تجلس الفنانة التشكيلية تسنيم محمد الجمل ذو العشرينيات من العمر، في غرفتها بمنزلهم الواقع بالقرب من بوابة صلاح الدين وسط محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، التي كانت شاهدة على ولادة موهبتها منذ نعومة أظافرها وهي في مقتبل عمرها، أمام لوحتها البيضاء التي قامت بتركيبها على الاستاند الخاص بها، تعبر عما يدور بداخلها من مواقف ومشاعر وأحداث تدور على الساحة الفلسطينية.
وتقوم تسنيم بالجلوس لوحدها بغرفتها تمارس موهبتها التي رافقتها أجمل أيام حياتها، وتتمرن بشكل يومي حتى ترتقي بفنها ورسمها الذي تتمنى أن تصبح فنانة تشكيلة مشهورة على مستوى الوطن العربي.
ولادة واكتشاف موهبتها

تقول الفنانة التشكيلة وهى تجلس وتحيطها لوحاتها الفنية الجميلة التي عبرت فيها عن أحداث ومناسبات مر بها الشعب الفلسطيني والوطن العربي :"اكتشفت موهبتي منذ الصغر، كنت دائما أفضل اللعب واللهو بالأقلام والألوان الخشبية، فمعظم وقتي قضيته فالرسم وهذا ما جعلني أعشق الفن، لدرجة أنني أصبحت لا أستطيع العيش بدون أن أرسم أو أمارس موهبتي لو لساعة بشكل يومي."
وتضيف لـ مراسل "دنيا الوطن" "عندما تقدمت في الدراسة بدأت اشتغل على نفسي أكثر فأكثر، فأصبحت موهبتي تتطور بشكل تدريجي من خلال بعض المدرسات التي كانت تهتم بالطلبة الموهبين بالرسم، ومن خلال المشاركة في الأنشطة الرياضية والترفيهية والمخيمات الصيفية، كذلك المسابقات التي كانت تعقد على مستوي مدارس المحافظة والقطاع."
وتتابع تسنيم وهي تبتسم :"حبي لموهبتي جعلني اتحدى كافة الظروف، حيث عندما انهيت مرحلة الثانوية، قمت بالانتساب بجامعة الأقصى تخصص رياضيات، لكنني لم أكمل دراستي به، لأنني أعشق الفن وقمت بعدها بالتحويل إلى تخصص التربية الفنية فهوم ما أرغب به وأبحث عنه منذ طفولتي، لكي يساعدني في تنمية وصقل موهبتي بشكل أكثر مما هو عليه."

الرسم ببصمة الأصبع
كالمعتاد نري من الفنانين والفنانات من يرسم بقلمه الصغير، بريشته الناعمة، لكن لم نعتاد أن نرى أحد يرسم ببصمة الأصبع، فهي تعتبر طريقة جديدة للتعبير عن حب وعشق الرسم، فعند الوهلة الأولى عندما ترى لوحات رسمت بالبصمة تكاد لا تصدق، إلا عندما ترى بعينك، وهذا ما حصل معنا عندما ذهبنا لمنزل الفنانة تسنيم.
وتمضي تسنيم وهى تقوم برسم لوحة فنية ببصمة أصبعها أمام الكاميرا "حبي وعشقي لموهبتي جعلني أبحث وأفكر عن اختراع واكتشاف طريقة جديدة للرسم تكون خاصة بي، أتميز بها عن غيري من الفنانين والفنانات، فمن خلال بحثى على مواقع الفن ومتطلبات الدراسة، تمكنت من اكتشاف الرسم ببصمة الأصبع، وقمت بتطوير نفسي به حتى وصلت إلى مراحل متقدمة بهذه الموهبة وخاصة بالتميز بطريقة الرسم بالبصمة."
وأوضحت أن الدافع من بحثها واكتشافها لطريقة الرسم ببصمة الأصبع، هو أنها رغبت وأحبت أن تبقي وتترك لها بصمة في المجتمع الفلسطيني خاصة والوطن العربي والعالم عامة.
بموهبتها تساند أهل القدس
وبمشاعر الفرحة والسعادة بسبب ما يفعله شباب القدس بالاحتلال الاسرائيلي وبالمستوطنين، عبرت تسنيم عن مساندتها لهم بموهبتها التي تميزت بها، وواصلت حديثها :"أحببت التضامن مع أهلنا في القدس بطريقتي الخاصة، وهي من خلال تجسيد بعض المواقف التي بقيت خالدة في ذهني خلال اندلاع الانتفاضة الثالثة (انتفاضة القدس)."
واستطردت وهي تجلس وبجانبها لوحة رسم عليها صورة شاب ملثم، تعبر بها عن دعمها وتأييدها للدور الذي يقوم به الشباب الفلسطيني في القدس في التصدي للمحتل الغاصب التي أوغل في شراسته في الآونة الأخيرة في الأراضي المحتلة "نحن الفتيات في قطاع غزة لا يمكننا أن نفعل شيء لأهلنا في القدس، سوى الدعاء لهم بأن يثبتهم الله، وأنا أحببت دعمهم ومساندتهم بطريقة مميزة تساعدهم في الاستمرار ومواصلة الطريق."
وقامت الفنانة تسنيم برسم صورة لشاب ملثم، واهداتها لروح الشهداء، وكذلك لوحة لفتاة ملثمة أرادت من خلالها أن توصل رسالة أن المرأة لها دور كبير في مساندة الرجال في الدفاع عن أرض فلسطين، ولوحة أخرى لخنجر على شكل خارطة فلسطين، لأنه الأداة التي أدخلت الرعب لقلب المحتل الغاصب وهو عنوان انتفاضة القدس.
وشاركت تسنيم في عدد من المسابقات وحازت على جوائز متعددة، لكنها ترغب في مواصلة طريقها حتى تصل إلى مراتب متقدمة تساهم بها في رفعة اسم بلادها التي تعتز بها.