يصادف الخميس الموافق 30 من شهر آذار/ مارس 2017، الذكرى (41) ليوم الأرض، التي يحييها الشعب الفلسطيني في جميع مناطق تواجده في الوطن والشتات كل عام، مؤكدين على التمسّك بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير.

وتعود الذكرى إلى الأحداث التي شهدتها مناطق عرابة وسخنين ودير حنا في الجليل المحتل، بتاريخ 30/3/1976، حيث خرجت الحشود الفلسطينية في هبة جماهيرية اتخذت شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية واسعة، احتجاجاً على سياسات الاحتلال الهادفة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، والتي تمثّلت في قرار الاحتلال في الأول من شهر مارس للعام 1976، بانتزاع 20 ألف دونم من أراضي الجليل، وقد استخدمت قوات الاحتلال في أعقاب هذه الاحتجاجات القوة المفرطة والمميتة في قمع وفض هذه المظاهرات، وسقط خلالها ستة شهداء وأصيب مئات الجرحى، كما اعتقلت مئات الفلسطينيين.

والجدير ذكره أن ممارسات الاحتلال فيما يتعلق بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، شكّلت سلوكاً منظماً انتهجته سلطات الاحتلال كسياسة عامة على مدار السنوات الماضية، ولاسيما في تعاملها مع أراضي الضفة الغربية والقدس. ففي القدس عمدت تلك القوات إلى إفراغ المدينة من سكانها الفلسطينيين الأصليين، من خلال هدم منازلهم، ومنعهم من البناء، والاستيلاء على منازلهم ومنحها لمواطنيها من اليهود، كما وتسعى لفصل الأحياء السكنية الفلسطينية عن المدينة المحتلة وحصرهم فيما يشبه المعازل، وتفرض إجراءات مشددة بهدف التضييق على السكان. وفي الضفة الغربية، صادرت تلك القوات ما مساحته 58% من إجمالي مساحة الضفة الغربية بعد إقامتها لجدار الفصل العنصري، ومن خلال إنشاء والتوسع في بناء المستوطنات، وفصل المدن والقرى في الضفة الغربية عن بعضها البعض.

وتشكل هذه الممارسات مخالفة للقانون الدولي الإنساني ولا سيما الفقرة السادسة من المادة 49، من اتفاقية جينيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، وبالتالي تغيير صفتها الجغرافية والديمغرافية، كما حظرت الفقرة الأولى من المادة 53 تدمير الممتلكات الخاصة.

هذا وأشار تقرير الإسكوا، الذي نشر بتاريخ 15/3/2017، لسياسة التمييز والفصل العنصري التي تمارسها سلطات الاحتلال، ولاسيما ما يتعلق بإدارة واستخدامات الأراضي، حيث لفت التقرير إلى أن القانون الأساسي الإسرائيلي يحظر نقل أو استخدام أو تطوير الأراضي التي تحتفظ فيها إسرائيل لغير اليهود، وهنا يتضح أن دولة الاحتلال تعتبر أن كافة الأراضي التي تقع تحت سيطرتها ومنها الأراضي المحتلة لعام 1967 هي أراض خاضعة لسيطرتها.

كما تظهر السياسة المنظمة الإسرائيلية الخاصة بمصادرة الأراضي الفلسطينية بشكل جلي من خلال قانون (تسوية  الأراضي) الذي أُقره الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 6/2/2017، والذي يتيح لسلطات الاحتلال الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الخاصة بالضفة الغربية لبناء المستوطنات الإسرائيلية وتوسعتها، ويسمح للمستوطنين اليهود بالبقاء في منازلهم التي تم بناؤها، على الرغم من أنها لا تمنحهم ملكية الأرض التي يعيشون عليها، ويلغي القانون إمكانية مطالبة أصحاب الحق الفلسطينيين بالأرض حتى يتم التوصل إلى حل دبلوماسي لوضع الأراضي.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، يعبر عن قلقه الشديد جراء السياسات والممارسات المحمومة التي تقرها وتنفذها سلطات الاحتلال على الأرض، ولاسيما تلك المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي وتهويد القدس، واستمرار إقامة وتوسيع المستوطنات، لتغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما يحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ومركز الميزان إذ يستنكر الانتهاكات الإسرائيلية، فإنه يستهجن استمرار صمت وتواطئ المجتمع الدولي، الذي يظهر بفظاظة تحلل المجتمع الدولي من أبسط التزاماته القانونية بموجب القانون الدولي، والذي عبر عن نفسه في سحب تقرير الإسكوا الأخير، واستمرار الحصانة والإفلات من العقاب، الأمر الذي يسهم في استمرار وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني جراء حرمانه من حقه في تقرير مصيره، وحقه في ملكية أرضه وفي أمان حيازة السكن، ودفع إلى مزيد من التشرد الناجم عن التهجير القسري.

وعليه فإن مركز الميزان إذ يطالب المجتمع الدولي بحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كخطوة على طريق إنهاء الاحتلال، فإنه يهيب بالشعوب والمؤسسات وغيرها من مكونات المجتمع المدني حول العالم بتعزيز تضامنها مع الشعب الفلسطيني لتمكينه من ممارسة حقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي ولأهداف الإنسانية المتمثلة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرهما من المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.