والدليل والبرهان والمصدر والتحليل السليم والفكر السوِّي غير المنحرف، فالإعلام هو واحة الشعوب وقدرتها على النهوض والاستنهاض وان تكون منارة مشرقة مستنيرة ومتقدمة.