بيان صادر عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" – إقليم لبنان

بمناسبة يوم الأرض واحتضانه لمعركة الكرامة الخالدة، وعملية الشهيد كمال عدوان البطولية

 يا جماهير شعبنا الفلسطيني.. يا شعب التضحيات، والشهداء، والانتصارات..

 يا شعب الجبّارين شعب فلسطين.. يا مَن أقسمت على النصر أو الشهادة..

 يا مَن تكتب تاريخك بنفسك، وتصنع مستقبلك بصمودك..

 يا أهلنا في كل أراضي فلسطين التاريخية، وفي كل بقاع الشتات واللجوء، يا مَن حملتم الأمانة، يا حُماة الأقصى والمقدسات، يا مَن اخترتُم أن تكونوا في الخندق الأول، وفي المتراس الأمامي تقاومون الاحتلال، والاستيطان، وتدافعون عن كل حبَّة تراب من أرض الرباط، يا مَن تزرعون اليأسَ والرعبَ في صدور السجَّانين، والجلادين، والنازيين المتصهينين بصمودكم، بصبركم، بإصراركم على مواصلة مسيرة الجهاد والاستشهاد، وتخليص الحرية والكرامة الأبية من بين براثن الإرهاب الصهيوني، والعنصرية الخانقة، والجريمة الحمراء صباح مساء.

في شهر آذار نحن الفلسطينيين نزداد شموخاً، وكبرياءً، وإباءً، ونشعر بالفخر والاعتزاز، وتمتلئ نفوسنا بالعِزّة، فنحن أخوة دلال المغربي، دلال فلسطين، وابنة الشتات، وهي من سلالة العظماء والأوفياء، هي لا تنام على ضيم، هي التي تقود مجموعة من الأسود الغاضبين يبحثون عن جبناء بني صهيون الذين اغتالوا ثلاثة من القادة العظماء وسط بيروت مستعينين بالموساد، وفقدنا يومها الشهداء القادة كمال عدوان، وكمال ناصر، وأبو يوسف النجار وزوجته، أصرَّت دلال على الأخذ بالثأر، وصلت إلى الساحل الفلسطيني، وخاضت مع رفاقها معركة صناعة تاريخ الثورة، وصلت مجموعة عملية الشهيد كمال عدوان إلى يافا وجوارها، وكبَّدت العدو الخسائر الفادحة ومضت مع قافلة الشهداء إلى جنان الخلد، وظل أسرى الحرية عنواناً للكرامة والعظمة.

وكانت الكرامة في العام 1968 في الحادي والعشرين من آذار.

شكَّلت معركة الكرامة قمّة التحدي والصمود، أرادها موشي ديان تصفيةً للمقاومة الفلسطينية في بلدة الكرامة وجوارها، وأرادها ياسر عرفات ملحمةً بطولية تكرِّسُ بقاء الثورة الفلسطينية واستمرارها.

اعتقدَ موشي دايان وزير العدوان الإسرائيلي أنَّ ما لديه من طائرات، ودبابات، ومدفعية، وألوية عسكرية قادرة على سحق هذه الثورة الوليدة، لكن غاب عنه أن إرادةَ الشعوب، وإيمانها المطلَق بالحقوق الوطنية، وإصرارها على طرد الاحتلال أقوى من جبروتهم العسكري.  اعتقد دايان أنَّ هزيمة العام 1967 قد هزمتنا كثورة انطلقت من رحم المعاناة الفلسطينية، وخاب ظنه عندما وجد الموقف الموحَّد بين الثورة الفلسطينية والجيش الأردني بقيادة الفريق مشهور حديثة يوقف الزحف العسكري الصهيوني، ويكبِّده الخسائر المادية والمعنوية، وهذا ما جعل دايان يطلب وقف إطلاق النار خلال الساعات الست الأولى، تاركاً وراءه ثمانية وعشرين قتيلاً، وعدداً من الآليات العسكرية. وانطلقت حركة "فتح" مجدَّداً تحتضنها جماهير الأمة العربية التي أرسلت شبابها من كل الأقطار ليكونوا مقاتلين تحت إمرة الرمز ياسر عرفات.

إنَّ نشوةَ الانتصار التي حقَّقتها معركة الكرامة لشعبنا فجَّرت الطاقات، وألهبت المشاعر، وحصَّنت الإرادات، وعزَّزت القناعات بأنَّنا قادرون على كسر شوكة الاحتلال الإسرائيلي، فكانت العمليات البطولية داخل الوطن السليب، واشتعل جنوب لبنان ليُسجِّل المواجهات البطولية، والعمليات العسكرية النوعية، وصد الهجمات الإسرائيلية، والغارات الجوية، والصمود اللبناني الفلسطيني الرائع بوجه أضخم آلة عسكرية إسرائيلية.

وفي هذا الوقت كانت سلطات الاحتلال الصهيوني تخطِّط ليل نهار لمزيد من الإمساك والسيطرة على الأراضي الفلسطينية. فالعدو الصهيوني هو احتلال اقتلاعي، وإحلالي يبحث عن طرد شعبنا، والهيمنة على أرضه مستخدماً القوة والعنف، وتزوير التاريخ. ومستنداً إلى مزيد من القرارات العنصرية الانتقامية لسرقة الأراضي. وهناك مجموعة قوانين جائرة استخدمتها سلطات الاحتلال أبرزها:

قانون الأراضي البور، وقانون أملاك الغائبين (1950)، وقانون المواطنة والعودة (1952-1955)، وقانون استملاك الاراضي (1953)، وقانون مرور الزمن (1956). اضف إلى ذلك السيطرة العلنية على آلاف الدونمات من الأراضي العربية تحت شعارات المصالح العامة. وهذا ما أثار غضب أبناء شعبنا في الجليل والمثلث والنقب، وكان منها إغلاق المنطقة (9) المسماة منطقة المل، ومصادرة الأراضي وتهويدها في الجليل. وهذا ما اشعل انتفاضة يوم الأرض في 30 آذار 1976، وكان محور الاشتباكات والصدامات في البلدات التالية بشكل أساسي (سخنين وعرابة، وديرحنا، والطيبة، وكفركنا).

لقد عقد رؤساء المجالس في المناطق اجتماعاً في الناصرة يوم 6/3/1976 واعلنوا هناك عن قرارات أهمها التصدي للإجراءات الإسرائيلية واعتماد يوم 30 آذار من العام 1976 يوماً وطنياً يُنفَّذ فيه إضرابٌ شامل للعرب في مناطق العام 1948.وجاء اجتماع هذه القيادات في 25 آذار في شفاعمرو ليؤكد على القرار النابع من قناعة الجماهير العربية. لقد شارك في الإضراب نحو 80% من العرب، ثم حصلت اشتباكات ساخنة استخدم فيها العدو الرصاص والعنف، مما أدى في ذلك اليوم إلى استشهاد ستة شهداء وهم : خديجة شواهنة، ورجا أبو ريا وخضر خلايلة من سخنين، وخير ياسين من عرابة البطوف، ورأفت علي زهيري من مخيم نور شمس، ومحسن طه من كفركنا.

وفي كل عام يتم إحياء هذه المناسبة الوطنية في أراضي العام 1948. لقد شكَّل هذا اليوم التاريخي ضغطاً سياسياً على السلطات الإسرائيلية فأوقفت المصادرة العلنية للأراضي، وأصبحت هذه القضية العنصرية مطروحة على كافة المستويات الحكومية والحزبية العربية والإسرائيلية. وإسرائيل حاولت إيجاد قيادات عربية بديلة، لكنَّ الأصالة العربية ظلَّت هي التي تحكم المواقف العربية المطالبة بتحقيق المساواة. والأهم هو أنَّ هذه البطولات في يوم الأرض رسَّخت الإيمان لدى العرب هناك بأنَّهم قادرون على تحريك أمورهم بأنفسهم، وأخذ العرب يؤسسون أحزاباً تصون وتحمي حقوقهم، وهذا ما تطور مؤخَّراً إلى تشكيل القائمة العربية المشتركة.

هذه القائمة التي عبَّرت من خلال برنامجها، ومنطلقاتها، ومواقفها عن الانتماء الوطني لفلسطين، وعن تماسك الشعب الفلسطيني، والالتزام بالتوجهات القيادية الفلسطينية.

ما ينبغي التذكير به هو أنَّ عملية الاستيطان ومصادرة الأراضي، وضمها، وتدمير البيوت، وقطع الأشجار، وتهجير الأهالي، وتكثيف الاعتقالات، وممارسة الإعدامات الميدانية، وحرق المنازل، وإدارة الظهر لكل قرارات الشرعية الدولية، كل هذا ما زال متواصلاً، بدون أن يكون هناك رادع دولي، وإنَّما هناك تشجيع من الولايات المتحدة على الاستمرار بهذه المنهجية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

كما أنَّ هذه العقلية الإسرائيلية العنصرية واصلت عدوانها على المساجد والكنائس، والتجمعات البدوية في الأغوار والنقب تحديداً، وتخريب بيوتهم، ومحاصرتهم، ومنعهم من الوصول إلى مشارب المياه والمراعي في محاولة واضحة لاقتلاع أصحاب هذه التجمعات البدوية والسيطرة على أراضيهم ثم تهويدها تحت شعارات ومبررات متعددة.

ونحن نحتفي بيوم الأرض وشهدائه، فإنَّنا ندعو جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل وفي الشتات إلى مناصرة أهلنا في مناطق العام 1948، ودعم مطالبهم وحقوقهم في أرضهم وممتلكاتهم، والحصول على المساواة لا أن يكونوا ضحايا العنصرية الصهيونية، مؤكِّدين أنَّ شعبنا الفلسطيني في كل الأراضي الفلسطينية هو شعب واحد ومتماسك، وله تاريخ مشترك، وتراثٌ موحَّد، وتطلعات مستقبلية واحدة.  وانطلاقاً من هذه المفاهيم فإننا ندعو أبناء شعبنا خاصة في مخيمات لبنان إلى وقفة غضب إعلامية وسياسية جماهيرية للتعبير عن تضامننا مع أهلنا في الداخل بوجه المخططات الصهيونية المدمِّرة كما ندعو كافة القوى الفلسطينية إلى تكريس المصالحة الوطنية، وإنهاء حالة الانقسام الداخلية، وتفويت الفرصة على العدو الإسرائيلي الذي يسعى إلى تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، والحؤول دون إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة العام 1967، وبالمقابل السيطرة على الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية حيث التهديد الأميركي المتواصل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس كعنوان من عناوين شطب القضية الفلسطينية.

إننا في هذه المناسبة ندعو كافة القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية إلى الحفاظ على المخيمات وأمنها، وأهلها، ورفض كل المحاولات المشبوهة الرامية إلى تفجير الأوضاع الداخلية.

ونحن نعيش افتتاح القمة العربية فإننا ندعو القادة العرب لإعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية، فهي القضية المركزية للأمة ونأمل أن يضع الجميع ثقله السياسي والاقتصادي والدبلوماسي لتعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودعم صمود الشعب الفلسطيني في الداخل بوجه العدوان الصهيوني المتواصل على الثوابت والحقوق الفلسطينية. كما ندعو الدول العربية في هذه القمة إلى المساعدة لإنهاء الانقسام الفلسطيني من أجل توحيد الجهود الفلسطينية والعربية بوجه الاحتلال.

التحية إلى أهلنا وأبناء شعبنا في الداخل والشتات

كل التحية إلى الشهداء الأبرار وأُسرهم

كل التحية إلى صمود الأسرى في المعتقلات والزنازين

التحية إلى الجرحى وذويهم

ومعاً وسوياً حتى النصر

وإنَّها لثورة حتى النصر

حركة "فتح" – إقليم لبنان 2017/3/29