خاص/مجلة القدس، تخيّلأنّك في بيت بدون أعمدة، وسقف يهتزّ من دعسة نملة، الى متى ستصمد؟

 تخيّل أنك تبني فوقه بيتاً لابنك المقبل علىالزواج على هذا السطح المخلخل في قلب المخيم، وأن الأمور سارت وقتها بخير، ولكنالى متى؟

 تخيّل انك تبني قبراً بطابقين وأكثر، وأن عائلاتستسكن وتكبر فيه فكيف ستكون حياتهم؟

 تخيّل بيتك المتكىء الى بيت جارك، وبيت جاركالمتكىء على... الى متى سيبقى هذا الإتكاء صامداً؟

تخيّل انأبناءك أصبحوا في مقتبل العمر ويريدون ان يشقّوا طريقهم ويؤمّنوا مستقبلاً أفضل،فهل يقدرون؟

تخيّل انهماصطدموا وانصدموا برواتبهم الزهيدة التي لا تقوى على الوفاء باحتياجاتهم وآمالهموطموحاتهم، هذا اذا كانوا سيشتغلون أصلاً، وأنك بالكاد تقدم لهم المساعدة فيحدودها الدنيا، لأن امكانياتك انت الآخر ضئيلة ضئيلة، وأحياناً تعجز عن ذلك، هذاإذا لم تكن أنت بحاجة الى من يساعدك فكيف ستتصرف؟

 تخيّل انك محاصر وإياهم بقوانين العمل، وحقالتملك التي تحرِّم على الفلسطيني ان يكون بشرياً، وهذا الواقع موجود وفي يومياتكممن المهد الى اللحد، ماذا ستفعل؟

 تخيّل لو أن التحريض العنصري ضدك، والهزء منك،سيبقى مستمراً في بعض المحطات الاعلامية ماذا ستفعل؟

تخيّل اناحدكم لا يقوى على إغاثة الآخر كما هو واقع الحال، وهَمَّ بالسفر حتى يقدر انيغيّر ولو قليلاً من معادلة الواقع القائم، فهل يقدر؟

تخيّل انكمتريدون العودة الى وطنكم، ولا تريدون توطيناً، ولا تهجيرا، فهل بالامكان ذلك؟ وهليصدقك أحد؟

تخيّل أنالمخيمات امتلأت أفقياً وعمودياً عن بكرة أبيها، ولم تبق زاوية إلاّ وتم استغلالهاليعشعش الفلسطيني فيها، وأنكم اصبحتم فائضاً على المساحة العظيمة المقدمة منالاونروا والدولة للمخيمات، أين ستنتهون؟

 تخيّل في مثل هذه الحال لو ان الدولة بدأتتتخيّل ذلك مثلك، ماذا تتوقع ان يحلّ بك؟

 تخيّل لو مرّة احتجتَ لمن يسعفك ويؤازرك بمال اوطبابة وآثرت ان تتحمل العوز والمرض على ألا تنكسر لأحد كما تفعل في كل مرة، فكيفستتصرف؟

 بربك، كم عيداً مرّ عليك وأنت تتحسّر ولعابكيسيل امام ما تراه من الطيبات والملابس الأثيرة، فكظمت بداخلك جنوح الرغبات، وعضضتعلى هوجاء الحاجة، ومشيت مشرئب الرأس رافع المنكبين، كأن هذا لا يعنيك ولا يعنياولادك، وبكبرياء تجاهر بأنكم أكبر من ذلك؟ ثم تبدأ تواسي الابناء بالآمالوالأحلام الطوال التي ستأتي يوماً ما، فهل أنت مقتنع بذلك؟!

 بربك قل، من يمتلئ فرحاً أكثر انت أم ابناؤك حينتقدم لهم اللحم المشوي، أو تقدم لإحدهم حذاء جديداً ولباساً مقبولاً؟

بربك قل، منيضمن ان تبقى تؤاسي هذا وذاك الى ما شاء الله دون ان تتخلّق او تتبرّم؟

اخبرني بربك،ماذا لو ان مخيم نهر البارد ظلّ على ما هو عليه حبيس الوعود والتبرعات الخيرية،وان جيلاً آخر ترعرع على وقع هذه المأساة، واصبح لكل جيل مأساته الخاصة، فعن أيمأساة ستتحدث؟

الا ترى معياننا جميعاً  نعيش نهراً بارداً بطريقة اوبأخرى؟

 كم من مخيم اندثر في حياتنا؟ أليست قلوبنا خائفةعلى ما بقي منها خوفاً من الاندثار؟

 الى متى ستظل راضياً تفتح كوّة هنا، وترتق فتقاًهناك؟

 لو قرأت كل الروايات وكل الاساطير،

 لو شاهدت كل افلام الحروب الدولية والكونية،وشاهدت  كيف جرت وتجري وعلى أية مقاساتوتفصيلات،

لو امعنتالنظر والتفكير في خفاياها وخلفياتها لوجدتها تافهة امام الجرائم البشعة المرتكبةبحقنا كأناس وبشر،

لو افترضناانك استغنيت عن عواطفك وميولك وانطباعاتك، وعدت إنساناً جديداً بجينيّات وخلايامختلفة ماذا سيتغيّر؟

لو رفعت همومكالوطنية والانسانية الى الهيئات الدولية والمجتمعية ليعلنوا وقوفهم معك، ماذا تعتقدانه سيتغيّر؟ طالما عدوك هو هو، وحليف عدوك هو هو.

 لو قام الشعب بأجمعه وفعل كما فعل خضر عدنان،وهناء شلبي، وأضرب عن الطعام، ووصلت اخباره الى اقاصي الدنيا، واحشاء الارض، وغرفنوم الرؤساء، والزعماء، والحكام، والأمناء العامين، والبشرية جمعاء، وأصرّ علىمطالبه المحقة، هل تعتقد ان شيئاً ما سيتغير.

محمد سعيــد