‎ ‎اتفاقُ المصالحة نتاجُ مبادرةٍ مصريةٍ دعمتها الأردن أيضًا والمملكة العربية السعودية ‏ومجلس التعاون الخليجي، وبدء دوران عجلة المصالحة الفلسطينية، وتوقيع اتفاق ‏القاهرة بين حركتَي "فتح" و"حماس" برعاية المخابرات المصرية، استنفر الإعلام ‏الإسرائيلي الذي قام بنشر المقالات والتحليلات والتقارير، وإجراء المقابلات مع ‏المسؤولين، وتعدى ذلك أنَّ المحطات التلفزيونية قامت بالتغطية المباشرة للحدث ‏الهام، ناهيك عن قيام وفد إسرائيلي بالذهاب إلى القاهرة أثناء حوار الحركتَين ‏في القاهرة، ولهذا يمكن القول إنَّ المصالحة الفلسطينية وضعتها القيادة الإسرائيلية في ‏أعلى مستويات الملفات الساخنة، واستدعى ذلك اجتماعًا للكابينت الإسرائيلي ‏وإصدار موقف الحكومة الذي اختلف عن موقفها إبان إعلان حكومة التوافق الوطني ‏في مايو 2014م، وتركَّز الرد الإسرائيلي على عدم إجراء المفاوضات المتوقّفة ‏أساسًا منذ سنوات نتيجة رفض "إسرائيل" القيام بما هو مطلوب منها.‎

الموقف الإسرائيلي العام عبَّرت عنه الفصائل الفلسطينية بالإجماع: إن استمرار ‏الانقسام مصلحة إستراتيجية للاحتلال، بالتالي فإنَّ الوصول إلى السلطة الشرعية ‏الواحدة في الضفة والقطاع والحكومة الواحدة والمؤسسات الواحدة، والقرار الواحد ‏للسلم والحرب والنظام الواحد، يعني قوة للقرار الفلسطيني أمام العالم كله، ‏فالمصالحة تهزم الانقسام والوحدة الوطنية تهزم "إسرائيل".

الموقف الفلسطيني من اشتراطات وإملاءات حكومة الاحتلال والفيتو ضد ‏المصالحة، عبَّرت عنه القيادة الفلسطينية بأنَّها ذاهبة لإتمام المصالحة مهما كلَّف ‏الثمن، وأنَّ الحق الشرعي والطبيعي والقانوني والإنساني الفلسطيني لا يمكن ‏التنازل عنه أو التفاوض عليه، ونتاج الجهود كافّةً تتوحّد لإنهاء الاحتلال وإقامة ‏الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس فلا شرعنة للحصار، ‏ولا شرعنة للعدوان، ولا شرعنة للانقسام، ولا شرعنة للابتزاز، ‏ولا شرعنة للإملاءات، وعلى الاحتلال أن يرحل، ولا مفاوضات من دون مرجعية ‏دولية.‎

وبقراءة ردود الفعل الإقليمية والدولية والموقف الأمريكي من المصالحة، نجد أنَّ ‏الإدارة الأمريكية المنحازة للموقف الإسرائيلي تعرف أنَّ السباحة عكس التيار تعني ‏تعطيل مساعيها الحثيثة لإيجاد بيئة ملائمة لطرح صفقة القرن أو الحل الإقليمي فلا ‏حلول تبدأ دون فلسطين ولا أمن من دون إنهاء الاحتلال، ومن هنا نجد أن هناك تغييراً ‏في موقفها.‎

"إسرائيل" تُراهن وتنتظر فشل المصالحة، وتعتبره شكليًّا، ومراهنتها نابعةٌ من موقفها ‏المعزول والمنبوذ، وكلَّما صعدت المصالحة، ودعم المجتمع الدولي نتائجها، تمَّت ‏محاصرة الموقف الإسرائيلي وإجراءاته دولياً وإقليميًّا.

ملاحظة: مفهوم "حكومة واحدة وسلاح واحد"، يعني إخضاع جميع العناصر ‏المسلَّحة للسلطة.‎