أكد الرئيس محمود عباس الموقف الفلسطيني لاستئناف المفاوضات الجادة التي تقود إلى إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، وأشار إلى أن الاستيطان في الأرض الفلسطينية، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، إضافة إلى الاعتداءات الهمجية التي يقوم بها المستوطنون، تشكل عقبة أمام نجاح الجهود الدولية الرامية إلى إنقاذ عملية السلام.
والتقى الرئيس في مقر الرئاسة برام الله أمس وزير الخارحية الأميركي جون كيري ووزير الخارجية البريطاني وليام هيغ كلا على حدة.
وجرى خلال اجتماع الرئيس وكيري، استكمال ما تم بحثه بينهما خلال الأسابيع الماضية، حول الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام.
وأكد الرئيس الموقف الفلسطيني إزاء متطلبات استئناف عملية مفاوضات جادة وذات مصداقية لإنقاذ حل الدولتين. كما أثار الرئيس مجددا، قضايا استمرار الاستيطان، والاعتداءات الاسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين، واستمرار اعتقال الأسرى.
وشارك في اللقاء أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة صائب عريقات، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية محمد مصطفى.
وعقد الرئيس والوزير الأميركي، جلسة مباحثات مغلقة استمرت زهاء الساعة.
وأعلن عريقات أن الرئيس وكيري بحثا خطة سلام يقوم وزير الخارجية الأميركي باعدادها.
وقال عريقات لوكالة فرانس برس عقب اللقاء "الخطة ما زالت حتى الآن في مرحلة الاعداد والاتصالات مع كافة الأطراف الفلسطينية والاسرائيلية والعربية والاوروبية وروسيا وكافة الأطراف الدولية المعنية بالسلام والاستقرار في منطقتنا".
وحسب عريقات فان "كيري يقوم بجولات مكثفة واتصالات واسعة للوصول الى صيغة لخطته" مشيرا الى انه "لا يوجد طرف في العالم يستفيد من السلام كما يستفيد الشعب الفلسطيني ولا يوجد طرف يخسر من استمرار الاحتلال كما الشعب الفلسطيني".
وأكد عريقات ان "دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة متصلة من دون استيطان هي ليست شروطا بل التزامات لتحقيق السلام".
وبدأ كيري زيارته بلقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس حيث قال في مستهل لقائه مع نتنياهو "أعرف هذه المنطقة جيدا لدرجة أنني أعلم ان هناك شكوكا، وفي بعض الأوساط هناك سخرية وهناك أسباب لذلك، وقد مضت سنوات مريرة من خيبة الأمل".
واضاف "نأمل انه من خلال كوننا منهجيين وحذرين وصبورين وواضحين وعنيدين، سيمكننا التقدم".
من جانبه قال نتنياهو "نريد اعادة اطلاق محادثات السلام مع الفلسطينيين" مشيدا بجهود وزير الخارجية الأميركي. واضاف "هذا أمر نرغب به وأمر ترغب به ونأمل ان يكون الفلسطينيون يرغبون به ايضا".
ورحب كيري "بجدية" نتنياهو في "بدء العمل" الأساسي الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي باراك اوباما في زيارته في آذار الماضي.
وأشار كيري الى ان الجنرال الأميركي جون الين "موجود هنا على أرض الواقع للعمل مع نظرائه حول مسائل الأمن".
ولم ينجح كيري خلال شهرين من اللقاءات باحراز أي تقدم سوى احياء مبادرة السلام العربية التي يعود تاريخها الى عام 2002 بدعم من قطر. بينما يواصل الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني تبادل الاتهامات حول العوائق التي تحول دون استئناف محادثات السلام.
وما يؤكد تعقيد مهمة وزير الخارجية الأميركي انقسام الوزراء الاسرائيليين حول القضية الفلسطينية باعتراف وزيرة القضاء الاسرائيلية تسيبي ليفني المسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين. وقالت ليفني التي التقت كيري أمس للاذاعة العامة "توجد خلافات ايديولوجية داخل الحكومة". واشارت الى ان تعثر المفاوضات منذ أكثر من ثلاث سنوات "لا يخدم سوى الذين يعتقدون كل يوم ان بامكانهم الاستيطان على أرض (في الضفة الغربية) وبناء منزل جديد (في مستوطنة) وبأنه بهذه الطريقة يمكن منع التوصل الى اتفاق".
وكانت ليفني تشير الى لوبي المستوطنين وايضا الى شركاء آخرين مهمين في الائتلاف الحاكم.
واعترفت ليفني التي تترأس حزب "الحركة" الوسطي الذي ركز في حملته الانتخابية على اعادة اطلاق محادثات السلام بأنها "الوحيدة التي تقاتل من أجل هذا الموضوع (استئناف المفاوضات)".
من ناحيته، قال معلق في الاذاعة العامة انه "حتى الآن فان كافة جهود جون كيري لم تسفر عن أي نتيجة. وبالنسبة للمسؤولين الاسرائيليين فان المهم هو ألا يتم اتهامهم من قبل واشنطن بالفشل المحتمل للزيارات المكوكية التي يقوم بها وزير الخارجية".
وهذه الزيارة الرابعة لكيري الى اسرائيل والأراضي الفلسطينية منذ توليه حقيبة الخارجية في شباط الماضي.
واشارت الاذاعة الاسرائيلية الى ان هذا الهدف يفسر قرار نتنياهو مؤخرا بتجميد طرح عطاءات جديدة لبناء وحدات استيطانية في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
بينما ستقوم الحكومة الاسرائيلية بتشريع اربع بؤر استيطانية في الضفة الغربية بأثر رجعي بعد ان كانت تعهدت بهدمها ولو جزئيا.
وعلى الرغم من التصريحات العلنية بدعم جهود كيري لدفع الجانبين الى طاولة المفاوضات، يبدو الجانبان متشككين في امكانية نجاح جهوده.
وعلى الجانب الفلسطيني فان اللهجة غير مشجعة ايضا حيث قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي انها ترى بأنه "لا يوجد استعداد" لدى الجانب الاسرائيلي للعودة الى المفاوضات مشيرة الى ان الأمر "كما لو يريدون جعل مهمة كيري مستحيلة" ومشيرة ايضا الى ان الرئيس ينتظر نتائجها حتى 7 من حزيران المقبل.
ورأى نمر حماد المستشار السياسي للرئيس انه "من الواضح الآن ان الاسرائيليين يهينون الجهود الأميركية".
ويبدو كيري مصمما على مواصلة جهوده، حيث سيعود الى المنطقة الاثنين للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي العالمي في الأردن الذي سيشارك فيه الرئيس عباس والرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس.

الرئيس يستقبل وزير الخارجية البريطاني
واستقبل الرئيس مساء أمس بمقر الرئاسة في رام الله، وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ، حيث اطلع على آخر مستجدات العملية السلمية، والجهود الدولية المبذولة لإحيائها.
وأكد الرئيس الموقف الفلسطيني لاستئناف المفاوضات الجادة التي تقود إلى إنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967.
وأشار الرئيس إلى أن الاستيطان في الأرض الفلسطينية، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، إضافة إلى الاعتداءات الهمجية التي يقوم بها المستوطنون، تشكل عقبة أمام نجاح الجهود الدولية الرامية إلى إنقاذ عملية السلام.
بدوره، قال هيغ، في تصريح للصحفيين عقب اللقاء: "ناقشنا مع الرئيس عباس العديد من القضايا المهمة، ونحن نعبر عن تقديرنا الكبير لرجل السلام (الرئيس عباس) الذي وقف دوما ضد العنف، وبحث عن حل سلمي وفق حل الدولتين". وأضاف: "ننظر باهتمام بالغ للتعاون مع وزير الخارجية الأميركي، الذي يزور المنطقة للمرة الرابعة، ونحن طالبنا الجانب الأميركي بمضاعفة جهوده المستمرة منذ 20 عاما لدعم السلام". وتابع: "أنا سعيد جدا بالطاقة الكبيرة التي يبديها الوزير كيري، ونحن ندعم كبريطانيا واتحاد أوروبي جهوده في هذا المجال".
وقال: "نحن نؤمن بضرورة حل الصراع الفلسطيني ?الإسرائيلي وفق مبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967، مع تبادل للأراضي متفق عليه، والقدس عاصمة للدولتين، مع إيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين".
وأضاف هيغ: "هذا ما يجب أن يكون القاعدة الأساسية لحل الصراع، المستند على رؤية الدولتين، وهنا أؤكد أن حل الدولتين لا يمكن أن يصمد طويلا، فالظروف تتغير، ولم يتبق الوقت الكثير أمام تطبيقه على أرض الواقع، لذلك هي قضية عاجلة وطارئة جدا".
وأشار إلى أن بريطانيا تعمل مع الجانب الأميركي، والطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، للحديث عن أمن إسرائيل، وقضية الدولة الفلسطينية الحرة القابلة للحياة، موضحا أن هذه الملفات نوقشت مع الرئيس عباس.
وقال: "أكدنا أننا نريد أن تبدأ المفاوضات على أساس القاعدة التي أشرنا إليها سابقا، لكن من الواضح أن هذه القضية ما زالت في مكانها، ونتمنى أن تنطلق خلال الأسابيع المقبلة".

هيغ يعاين منطقة "اي 1" والخان الأحمر
وزار هيغ منطقة "اي 1" واطلع على مدى الأثر الاستراتيجي الذي يسببه بناء المستوطنات في تلك المنطقة على صلاحية حل الدولتين. كما زار هيغ تجمعا للبدو الفلسطينيين في الخان الأحمر قرب منطقة "اي 1" واستمع إلى عدد منهم حول أثر الاحتلال على هذه التجمعات الفلسطينية المهمشة، كخطر هدم البيوت وهجمات المستوطنين.
وقال هيغ، عقب لقاءاته: "لقد صرحت مرارا في الأشهر السابقة أنه لا يوجد أي أولوية عالمية أكثر الحاحا من البحث عن السلام في الشرق الأوسط، إن الوضع على الأرض يزداد سوءا، وكما شاهدت بنفسي اليوم فإن استمرار توسع المستوطنات الإسرائيلية يشكل مصدر قلق حقيقي، حيث أن هذه المستوطنات غير قانونية حسب القانون الدولي".
وأضاف: "بعد الاستماع إلى قصص سكان الخان الأحمر شعرت بمدى صعوبة الحياة التي تعيشها التجمعات الفلسطينية في تلك المنطقة، وبضرورة تحقيق تقدم في عملية السلام".

لقاء هيغ ونتنياهو
وقبيل لقائه نتنياهو أكد هيغ ان السلام بين اسرائيل والفلسطينيين هو "أولوية" خلال زيارته الى المنطقة. وقال هيغ للصحفيين "عملية السلام في الشرق الأوسط هي اولوية ملحة للمملكة المتحدة وللعالم".
واكد هيغ "نرحب بالالتزام القوي جدا (لاحياء محادثات السلام) الذي اظهره الرئيس (باراك) اوباما خلال زيارته الأخيرة الى هنا والوزير كيري الموجود هنا مرة اخرى".
وأضاف "زيارتي هنا هي لدعم هذه الجهود" مؤكدا "نحث كافة الأطراف على دفع عملية السلام الى الأمام واعطاء قيادة قوية ومصممة ستسمح بنجاح ذلك". وأكد ان السلام "ضروري وعادل وممكن".