خاص- مجلة القدس/ هذا التساؤل يفرض نفسه بقوة استناداً إلى المعطياتالبارزة  التي لم تعد محلَّ تأويل أواختلاف ، فالرئيس أبو مازن هو العقبة الكأداء بوجه المشروع الإسرائيلي القائم علىتدمير حل الدولتين، ونسف الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967، واعتبار القدسعاصمة "دولة إسرائيل اليهودية" ورفض أي حوار حول إمكانية تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين استناداًإلى القرار 194، ثم تكريس الدولة ذات الحدود المؤقتة التي تعمل الحكومةالإسرائيلية على تسويقها وفرضها كبديل عن كافة الثوابت الفلسطينية التي تشكل الحلمالفلسطيني بعد مرور أربعة وستين عاماً .

الرئيس  أبو مازن هو العقبة الأساسية للأسباب التالية:

أولاً: هوالرئيس المنتخَب، وهو قمة الشرعية الفلسطينية ، فهو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمةالتحرير الفلسطينية.

 

ثانياً: إنالقمم الفلسطينية التي عُقدت في القاهرة عند توقيع وثائق المصالحة الفلسطينيةبرئاسته ، وبإقرار من كافة الفصائل تؤكد الاعتراف برأس الشرعية الفلسطينية .

 

ثالثاً: إنَّالخطاب السياسي الذي اعتمده الرئيس أبو مازن سواء أمام الأمم المتحدة ، أوفيالمؤتمرات الدولية،أو في المناسبات الوطنية، أو في الحوارات مع كافة الجهات وعلىاختلافها، هذا الخطاب كان مميزاً، ويرتكز إلى الثوابت الفلسطينية ، ويعتمد علىالعقلانية، والموضوعية، والإقناع، ويتحدث دائماً بلغة واحدة وواضحة، وهذا مايُغضبُ الجانبَ الإسرائيلي المحصور في زاوية العنصرية والإرهاب الرسمي المنظم.

 

رابعاً: إنَّالموقف الصلب والمبدئي تجاه موضوع الاستيطان والمفاوضات الذي التزم به الرئيس أبومازن بعد أن أخذ قراره الشجاع بوقف المفاوضات إلا بعد أن يلتزم الكيان الإسرائيليعلناً بوقف الاستيطان، والموافقة على قرارات المرجعية الدولية المتعلقة بالقضيةالفلسطينية ، هذا الموقف كشف حقيقة الموقف الإسرائيلي المخادع والرافض لعمليةالسلام ، كما أنه وضع المجتمع الدولي وخاصة الرباعية الدولية أمام الحقيقة الواضحةوهي ان الاحتلال الإسرائيلي يشكل الأزمة الحقيقية وهو الذي يهدد عملية السلام برمتها،وللأسف فإن هذه الاطراف الدولية خالفت القرارات الدولية وصبَّت ضغوطاتها علىالرئيس أبو مازن طالبة منه العودة إلى طاولة المفاوضات وإلاَّ...

ورغم ذلك ظلَّالرئيس على وعده ولم يخضع للابتزاز ولا للتهديد، وهذا الموقف عزَّز مكانة الشرعيةالفلسطينية وتحديداً الرئيس أبو مازن ، وبالمقابل ظهر أوباما عاجزاً مستجدياًنتنياهو ،  متراجعاً عن كل وعوده السابقة،باحثاً عن جولة رئاسية جديدة على حساب المواقف المبدئية التي سبق أن التزمَ بها.

 

خامساً:الرئيس أبو مازن وهو من مدرسة عرفات نفسها فهو لا يعرف المساومة ، ولا يبيعالمواقف، ولا يتاجر بالقرارات والخيارات ، فعندما دعاه أمير قطر ليلتقيه في قطاعغزة لم يقبل هذه الدعوة رغم حرصهِ على المواقف العربية وعلى التضامن العربي،والسبب هو أن الرئيس لا يقبل أن يكون مُلحقاً فهو يمثل فلسطين والشعب الفلسطيني فيكل مكان، ولو ذهب مُلحقاً ودون وجود مصالحة فلسطينية أصلاً لضاعت هيبة فلسطينوهيبة القضية، فالرئيس إختار فلسطين ولم يختر ملايين الدولارات رغم الحصار المالي،وبالتالي فإن فلسطين هي الباقية وهي الأغلى منَّا جميعاً.

 

سادساً: إنَّمعركة الحصار المالي التي يقودها الرئيس أبو مازن بوجه مختلف القوى المشاركة فيتقليص قيمة المبالغ المطلوب دفعها، واحياناً الامتناع عن الدفع لأهداف سياسية أهماتركيع القيادة الشرعية الفلسطينية سياسياً، والتراجع عن المواقف الثابتة، وخاصة مايتعلق بموضوع المفاوضات الثنائية لتكون حسب الشروط الإسرائيلية.

فرغم الضغوطاتوالتهديدات العلنية الأميركية والإسرائيلية والأوروبية، إلاَّ أنَّ الحلمالإسرائيلي لم يتحقق في كسر العنفوان الفلسطيني والفتحاوي تحديداً فنحن نجوع ونعرىولا نستسلم.

هذه هيباختصار أبرز مواصفات الشخصية القيادية الأولى المُستهدفة اليوم،ووسائل الاستهدافمتعددة ومفتوحة على كل الاحتمالات لأن هذه المواصفات شكلت أزمة حقيقية وخانقةللموقف الأميركي والإسرائيلي. وأصبح المطلوب التخلص من هذه العقبة مهما كلَّفالثمن ، وفي هذا المجال علينا أن لا ننسى أنه قبل الانقلاب الذي جرى في حزيران2007 في قطاع غزة قد تم حفر خندق يمتد إلى مدخل بيت الرئيس  أبو مازن، والهدف هو وضع كميات من المتفجراتتحت الشارع ثم تفجيرها لتحطيم السيارة وقتل من فيها، وقد تم اكتشاف هذه المؤامرةوعرضها في وسائل الاعلام، ولو نجحت هذه الخطة لتمَّ تعيين الدكتور دويك رئيساًللسلطة، وتصبح الرئاسة والحكومة والمجلس التشريعي بيد حركة حماس.

 

ولا شك أنالتهديدات الدموية التي صدرت عن لبيرمان وعن نتنياهو تقودنا إلى وضع كافةالاحتمالات أمامنا, وان نتعاطى بجدية مع هذه التهديدات الصادرة من أعلى سلطةإسرائيلية، وهذا ما يفرض على الشعب الفلسطيني وقواه الحيَّة الالتفاف حول الرئيسأبو مازن، والتضامن معه، وتأمين الحماية الرسمية ، والجماهيرية، والأمنية حتى نضمنمواصلة التصدي للمشروع الصهيوني، ونتجنب ما هو مرسوم لنا من قبل سلطات الاحتلاللإفقادنا زمام المبادرة، وإدخال الساحة الفلسطينية في مرحلة فقدان التوازن الداخليوانعاش الفتن والصراعات الداخلية.

 

على الجميع أنيدرك أولاً بأنَّ الكيان الإسرائيلي يرتكز في ادارته للصراع عسكرياً وسياسياًعلى  الانقسام لتحويله إلى واقع سياسي ينسفمفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهذا الانقسام يُذْكي الصراعاتالداخلية ، ويدمِّر كافة المساعي الجارية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وإنجازالوحدة الوطنية.

 

والمرتكزالثاني هو الدولة ذات الحدود المؤقتة غير المعنية بالقدس عاصمة، ولا باللاجئينوعودتهم . ولا بالسيادة ، ولا بوحدة الجغرافيا.

 

والكيانالإسرائيلي يعرض مثل هذه الحلول على من يريد أن يشتري ليدخل معه في مفاوضات علىهذه الأرضية لتحقيق الأهداف الإسرائيلية بعد اتساع الاستيطان ، وممارسة التهويد .

 

هذانالمرتكزان أعطاهما الرئيس ابو مازن الاهتمام الكبير فمن جهة تمسَّك بالمصالحة ، وسعى لها ، وذلَّل كلَّالصعوبات من أجلها، وكان أوَّل من يوقِّع على الوثائق، وأول من يلتزم لأنه يدركمخاطر الانقسام المدمِّرة. كما أنه كان دائماً يعلن وبالفم الملآن رفضه للدولة ذاتالحدود المؤقتة ، لأنها مؤامرة على مستقبل القضية الفلسطينية .

 

أمام هذاالواقع ندعو كلَّ الجهات التي استغلَّت الأزمة المالية وخرجت إلى الشوارع ، وخاصةالذين تطاولوا على موقع الرئاسة ، وصبُّوا جام حقدهم عليه   بما يمثل، وخاصة الذين وصلوا إلى المقاطعةلتوجيه شتائمهم إلى القيادة متناسين أن المشكلة هي مع حاجز قلنديا، وأن الشتائميجب أن تُكال على رأس نتنياهو وليبرمان ، نحن ندعو الجميع لدراسة أسباب الأزمة،وتقصي الحقيقة المتعلقة بالحصار المالي المُرعب، والهادف إلى تركيع القيادةالفلسطينية. وهذا يقودنا إلى سؤال جوهري وهو:

أمام كل أشكالالحصار المالي، والانقسام الداخلي، والتهديدات الإسرائيلية، والتحديات الأميركيةبعدم الذهاب إلى الأمم المتحدة، وتغييب المصالحة الفلسطينية، هل يجوز لمجموعاتفلسطينية بغض النظر عن هوياتها السياسية، أو الاجتماعية، أو العُمْرية، أوالفصائلية ان تكون ظهيراً للعدو الإسرائيلي في هجمته الشرسة على الرئيس أبو مازنسواء بقصد أو بغير قصد؟

 

الرئيسأبو مازن واضح وضوح الشمس، انه متمسك بالثوابت الوطنية، مؤمن بالمصالحةالفلسطينية، والانتخابات بالنسبة إليه حق للشعب الفلسطيني من أجل أن ينتخب قيادته،ويحدد خياراته، وهو لا يخضع لضغوطات الاحتلال والأعداء، ولا يقبل من الأقرباءوالأبناء لا الابتزاز، ولا التطاول ، ولا تشويه المقامات والمواقف، ولا المتاجرةبالشعارات، لأنَّ في ذلك خدمة لسياسة الضغوطات والحصار. والواقع يقول أن الربيعالفلسطيني يجب أن يكون نقياً من سموم الانتهازية والوصولية، وموجَّهاً إلى صدرالاحتلال فهو العدو، وهو مصدر تدمير كل أهدافنا وأحلامنا، ونحن نثبت فلسطينيتناعندما نوجَِّه كلَّ الجهود لمقاومة الاحتلال، والاستيطان، والتهويد، وعندما تبدأالمقاومة الشعبية التي نادى بها الرئيس أبو مازن، فلا تضيِّعوا اتجاه البوصلة مهمااشتد الضباب