في الثاني من تشرين الثاني من كل عام، تتجدّد ذكرى وعد بلفور المشؤوم، الذي يمثلُ الخطيئةَ الكبرى في تاريخ الإنسانية الحديث، ووثيقةَ الانحياز السافر التي منح من خلالها قبل 108 أعوام مَن لا يملك لِمَن لا يستحق، في إطار مؤامرة استعمارية متكاملة هدفت إلى اقتلاع شعب بأكمله وتزوير تاريخ أمة. فكان هذا الوعدُ حجرَ الزاوية لمأساة شعبنا المتواصلة، ومُمهّدًا للنكبة والنكسة ولسلسلة الحروب وجرائم الإبادة الجماعية من دير ياسين إلى غزة، ومن اللدّ إلى جنين.
أبناء شعبنا الفلسطينيّ الصّامد في الوطن والشتات،
تحلّ هذه الذكرى الأليمة اليوم، وشعبُنا يواجه أعتى فصول المؤامرة والعدوان، حيثُ يواصل الاحتلال الصهيوني، مدعومًا بغطاءٍ أميركيّ، عدوانه الآثم وجرائمه الممنهجة بحق أهلنا في قطاع غزة، وفي الضفةِ الغربية، والقدس، محاولاً تصفيةَ قضيتنا الوطنية وطمسَ حقوقنا التاريخية غير القابلة للتصرف، وما هذه الجرائم المتصاعدة إلّا امتدادٌ مباشرٌ لذلك الوعد المشؤوم الذي لم تتوقف تداعياته بمرور الزمن، بل أثبت أنه مشروعٌ استعماريٌّ متجدّدُ الأهداف.
إنّنا في حركة "فتح" - إقليم لبنان، ونحن نستحضر هذه الذكرى الأليمة، نؤكّد أنّ وعد بلفور الباطل ليس حدثًا من الماضي، بل جريمةٌ مستمرّة لن تسقط بالتقادم، وإذ نثمّن اعتراف بريطانيا مؤخرًا بدولة فلسطين كخطوة تصحيحية على طريق التكفير عن خطيئتها التاريخية، التي تسبّبت بمأساة لا يزال شعبنا يدفع ثمنَها ظلمًا وتهجيرًا وقتلاً، فإنّنا ندعو سائر دول العالم إلى المسارعة باتّخاذ الخطوة ذاتها، ورفع الظلم عن شعبنا الفلسطيني، كما ندعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته وتفعيل آليات المساءلة بحق الاحتلال على جرائمه ضد الإنسانية.
جماهيرَ شعبنا الفلسطينيّ، أبناءَ الثورة والتضحيةِ والفداء،
إنّ ردّنا الحقيقي على وعد بلفور وتداعياتِهِ لا يكونُ إلاَّ بتجسيد وحدتنا الوطنية، والالتفاف المُطلَق حول منظمةِ التحرير الفلسطينية، ممثّلنا الشرعي والوحيد، والتمسّك بالثوابت الوطنية التي استشهد من أجلها قادتنا الأوائل، وعلى رأسهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، والوفاء للمسيرة التي يواصل قيادتها السيّد الرئيس محمود عبّاس، الأمين على قرارنا الوطني المستقل.
وإذ نترحّم على شهدائنا الأبرار، ونشدّ على أيادي شعبنا الصامد في الوطن والشتات، نؤكّد في حركة "فتح" - إقليم لبنان إيماننا وثقتنا بأنّ قيادتنا الحكيمة وشعبنا الذين أفشلوا الوعد وتبعاته على مدى أكثر من قرن، لهم قادرون اليوم أكثر من أي وقت مضى على إسقاط كلّ مشاريع الإلغاء والتصفية والتهجير، ومواصلة مسيرة الكفاح حتى تحقيق أهدافنا الوطنية بالحرية والاستقلال الناجز، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على ترابنا الوطني وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هُجّروا منها قسرًا.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
والحريّة لأسرانا البواسل،
والشفاء لجرحانا الميامين،
وإنّها لثورةٌ حتّى النّصر والعودة
قيادة حركة "فتح" - إقليم لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها