يدهشني مبلغ الصراحة والوضوحلدى قادة ومشايخ ومسؤولي حماس عند اندفاعهم في التعبير عن المواقف، فهم يكشفون عن قصدعن مكنونات خطابهم الأدبي والعقائدي السياسي لجماعتهم ويمررونه بين الكلمات لمن تعنيهمالرسالة، لكنا نفترض بالوقت نفسه أن العقل الباطني لدى الجماعات والأحزاب والحركاتالدينية وتحديدا الاسلاموية أكبر من قدرة مشايخهم على استيعابه والسيطرة عليه وتقديمهللجمهور في اشكال كلام مزخرف، ففي كل مرة يحاولون التعبير عن موقف سياسي ما في الشأنالوطني او العربي يسقطون في فخ العدائية للوطنية الفلسطينية حتى لتحسب نفسك أنك أماماحد عتاولة منظري المشروع الصهيوني الذي يكون بديهيا معاداته للهوية الوطنية الفلسطينيةلظنه انها ماتت واصبحت عظامها رميما منذ وعد بلفور قبل حوالي مئة عام، فمسؤولي حماسومشايخهم وخاصة الذين يحاولون اتخاذ النصوص القانونية سندا سرعان ما تدفعهم نواياهمومفاهيمهم بقوة شحن مسبوق ومبرمج الى مربع الجهر بالعداء للوطنية الفلسطينية وما البيانالصحفي للشيخ احمد بحر الذي سمى نفسه نائب رئيس المجلس التشريعي – العاطل المعطل –الا نموذج على ما نقرأ في سلوكات قادة الاخوان المسلمين (فرع فلسطين )... سامحونا فأناكلما اضطررت لذكر (فرع فلسطين ) اتذكر التعذيب (فرع فلسطين ) للمخابرات السورية فيدمشق حيث ضغط دماغي مع قدمي حتى أصبحا في مستوى واحد داحل الفراغ الدائري في دولابالكاوتشوك « نمرة بقياس عجلة سيارة الاجرة سرفيس» ثم قلبت على ظهري ثم بدأ الجلد بالكابلالفولاذي ذي القشرة البلاستيكية... فالجمهور الفلسطيني يتعرض الآن لعملية تعذيب مشابهةتجعل دماغ المرء عند قدميه ثم يقلبونه على ظهره فلا يرى الا الفضاء، ثم يمطرونه بمفاهيمحامضية تذيب الوعي وتفقد المرء القدرة على الادراك والتحليل.جاء في بيان ما يسمى رئاسةالمجلس التشريعي حول الخبر الاسرائيلي بخصوص تصريحات الرئيس ابو مازن الذي اتخذناهنموجا للعدائية للوطنية الفلسطينية بالنص الحرفي على لسان الشيخ احمد بحر: «ان جريمةالتنازل عن حق العودة... الخ» ثم يصل الى الجملة التي نقصدها في ذات الفقرة فيقول:«ان هذه المحاولات عبثية تجسد حال الافلاس السياسي الذي وقعت فيه سلطة رام الله بفعلسقوط مشروعها الوطني السياسي.... الخ» فالشيخ بحر لم يخف العداء للمشروع الوطني الفلسطينيفأورده عن قصد او دون قصد،.. لكنه رغم استكباره يعترف بأن القيادة الفلسطينية تحملامانة تحقيق مشروع وطني، فالرجل لم يفلح رغم التهم المعلبة الجاهزة سلفا، في تغطيةالعدائية ولا في مواراة الاعتراف «اللامقصود» بأن سلطة رام الله - كما سماها- تحملمشروعا وطنيا بامتياز. هذا من حيث الجهر بالعداء للوطنية، اذ يجب ألا ننسى أن حماستجاهر بأنها تحمل مشروعا اسلامويا ويجاهر بذلك خالد مشعل واسماعيل هنية ومحمود الزهارأي كل زعماء التيارات المتنافسة في حماس ومنهم احمد بحر الذي يزيد في بيانه من منسوبالقدح والذم حتى يصبح وصف الأجهزة الأمنية بالفلسطينية تحقيرا، مثلما جاء في الفقرةالتاسعة من بيانه العدائي لكل ما هو وطني فلسطيني: «ان الانتفاضة حينما تندلع لا تحتاجالى اذن من أحد... الخ ثم يمضي ليصل للقول: «مهما بلغ رهانه على الأجهزة الأمنية الفلسطينية»ثم يقع عضو «رئاسة المجلس التشريعي» على دماغه، فتسقط ورقة التوت عن عورة المشرع اوهكذا يفترض ان يكون، عندما اتهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية المنصوص عليها بالقانونبالارتباط مع الأجهزة الأمنية الصهيونية، وكأن الخيانة لم تعد على فرد أو اثنين اوخلية او اثنتين وانما على الشعب الفلسطيني كله لأن كل مناضل في هذه الأجهزة الأمنيةيمثل عائلة فلسطينية، فكل عائلة فلسطينية تفتخر بابنها المناضل في سلك هذه الأجهزةالتي بلغ عدد الشهداء والأسرى والجرحى من منتسبيها ما يفوق قدرة الشيخ احمد بحر علىالعد. فهل أصدق من الحكمة : «ان لم تستح فافعل ما شئت؟!» لكن الواجب هنا أن نذكر الشيخبحر أن الخيانة العظمى هي كذب ابن آدم على الله، وأن ابليس كان صادقا ولم يكذب